كيف خضعت إسرائيل للمقاومة ؟

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

كيف خضعت إسرائيل للمقاومة ؟
بقلم ناصر ناصر 
23-10-2020 


أعلنت حكومة اسرائيل مراراً وتكراراً وعلى لسان نتنياهو ووزراء دفاعه بأنها لن تقوم بالتقدم اتجاه تهدئة جوهرية مع غزة بما في ذلك إقامة مشاريع كبرى دون حل مشكلة الجنود والمفقودين الاسرائيليين في غزة ، بينما رفضت المقاومة رفضاً قاطعاً ربط المسارين معا ، وها هي اسرائيل تضطر للتراجع عن سياستها وتخضع لأهم شروط المقاومة وذلك وفق ما نقلته صحيفة معاريف عن مصدر اسرائيلي كبير اليوم الجمعة 23-10-2020 . 
يعتبر التراجع الاسرائيلي في موضوع ربط مساري التهدئة وملف الجنود انتصاراً تكتيكياً ومعنوياً مهماً للمقاومة التي صمدت وأصرت على موقفها الوطني اللافت ، والذي أراد لقضية تحرير الأسرى أن لا تكون رهينة أو خاضعة لابتزازات اسرائيلية تستغل الأوضاع الانسانية الصعبة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة من أجل التخفيف من إنجاز المقاومة في موضوع الجنود .
من الواضح أن سياسة اسرائيل هي تعظيم إنجازاتها وتحويلها الى نجاحات سياسية ومعنوية استراتيجية كبرى ، وفي المقابل المرور عن إخفاقاتها "مرور الكرام " هذا بالضبط ما فعلته بالأمس مع اكتشافها لنفق خانيونس ، واليوم في إعلان مصدر كبير لمعاريف ما أسماه ب " تغيير في السياسة الاسرائيلية اتجاه ملف التهدئة والجنود ، وهذا ما يجب ان يلاحظه الفلسطينيون ويعملوا على إظهار الحقيقة ومواجهة هذه الاستراتيجية الاعلامية الاسرائيلية التي تأتي في إطار حرب نفسية مدروسة .
وفي مقابل هذا فإن توقيت اعلان المصدر الاسرائيلي الكبير في معاريف عن وجود تقدم في " التسوية مع غزة " قد يهدف أيضاً لوضع العراقيل أمام المسار الوطني الفلسطيني المتقدم من خلال محاولة زرع الشك والريبة في صفوف القيادات الفلسطينية بقوله: أننا وغزة نتفاوض ونتفاهم بعيدا عن السلطة في رام الله ، ولكن هذه الأساليب لا تخفى على قيادات الشعب الفلسطيني الوطنية الواعية لمثل هذه الأساليب الاحتلالية ، وهي عازمة فيما يبدو على تحقيق المصالحة لمواجهة التهديدات المصيرية للقضية الفلسطينية ومن أهمها التطبيع ومحاولات تصفية القضية ، كخطة ترامب وخطة الضم ..وغيرها . 
بقيت الإشارة الى أن تنازل الاحتلال عن ربط المسارات قد يعني أيضاً أن هناك صعوبات تواجه ملف تبادل الاسرى ، حيث لا تريد حكومة الاحتلال إبقاء عملية التهدئة مع غزة رهينةً لضغوط عائلات الجنود وأنصارهم ، الأمر الذي يهدد بصورة كبيرة الأمن القومي الاسرائيلي ، أما قضية الجنود فتستطيع ان تنتظر ، وفي المقابل فان الشعب الفلسطيني على ثقة عالية بقدرة مقاومته على إبداع الطرق والوسائل التي تجبر الاحتلال على وقف مماطلته وحرمانه من كسب المزيد من الوقت ، وذلك بتحقيق صفقة مشرفة ثانية لتبادل الأسرى في الأفق المنظور .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023