حاولت الكاتبة الصهيونية في صحيفة يديعوت أحرونوت 12/03/2021 شمريت مائير والتي تمثل التيار المركزي في إسرائيل أن تتناول الانتخابات الداخلية في حماس بطريقة سلبية بعد أن لبست منظارها العنصري والإستشراقي المتعالي والمتعامي بنيويًا عن تطورات المجتمع والسياسة الفلسطينية، فوصفت القائد يحيى السنوار بعد النتائج المتقاربة والجولات المتكررة بأنه (حاكمٌ متضعضع)، وبأن الإنتخابات التي شهد لها المنصفين بالنزاهة، ماهي إلا محاولة فاشلة من قبل قيادة حماس استبدال وتغيير السنوار، وبأنها تتوقع بأن يكون القائد السنوار والذي تعرضت قيادته وفق وصفها لإهتزازات واضحة بإظهار قوته من جديد أمام خصومه الداخليين وأمام الجمهور في غزة.
يبدو أن ما تكتبه هذه المستشرقة في أحد أهم الصحف الاسرائيلية هو ما تتمناه أن يكون (تلك أمانيهم) حتى أنها إستثنت الاحتلال وهو العدو الأول لكل الفلسطينيين، ومنهم السنوار والسبب الرئيسي في معاناتهم من التعرض لقوة السنوار التي تفترض بغير علم أنه سيقوم بإظهارها أمام خصومه.
قد يذكرني هذا الأمر بتحليلات وتوقعات المحلل السياسي في القناة 12 يهود يعاري يوم اشرأبت عنقه وهو يستنكر ويحرض متناسياً وظيفته كمحلل، وقوف الجيش المصري إلى جانب المتظاهرين في ميادين التحرير في القاهرة بعد سقوط مبارك قائلاً: كيف لا يستخدم الجيش قوته لحماية النظام؟
لماذا لم يمنع المتظاهرين بالقوة؟!
وهكذا هي تحليلات وتفسيرات تنم عن حالة من الارتباك والاستفزاز من مشاهد عربية وفلسطينية راقية ومتقدمة تعرض للعالم عكس ما يسوقّه المستشرقون وتلامذة أقسام وكليات (دراسة المناطق والأقاليم) ومنهم صهاينة من ورثة برنارد لويس وغيره حول الثقافة العربية ومنها الفلسطينية التي توصف بأنها مصمتة جوهرياً، فهي لا تتعلم أو تتقدم وفق رأيهم.
وصفت مائير وبنوع يوحي بالجهل أو بالحقد والاستفزاز معاً عناق السنوار الراقي لأخيه ومنافسه عوض الله بعد صدور النتائج بإنه ( عناق مزعج) أو قالت كلمات أشدّ من ذلك، وبأن ابتسامات القادة من حولهم محرجة.
ما هذا؟ أليس هذا ارتباكاً صهيونياً واضحاً في مواجهة ثقافةٍ سياسيةٍ فلسطينيةٍ آخذة بالتطور؟ أم أنه استفزازها الذي منحها درجة (التخبيص في العلوم السياسية)، وأنساها كل مصطلحات الديموقراطية والانتخابات النزيهة والتنافس المحترم والقبول بالنتائج مهما كانت والمضي قدماً موحدّين رغم الخلافات الطبيعية، فالخلاف لا يفسد للودّ قضية.