" الأسرى بين مطرقة السجان و سندان الكورونا " . بقلم / أيمن عبد المجيد

  " الاسرى بين مطرقة السجان و سندان الكورونا "

بقلم / أيمن عبد المجيد 

في كل دول العالم أتخذت إجراءات احترازية ووقائية ضد فايروس كورونا حتى لا يصاب أحد من مواطنيها الى ان وصل الأمر في العديد من الدول إلى فتح السجون والإفراج عنهم خوفا من تفشي هذا الوباء بينهم .

اسرائيل كباقي الدول قامت بالعديد من الإجراءات للحد من انتشار فايروس كورونا وتدرس الإفراج عن اسرى جنائيين إسرائيليين ، وهذا وغير معروف هل يشمل ذلك الاسرى الفلسطينين خاصة السياسيين ، وإما أنها ستكتفي بالاجراءات التى اتخذتها بحق الفلسطينين من منع للزيارات علما أن زيارات الاسرى تتم عبر عازل زجاجي ولا يسمح بأي تواصل أو تماس بين الاسرى وذويهم مما يعني عدم إمكانية إنتقال العدوى بأي حال من الاحوال ، بالتالي هي ستار لخطوة احترازية .

إن هذا الإجراء إن دل على شيء إنما يدل على أن هذا الإجراء هو خوفا على سجانيه وطواقمه العاملة فقط .

الاجراء الثاني ، قيام إدارة مصلحة السجون باتخاذ خطوات عقابية بحق الأسرى وسحب(170) صنفا من الكانتينا أغلبها

من المنظفات والمواد الغذائية بدل توفير كل مستلزمات الرعاية والوقاية وعلاج المرض ، وقد يتسائل البعض كيف سينتقل فيروس كورونا للاسرى وهم في معزل عن العالم الخارجي؟

 هذا التساؤل قد يحمل في طياته بعض الصحة ولكن الواقع عكس ذلك فالاسرى يعيشون في ظروف حياتية وبيئية غاية في الصعوبة وكل المتطلبات والعوامل المساعدة لحضانة وانتشار اي فايروس متوفرة ، بدءاً من الاكتظاظ في الغرف والأقسام وقلة التعرض للشمس والتهوية ، ووصولا للأمراض المزمنة ونقص المناعة وانعدام العلاج اصلا ، ناهيك عن كبار السن والمدد الزمنية التى قضاها الاسرى الفلسطينين في السجون .

أما الطرق ووسائل انتقال فايروس كورونا داخل السجون الإسرائيلية خاصة اقسام الاسرى الفلسطينين ، فحدث ولا  حرج ؛ فالاكل من خضار ولحوم وفواكه وخبز ، كلها تدخل وتأتي من خلال مورديين وشركات إسرائيلية ، وتحط في محطتها الأخيرة في سجون الاحتلال ، بعد أن تداولتها الكثير من الأيدي ثم توزع على الاسرى الفلسطينين ، بواسطة السجانيين والأسرى الجنائيين الاسرائيليين دون أدنى رقيب ولا حسيب ، وهذا ينطبق أيضا على مواد التنظيف والجرائد والمحارم الورقية ، ناهيك عن السجانين الحاملين لفيروس كورونا ، والذين اختلطوا بالعالم الخارجي أثناء عطلتهم واجازتهم وعادوا لممارسة عملهم بشكل طبيعي، دون معرفة هل تم فحصهم وعلاجهم ام لا فيختلطوا بالأسرى الفلسطينين وبشكل مباشر صباحاً مساءاً .

الاسرى من طرفهم يحاولون أخذ الحيطة والحذر حتى أنهم في الكثير من الأحيان يقبضوا على الالم ويصبروا على الاوجاع ، ولا يخرجوا لعيادة السجن خوفا من انتقال العدوى لهم من الطاقم الطبي ؛ والذي قد يكون أحدهم حاملا للفايروس ، وهذا انعكس أيضا على الأدوية حيث أصبح أخذ الدواء يشكل هاجس عند الاسرى ؛ لأن من يقوم بتوزيعه السجانين .

مسألة انتقال وانتشار وتفشي فايروس كورونا في السجون الإسرائيلية بين الاسرى الفلسطينين هي مسألة وقت ؛ وما حصل اخيرا في سجن مجدو والاعلان عن خمس حالات مصابة بفيروس كورونا ليست عنا ببعيد والسؤال هنا كيف وما السبيل لتجنب الاسرى الفلسطينين هذا الوباء؟

وهل تكفي الدعوات للمؤسسات الحقوقية والإنسانية ومنظمة الصحة العالمية لإنقاذ الاسرى؟

وهل التغريدات على تويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي ستردع العدو ومصلحة السجون في الامعان قدماً في تعذيب الاسرى بشتى الطرق والوسائل من جهة ، والاهمال الطبي المتعمد من جهة أخرى ؟

وهل ستلتقط المقاومة وأصحاب القرار الإشارة وتقتنص الفرصة لعقد صفقة تبادل احرار ٢ تحفظ فيها الاسرى ؛ وتنهي معاناتهم وتجمع شملهم بذويهم قبل أن يغرقهم الموت نتيجة الإصابة بفيروس كورونا؟

اخيرا يحاول الاسرى الأخذ بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه عن وباء الطاعون في قوله:" فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه."

لكن الاسرى الفلسطينيين لا هم قادرين على منع أنفسهم من دخول اقسام انتشر فيها الفايروس ؛ لان من يجبرهم على ذلك ، ولا هم قادرين على الخروج والفرار منه ؛ لأن من يحاصرهم أيضا السجان .

     

     " لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم "





جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023