الأردن بين عبد الله وحمزة: بلد على "كف عفريت"

موقع نتسيف نت
ترجمة حضارات



ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية "فورين بوليسي" في تقرير طويل أن الأزمات الاقتصادية والفساد المستشري في الأردن دفع بعض القبائل والعشائر إلى الاعتقاد بأن ولي العهد السابق الأمير حمزة أفضل للأردن كملك من أخيه عبد الله. 

وذكرت المجلة أن النظام الملكي حافظ على مدى 100 عام على استقراره الداخلي من خلال الاهتمام بالقبائل وحمايتها، خاصة بعد أن استضاف الأردن مئات الآلاف من الفلسطينيين بعد النكبة والنكسة 1948 و 1967.

كانت صفقة المملكة "الوحشية" هي "الخبز مقابل الولاء"، وقد نجحت بالفعل، ولكن منذ تنصيب عبد الله في عام 1999، شهدت القبائل الأردنية اختفاء العديد من الوظائف والخدمات الاجتماعية، وفقًا للتقرير.

بدأ الزلزال السياسي في البلاد منذ أسبوعين، عندما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على ما يقرب من عشرين شخصية بارزة بتهمة الترويج لانقلاب، وكان من بين المتهمين بالتورط في هذه المؤامرة ولي العهد السابق الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني.

وتقول المجلة إنه بينما يجادل البعض بأن محاولة الانقلاب هذه مرتبطة بمؤامرة ضد التدخل السعودي، يعتقد معظم المحللين أن القضية برمتها كانت أزمة مصطنعة تهدف إلى تحويل انتباه الجمهور الغاضب إلى سوء إدارة النظام الملكي الحاكم خلال العقد الأخير.

وأضافت المجلة أن وباء كورونا أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، ورفع معدلات العجز من 16٪ إلى 37٪ ، وأن المملكة تواجه انتقادات متزايدة ضد القمع بدلاً من الإصلاحات.

وبخصوص تحليل المجلة للوضع، قال الدكتور جواد العناني، الرئيس السابق للديوان الملكي الأردني، في تصريحات للموقع الأمريكي بالعربية - الحرة، إنه لا يعتقد أن الأزمة الأخيرة هي محاولة الملك صرف الانتباه عن الاقتصاد.

وشدد على أن الأزمة الأخيرة لفتت الانتباه إلى أهمية تنفيذ الإصلاح الإداري والسياسي والاقتصادي في البلاد، واصفًا ما حدث بـ "الخلاف بين الأمير حمزة والملك عبد الله؛ لتحقيق الاستقرار في البلاد"، مبينًا أن الأسرة الهاشمية يجب أن تظهر متحدة أمام العالم الخارجي.

المحلل السياسي زيد النوايسة يتفق معه في أن وصف ما حدث بـ "محاولة إلهاء" غير دقيق ولا يتطابق مع ما حدث بالفعل، وأن الأجهزة الأمنية تلقت معلومات حول محاولة زعزعة استقرار البلاد وتم تناولها، وإجمالاً القضية قيد التحقيق.

"الشرعية الرحيمة"..
وقالت المجلة إن الأردن "أصبح مملكة موز، وشرعيتها الشعبية في حالة يرثى لها، ومهددة بالانهيار وعدم الاستقرار بسبب الغضب على النظام"، مضيفة أن "المملكة غير قادرة على الوقوف بمفردها دون التدفق المستمر للمساعدات من واشنطن وأن تدفق المساعدات المالية والعسكرية من أمريكا هو ما يحافظ على استقرار النظام وتماسك المملكة. "

ورد العناني بالقول إن تراجع شعبية كل زعيم يأتي بعد أزمات اقتصادية وهذا يحدث في كل دولة، والأردن ليس غريبًا، مؤكدًا أن الشعب الأردني لن يخرج في مظاهرات تطالب باستبدال الملك، وإنه إذا طلب؛ فهو سيطالب باستبدال الحكومة كما حدث في السنوات السابقة.

وأوضح أن الدستور ينص على أن الحكومة التي يشكلها البرلمان هي المسؤولة عن تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية وليس الملك.

وقال النوايسة في تصريحات لـ "الحرة" إن المملكة الأردنية في السلطة منذ 100 عام، وأن الحديث عن تراجع شعبية الملك غير صحيح لأن الشعب الأردني مرتبط ومهتم ببلده وحكومته. 

وأضاف أن الحديث عن تراجع شعبية الملك ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي من حسابات وهمية تنتقد الحكومة والملك، ولا وجود لها ولا تأثير لها في الشارع، على حد قوله.

لكن المجلة تقول إن صانعي السياسة الأمريكيين يخشون من أن أي خفض في معدل دعم الملك عبد الله سيقوض المملكة، والخيار الوحيد الذي يواجه واشنطن هو مساعدة النظام الحالي، على الرغم من حقيقة أن سياسات هذا النظام تساهم بوضوح في عدم الاستقرار.

وتفيد مجلة فورين بوليسي أن هشاشة أوضاع المملكة الأردنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية هما ما يمنع حكومة بايدن من اتخاذ مواقف حاسمة مقارنة بالوضع مع المملكة العربية السعودية الغنية والمستقرة.

وتشير المجلة إلى أنه خلال سنوات قليلة تجاوزت المساعدات الاقتصادية الأمريكية جميع عائدات الضرائب المحلية، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يمنع "الأردن من الانهيار والإفلاس".

على الرغم من أن الأردن يتلقى اليوم دعمًا من العديد من المانحين، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، إلا أن الدعم الاقتصادي الأمريكي لا يمكن تعويضه؛ فهو يأتي في الغالب نقدًا ومضمونًا بمرور الوقت ويتجاوز الآن مليار دولار سنويًا.

وأشارت المجلة إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تزال منطقة تنذر بمزيد من الثورات؛ حيث فقد 6 حكام حكمهم بسبب الثورات الشعبية في العقد الماضي، وأن النظام الأردني بحاجة إلى إعادة التفكير في سياسته حتى يتمكن من السيطرة عليها لكي لا يكون التالي.

أما بالنسبة للوضع السياسي؛ فيرى العناني أن الأردن بحاجة إلى إصلاحات سياسية عميقة، مثل السماح بتشكيل الأحزاب وتعديل قانون الانتخابات لتمثيل إرادة الشعب بشكل أفضل، بالإضافة إلى إصلاحات اقتصادية ستجبر الحكومة على اعتماد سياسات مختلفة وتنويع الإنتاج وتنمية موارد الدولة.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023