هآرتس-نوعا ليفي
ترجمة حضارات
تضع إميلي موآتي الاحتلال جانبًا؛ حيث عبّرت وفي لقائها الأخير مع الصحفيّ نير جونتاج عن موقف طالما ميّز معسكر المركز –اليسار الصهيونيّ.
وكالعادة، دعمت موآتي من جهة "الحلّ السياسيّ"، الذي يخدم بالأساس مصالح الأغلبية اليهوديّة في الدولة، لكنّها ومن جهة أخرى رفضت توجيه أي انتقاد للجيش.
وعندما سُئلت عن موقفها من الجنود الذين اعتقلوا أطفالا تراوحت أعمارهم بين الـ 8-12 عاما كانوا قد قطفوا أزهارا، أجابت أنّ هؤلاء الجنود يقومون بحمايتنا. حقا؟ أما زال اليسار يؤمن بهذه المقولة؟
بات احتلال المناطق الفلسطينيّة المستمر جزءا لا يتجزأ من هويّة هذه الدولة، وعليه تتصرف أحزاب المركز- يسار كـأنها فوق كل نقد؛ فحين يتناول اليسار الصهيونيّ بصورة متواصلة المصالح الإسرائيليّة فقط، فهو يتجاهل مباشرة هوية الرازحين تحت سيطرة الدولة، وينسى أنّ الديمقراطيّة التي يتفاخر ويتغنّى بها لن تصبح يوما ديموقراطية حقيقية لأنها ما زالت تتحكم بحياة الملايين، تحرمهم من ممارسة حقّ الاقتراع وتدير حياتهم من خلال أنظمة قانونية منفردة تقوم على التمييز القوميّ.
يمر حزب العمل، بمرحلة جديدة في هذه الانتخابات. حيث، وضعت مرشحاته في مركز جدول أعمالهم القضايا النسوية، وعليه ينتابنا شعور بالارتياح عند مشاهدتنا دعاية انتخابية تنصف قضايا المرأة وتضعها في المركز، لكن أي نساء يدعم هذا الحزب؟ وأي نساء يتجاهل؟ الجواب بسيط، يتجاهل هذا الحزب النساء الفلسطينيات اللاتي يعشن تحت الاحتــــــ لال، يُعتقلن إداريًا؛ بسبب نشاطهم السياسيّ الطلابيّ، يرتجفن خوفا من انتهاك الجنود حرمة بيوتهن وخطف أطفالهن في ساعات الليل المتأخرة ويخشين من تأخيرهن على الحواجز في طريقهن لمستشفيات الولادة.
كل ما ذكرته أعلاه، بنظر موآتي وبنظر نساء حزب العمل "أمور هامشية"، لا تستحق التوقف عندها.
لكن نساء حزب العمل القويات – وهنّ بالفعل كذلك، يتركن النضال الحقيقيّ لتحصيل الحقوق، للنساء العاديات والمستضعفات اللاتي لا ينتمين للطبقة الاجتماعية ذات الامتيازات.
وعليه، ستجد هذه الفئة من النساء التي لا تتمتع بالامتيازات، بأن لديهن مشاكل أكثر أهمية وإلحاحا من اهتمامات عضوة الكنيست ميراف ميخائلي (المرحب بها طبعا)؛ حيث تنشغل هذه الشريحة النسوية، بتبعية المرأة الاقتصاديّة، تفاقم وانتشار ظاهرة قتل النساء بالإضافة إلى انشغالهن بتبعات أزمة كورونا التي دفعتهن خارج سوق العمل.
لا تحظى النساء اللاتي ينتمين لشرائح المجتمع المستضعفة، بالتمتع بثمار النسوية الليبراليّة فهي تهتمّ فقط بمصالح النساء اللاتي يملكن النفوذ والامتيازات لا بمصالح كافة النساء.
لكن، هناك نسويّة من نوع آخر، متعددة ومتنوعة، فقد اهتمت القائمة المشتركة في دورة الانتخابات الأخيرة للكنيست بقضايا المرأة وبنضال النساء المُستضعفات، بينما اهتمت نساء حزب العمل بقضايا تمحورت بالتعبير والتمثيل فقط.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، اهتمت النائبة سندس أبو صالح بقضية الفجوات بين رواتب النساء والرجال بالمجتمع كافة، خاصة تلك القائمة بين رواتب النساء العربيات ورواتب الرجال.
كما وأدارت النائبة هبة يزبك قبل دخولها الكنيست، لجنة عمل المساواة في الأحوال الشخصية، التي اهتمّت بقضايا عدة كان بينها رفع سنّ الزّواج القانونيّ من سنّ 17 إلى 18.
كما وناضلت يزبك، في الكنيست من أجل الإبقاء على المصالح التّجارية الصغيرة التي تديرها نساء عربيّات، بل وأنشأت لوبي لدعم تشغيل النساء العربيّات.
من طرفها أنشأت عايدة توما سليمان وقبل دخولها الكنيست ضمن جمعية "نساء ضد العنف- المنظمة النسوية الأكبر بالوسط العربي" والتي ترأستها سابقا، الملاجئ الأولى لحماية النساء العربيّات. ناضلت النائبة توما طويلا حتى حصّلت على ميزانيات قُدرت بملايين الشواكل لتطبيق خطة محاربة العنف ضد النساء، كان هذا نضالا شمل إنشاء هيئة نضال يهوديّة عربيّة ضخمة أعلنت لاحقا عن الَإضراب النسائيّ الأول والأكبر من نوعه في "إسرائيل".
هذه هي النسويّة التي أؤمن بها، نسوية نضالية -نسائية مشتركة، لا تتجاهل ميزان القوى المجتمعي، لا تسكت ولا تقف على الحياد عند ممارسة أي اضطهاد تجاه نساء أخريات.