لماذا يمكن لمحاولة الانقلاب الواضحة التي حدثت في الأردن أن تلقي بالشرق الأوسط في حالة من الاضطراب؟

لماذا يمكن لمحاولة الانقلاب الواضحة التي حدثت في الأردن أن تلقي بالشرق الأوسط في حالة من الاضطراب؟
ناشونال إنترست 
آدم لامون
ترجمة حضارات

لقد اجتاز الأردن سلسلة من التحديات الرهيبة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك استضافة ملايين اللاجئين والضغوط الجديدة الناجمة عن وباء "كوفيد-19".
وكانت السلطات الأردنية قد اعتقلت يوم السبت نحو عشرين شخصاً ووضعت ولي العهد السابق في المملكة قيد الإقامة الجبرية.
وكما ذكرت صحيفة واشنطن بوست لأول مرة، تحرك المسؤولون الأردنيون بسرعة لقمع محاولة انقلاب "جيدة التنظيم" و"بعيدة المدى" ضد الملك عبد الله الثاني، الذي يحكم الأردن منذ عام 1999، وهو حليف مقرب من الولايات المتحدة واسرائيل. وفي تصريح جدير بالذكر، قالت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية بترا إن المؤامرة المزعومة معروفة بأنها تحظى بدعم "أجنبي" غير محدد. 
وتأتي محاولة الانقلاب الواضحة في لحظة تواجه فيها المملكة الهاشمية مشاكل، في الداخل والخارج.

وعلى الرغم من أن المسؤولين الأمنيين أكدوا أن الأمير حمزة بن الحسين، ولي العهد السابق في المملكة ونجل الملك الراحل حسين، لم يتم اعتقاله، إلا أنه "طُلب منه وقف جميع التحركات أو الأنشطة التي يمكن توظيفها لاستهداف أمن الأردن واستقراره". 
وفي مقطع فيديو تم تقديمه إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ذكر الأمير حمزة أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأردنية أبلغه أنه لا يسمح له بمغادرة منزله أو التواصل مع الآخرين أو الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي؛ بسبب صلاته بـ "الاجتماعات" و"الانتقادات" الموجهة للقيادة السياسية في البلاد. 
ونفى الأمير، الذي قطعت عنه خطوط الهاتف، ارتكاب أي مخالفات، وذكر كذلك أن بعض أصدقائه، الذين كشفت عنهم صحيفة الغارديان وهم الشريف حسن بن زيد (عضو في العائلة المالكة الأردنية ومبعوث سابق إلى المملكة العربية السعودية) وباسم إبراهيم عوض الله (الرئيس السابق للمحكمة الملكية الذي يقال إنه مقرب من الملك عبد الله)، قد اعتقلوا.
وعلى الرغم من أن التحقيقات جارية ومن المتوقع أن يتم اعتقال المزيد من الأشخاص، فإن الحكومات القريبة والبعيدة لم تهدر أي وقت في التعبير عن دعم الحكومة الأردنية والملك عبد الله الثاني. 
وبعد وقت قصير من ظهور التقارير، صرح نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، "إننا نتابع عن كثب التقارير ونتواصل مع المسؤولين الأردنيين. الملك عبد الله شريك رئيسي للولايات المتحدة، وهو يتمتع بدعمنا الكامل"، وحذت حذوها ردود الدول العربية الإقليمية. 
ووفقاً لرويترز، أصدرت كل من السعودية ومصر والبحرين ولبنان والكويت والعراق وقطر واليمن وفلسطين ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية بيانات تدعم السيادة والأمن والاستقرار الأردنيين.
ولم يعلق المسؤولون في إسرائيل على مؤامرة الانقلاب المزعومة حتى وقت كتابة هذا التقرير، ولكن أُفيد أن الأردنيين أطلعوهم على الوضع الأمني.
إن الاستقرار في الأردن هو بالتأكيد أمر يهم الشرق الأوسط الأوسع والمجتمع الدولي ككل.
وقد اجتاز الأردن، الذي حافظ على معاهدة سلام مع إسرائيل منذ عام 1994 ويعتبر حليفاً إقليمياً حاسماً للولايات المتحدة، سلسلة من التحديات الرهيبة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك استضافة ملايين اللاجئين والضغوط الجديدة الناجمة عن وباء "كوفيد-19". 
الأردن، وهو بلد صغير يزيد عدد سكانه عن عشرة ملايين نسمة، يعيش حالياً أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري ويوجد على ارضها ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم؛ حيث الظروف سيئة وتفتقر إلى التمويل، وتفتقر الناس إلى فرص الحصول على الرعاية الصحية وفرص العمل. وقد أدت هذه المسؤولية إلى زيادة الاعباء المالية للبلاد ، وأثقل كاهل مدارسه، وأضرت بنيته التحتية، حسبما ذكرت وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية لوكالة أسوشيتد برس في عام 2019.
كما أدى وباء الفيروس التاجي إلى زيادة التوترات في المملكة. وعلى الرغم من أن الأردن كان يُعتبر في السابق قصة نجاح دولية بعد قراراته السريعة بإغلاق حدوده وسن عمليات إغلاق تقييدية، فقد شهد البلد زيادة حادة في الاصابات في الخريف الماضي، قبل أن يشهد موجة أخرى من الحالات في آذار/مارس. 
الآن تم إحصاء أكثر من 622،000 حالة من Covid-19 وأكثر من 7000 حالة وفاة ذات صلة، وتأمل المملكة أن اللقاحات يمكن أن تكون طريقها للخروج من أزمة طويلة التي تطغى على أجنحة المستشفيات والمقابر على حد سواء.

كما أصبحت الاحتجاجات ضد الحكومة؛ بسبب عمليات الإغلاق التي لا نهاية لها على ما يبدو، والفساد السياسي ، والمشاكل الاقتصادية أكثر شيوعاً؛ فعلى سبيل المثال، أثارت جهود عمّان لتأمين قروض من صندوق النقد الدولي من خلال تنفيذ إصلاحات التقشف معارضة عامة مستمرة وتأكيدات بأن الحكومة تبيع سياساتها للمانحين الأجانب.
وعلاوة على ذلك، وفي أعقاب المظاهرات الواسعة النطاق رداً على قمع الحكومة لإضراب المعلمين والاحتجاجات المناهضة بعد موت تسعة من مرضى الفيروس التاجي الذين توفوا نتيجة نفاد الأكسجين في مستشفى حكومي إلى زيادة المطالبة باستقالة الحكومة.
وتأتي هذه المشاكل الداخلية أيضاً في أعقاب عدد كبير من التحديات السياسية الخارجية للمملكة.
من المعروف أن عمان لم تكن من المعجبين بخطط الرئيس السابق دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، بل كانت من بين المعجبين بخطط السلام التي وضعها الرئيس السابق دونالد ترامب في الشرق الأوسط.
وحذر الملك عبد الله ترامب من نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس ورفض خطة ترامب "خطة القرن" في الشرق الأوسط مع اضطراره إلى التعامل مع الاحتجاجات التي كان الرئيس الأمريكي يحرض عليها بانتظام.
إن اعتماد اتفاقات أبراهام بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين قد زاد من تحول الأرض تحت أقدام المملكة، وحتى وقت قريب، كان الأردن واحدا من بلدين عربيين فقط حافظا على علاقات وثيقة مع إسرائيل. 
وقد غيرت هذه الديناميكية هذه الاتفاقات والتكهنات بأن المملكة العربية السعودية قد تكون في الطريق إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
قد لا تعتبر عمّان المحاور الحيوي الذي كانت عليه في وقت من قبل - خاصة الآن بعد أن اقتربت العواصم العربية من إسرائيل على الرغم من غياب السلام الإسرائيلي الفلسطيني.
وإذا استمر هذا الاتجاه؛ فيجب على الأردن آتخاذ قرارات صعبة بشأن مكانته في هذا النظام الإقليمي الناشئ، فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون داخل حدوده والتمويل من العواصم الخليجية التي لا يزال يعتمد عليها بقاءه.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023