الموساد والجيش وضم الضفة الغربية

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

الموساد والجيش وضم الضفة الغربية 
بقلم ناصر ناصر 
27-6-2020 
​​​​​​​
بينما يتدرب الجيش وللمرة السابعة على التوالي على سيناريوهات ضم متعددة، حيث لم يتلقى بعد خطة الضم النهائية لنتنياهو، والتي تشمل حجم و عمق و توقيت الضم، يتحرك يوسي كوهين رئيس الموساد، ورجل نتنياهو "الخاص" بين عاصمة عربية وأخرى وكأن الضم"غداً صباحاً "؛ من أجل ما أسماه في جلسة الكابنيت قبل أيام "بعرض موقف نتنياهو من الضم وللتخفيف من حدة ردة الفعل العربية، دون أن يحافظ على سرية هذه اللقاءات -كما هو مفترض- لدرجة أغاظت بعض الوزراء والمسؤولين، ليس خوفاً على ما تبقى من "ماء وجه" بعض القادة ، ولا حرصاً على مصالح إسرائيل الأمنية؛ إنما لتصاعد نجم رئيس الموساد والمرشح لخلافة نتنياهو ، فما حقيقة هذه اللقاءات؟ وما هو سر التناقض بين الجيش والموساد؟ قد يكون وضع الجيش من حيث عدم تلقي أي موعد، أو خارطة نهائية للضم حتى الآن هو المؤشر الأكثر دقةً لتقدير الموقف حول الضم، وهو يشير إلى أن الضم قادم، ولكن التوقيت لن يكون في يوليو كما يؤكد نتنياهو كتكتيك على الأرجح، وقد يكون في أيلول القادم وفي كل الأحوال قبل نوفمبر ٢٠٢٠ موعد الانتخابات الأمريكية . أما تحركات رئيس الموساد النشطة فإنما تدل على أهمية "الموقف العربي " والإقليمي بالنسبة لقرار الضم من حيث الحجم والتوقيت. رئيس الموساد كوهين سيزور ووفق ما نشرته يديعوت ٢٦ /٦ دولاً عربياً عدا الأردن، كمصر وبعض الدول الخليجية، فتعاون العرب "فراداً أم جماعات" هو أحد أهم شروط تمرير الضم، حتى بصورته الجزئية أو المحدودة.
فلا يقولن عربيٌ ،"ما باليد حيلة"، وما صنع هذه المعادلة الغريبة نوعاً ما، هي تفاعلات العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، فكوشنير اشترط "توافق وطني" إسرائيلي داخلي لتمرير الضم وتفاهمات معينة مع العرب، أما غانتس فاعتبر الموافقة أو التوافق مع العرب إضافة لبعض شروط الضم كأن يكون مقلصاً قدر الإمكان شرطاً لموافقته على الضم المحدود؛ لذا فقوى العرب الحية مطالبة بالتحرك .
كوخافي :الجيش يميل إلى فكرة "الانفصال" التاريخية عن الفلسطينيين بعكس فكرة الضم اليمينية القومجية المسيحيانية ، وعليه يعارض الجيش ويحذر بوضوح من تداعيات الضم، بينما يقلل اليمين ومنه يوسي كوهين من حجم التهديدات الأمنية السياسية والإقتصادية الناجمة عن الضم؛ لذا يتهمه إسرائيليون بتقديم تقديرات مريحة للمستوى السياسي وفق يديعوت احرونوت ٢٦ /٦ .:"كوهين يقدر بأن رد الفعل العربي سيكون منضبطاً بالحد الأدنى وذلك بعد لقاءه بملك الأردن " أم أن تقديرات كوهين دقيقة وما هي إلا مناكفات إسرائيلية داخلية .
ليست قوى العرب الحية وحدها من يملك التأثير على قرار الضم، بل الشعب الفلسطيني أيضاً يمتلك التأثير وفي ظروف معينة وغير متوفرة حالياً كالوحدة الوطنية ، يمتلك إسقاط هذا القرار، ومع ذلك أحدثت تهديدات القسام بالرد العسكري على قرار الضم ما لم يحدثه قرار"تخفيف" التعاون الأمني من قبل أجهزة السلطة، من ارتباك على إسرائيل خاصة أنها جاءت مناقضة لرسالة وزير استخبارات إحدى الدول العربية لإسرائيل قبل ساعات من ذلك، أما الضفة الغربية فقد تحقق نبوءة الجيش بالتصعيد لا نبوءة الموساد المريحة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023