تحت ظل القنبلة

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

تحت ظل القنبلة 
بقلم ناصر ناصر 
26-7-2020 

لا شك بوجود توتر أمني معين في الشمال نتيجة لاستمرار الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا ولبنان ، ولكن المبالغة في تقدير هذا التوتر واستدامته لفترة أطول قد تخدم نتنياهو الذي يعاني اليوم من احتجاجات شعبية متصاعدة وعنيفة وذات دوافع مزدوجة.

 فالأولى الاحتجاج على سياسة نتنياهو في مواجهته الكورونا والتي أدت الى مليون عاطل عن العمل دون ان تنجح خطة ال 6 مليار شيكل الهادفة لمساعدة الاسرائيليين في التخفيف من الأمر.

والثانية : المطالبة باستقالة نتنياهو بسبب ملفات الفساد ، وعلى هوامشها المحدودة تعرية ممارسات الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية ، كما عبّرت عن ذلك مجموعة من المتظاهرات اللواتي عريّن أنفسهن لهذا الهدف .
في المقابل وللغرابة والتناقض فان هذا التوتر قد يخدم حزب الله اللبناني الذي يعاني هو أيضا ما يعانيه في لبنان ، رغم أن أحداً لا يتهمه بالمبادرة بهذا التصعيد ولكنها تفاعلات الأحداث التي تمضي بمسارات تأثير مختلفة ومتناقضة في كثير من الأحيان . فحزب الله مضطر للرد على اغتيال أحد عناصره في سوريا نتيجة القصف الاسرائيلي قبل أيام ، رغم ما نقل عن اسرائيل من تقديم نوعٍ من الاعتذار للحزب لتخفيف ردة فعله قدر الإمكان ، وهذا أيضا نوع من توازن الرعب .
يفضل نتنياهو الذي يمثل اسرائيل " بأبهى " حللها الاستعمارية الكولونيالية العيش في ظل التهديد ،عن العيش في ظل الاحتجاجات الشعبية التي تكشف حقيقة التصدعات الداخلية العميقة في المجتمع الصهيوني ، فالتذرع بالقنبلة النووية الايرانية وعيش حالة من "الأكشن" يجسّدها مسلسل طهران الذي يبث حاليا في تلفزيون "كان " الاسرائيلي هي الوضع الأمثل بالنسبة لنتنياهو ، مع أن غربال التهديد لن ينجح في الغالب في تغطية شمس التراجع والتدهور الاسرائيلي الداخلي وخصوصاً من الناحية الاجتماعية ، خاصة في ظل تراجع المسألة الفلسطينية " احتلال أراضي 67 " من النقاش الاسرائيلي العام في الآونة الأخيرة . 
بقي التساؤل ماذا يمكن ان يخدم الفلسطيني ؟ الاحتجاجات ، أم الاستقرار في اسرائيل ؟ تشكيل حكومة وحدة وطنية ، أم أزمة وورطة حكومية جديدة ؟ وضع أمني متوتر ، أم وضع أمني مستقر ؟ انتشار الكورونا ، أم تراجعها ؟ 
يبدو ان الضعيف لا يستطيع الاستفادة من أي حالٍ من الأحوال ، بل قد يتذرع بالوضع الحالي ويعيش على أمل الوضع القادم وهكذا دواليك ...

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023