مسؤول في فتح: الانتخابات انتحار سياسي

مسؤول في فتح: الانتخابات  انتحار سياسي
04 أبريل 2021
يوني بن مناحيم
مركز القدس للشؤون العامة والدولة
ترجمة حضارات

بعد التطورات الأخيرة على الساحة السياسية الفلسطينية وإغلاق القوائم، هناك قلق متزايد بين كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية وفي "إسرائيل" والأردن ومصر من خسارة حركة فتح والحزب الحاكم والعمود الفقري للسلطة الفلسطينية الانتخابات البرلمانية في مايو.

وتشير التقديرات إلى أن حمـــاس، التي تخوض الانتخابات على قائمة واحدة متماسكة، ستهزم حركة فتح التي تخوض الانتخابات على ثلاث قوائم منفصلة، وستكرر إنجازها في انتخابات 2006 النيابية، الأمر الذي سيعزز موقعها في الضفة الغربية وإضعاف سلطة السلطة الفلسطينية.

يوجد انتقاد لاذع لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في قيادة فتح لعدم وقف العملية الانتخابية في الوقت المناسب، وسمح لحركة فتح بالانقسام، وأن رهانه على توقيت الانتخابات كان خاطئًا.

ويقول مسؤولون كبار في فتح إن الطريقة الفاشلة التي اتبعها رئيس السلطة الفلسطينية مع المجموعة المقربة منه: حسين الشيخ وماجد فرج وجبريل الرجوب، سيؤدي إلى انقسام تاريخي في حركة فتح وانهيار سياسي وحكومي فيها بشكل يجعل من الصعب إعادة بنائها. 
أوصى مسؤولون كبار في فتح رئيس السلطة الفلسطينية بتأجيل الانتخابات إلى موعد غير معروف بحجة انتشار وباء كورونا في الضفة الغربية وقطاع غزة والعقبات التي يزعم أن "إسرائيل" أنها تضعها أمام مشاركة سكان القدس الشرقية في الانتخابات البرلمانية.

وبحسب مصادر فتح، أرسل رئيس السلطة في الأيام الأخيرة رجلي أعمال مقربين منه في مهمة غير رسمية إلى واشنطن؛ ليعرفوا في أروقة الإدارة ما سيكون رد فعلها على احتمال تأجيل الانتخابات. 
لم تنشر إدارة بايدن أي موقف رسمي من انتخابات السلطة الفلسطينية منذ أن أعلنها محمود عباس قبل بضعة أشهر.
كان لدى مبعوثي محمود عباس انطباع بأن إدارة بايدن ستتفهم المحنة السياسية لرئيس السلطة الفلسطينية وقرار محتمل لتأجيل الانتخابات؛ لأنه لا يريد فوز حمــــاس أو استبدال محمود عباس بمروان البرغوثي.

ينبع قلق محمود عباس بشكل أساسي من ردة فعل الاتحاد الأوروبي لإمكانية تأجيل الانتخابات، حيث يزعم كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية أن رئيس السلطة الفلسطينية ذهب إلى الانتخابات بعد تهديد الاتحاد الأوروبي بأنه سيوقف المساعدة المالية للسلطة الفلسطينية إذا لم تجري الإنتخابات في موعدها.

تحرك البرغوثي والقدوة
مروان البرغوثي، الذي يقضي عقوبة بالسجن خمس سنوات في سجن إسرائيلي بتهمة قتل مدنيين إسرائيليين، حرص على تجنب الفخ السياسي الذي نصبه محمود عباس من أجل تحييد سلطته السياسية في الانتخابات البرلمانية وأقام قائمة مستقلة موحدة تحت اسم "الحرية".

اقترح رئيس السلطة الفلسطينية على البرغوثي عبر مبعوثه حسين الشيخ الذي زار البرغوثي في ​​سجن هدريم، الحصول على مبلغ 2 مليون دولار كتعويض عن فترة سجنه، وإعطائه الفرصة لضم 10 من معاونيه في السجن في قائمة فتح مقابل عدم الدخول بقائمة مستقلة منفصلة عن قائمة فتح.

كما طالب البرغوثي باستخدام حق النقض (الفيتو) على قائمة نشطاء فتح المعتبرين فاسدين في الشارع الفلسطيني، لكن رئيس السلطة الفلسطينية رفض ذلك، وحاول كسب الوقت وسحب البرغوثي من أنفه، لكن البرغوثي أعلن عن إنشاء القائمة المستقلة الموحدة إلى جانب ناصر القدوة.

وستحتل فدوى البرغوثي، زوجة مروان، المرتبة الثانية في القائمة التي يرأسها ناصر القدوة في الانتخابات البرلمانية في 22 مايو، مما سيسمح لمروان البرغوثي بالتنافس مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الانتخابات الرئاسية في 31 يوليو.

تتمتع القائمة المستقلة الجديدة الخاصة بالبرغوثي والقدوة بقاعدة دعم واسعة في الضفة الغربية، وستؤدي جنبًا إلى جنب مع القائمة المستقلة لمحمد دحلان إلى تآكل الدعم لقائمة فتح الرسمية التي أنشأها محمود عباس، مما سيعزز قوة حمــاس السياسية وزيادة فرصها في الفوز بالانتخابات.

السؤال الكبير المطروح في الضفة الغربية هو ما إذا كان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيجرؤ على طرد مروان البرغوثي من حركة فتح بعد أن أطاح بناصر القدوة ومحمد دحلان. البرغوثي يحظى بتأييد كبير للشارع الفلسطيني من كل الفصائل ويعتبر "بطلا قوميا".

إلى أين تسير الأمور؟
مصدر كبير في فتح قال إن حركة فتح أحدثت جرحا مفتوحا ينزف منها ويضعفها نتيجة فشل رئيس السلطة الفلسطينية، وأن الترشح للبرلمان الآن "انتحار سياسي" وبالتالي يجب تأجيل الانتخابات فورا.

الانقسام ليس فقط في حركة فتح، ولكن أيضًا في الفصائل اليسارية في منظمة التحرير الفلسطينية: الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحزب الشعب يخوضون انتخابات برلمانية على قوائم منفصلة، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو أيضًا رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ، لم ينجح في الحفاظ على وحدة التنظيم في التعامل مع حركة حمــاس.
يواجه محمود عباس الآن معضلة صعبة في مواجهة إخفاقه في توحيد حركة فتح والخوف الكبير في الضفة الغربية و"إسرائيل"، وفي بعض الدول العربية المعتدلة من فوز حمــاس في الانتخابات، الأمر الذي سيكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي والسلطة الفلسطينية. وسيتعين على الرئيس أن يقرر ما إذا كان سيؤجل الانتخابات أو يواصل العملية.

الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية ينتفض، وهناك استياء كبير بين كبار مسؤولي فتح الذين لديهم مجموعات من النشطاء المسلحين في الميدان لعدم إدراجهم في قائمة فتح الرسمية للبرلمان.

كل هذه الخطوة الفاشلة مرتبطة بمعركة الخلافة، ويقول مسؤولو فتح إن شخصيات بارزة في فتح، جبريل الرجوب وحسين الشيخ وماجد فرج، دفعوا محمود عباس إلى هذا الخطوة من أجل الحفاظ على موقعهم في القمة، وإخراج ناصر القدوة ومروان البرغوثي من فتح كما فعلوا بمحمد دحلان عام 2011 وأدى إلى طرده من حركة فتح.

الآن يمكن أن تعود هذه الخطوة برمتها بشكل سلبي على محمود عباس إذا لم يؤجل الانتخابات، حيث إنه يخاطر بخسارة مشينة لحركة فتح مقابل حمـــاس، ونقطة سوداء آخرى في حياته السياسية الفاشلة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023