كيف نجحت اسرائيل في مهمتها الاستراتيجية في تأجيل الانتخابات التشريعية؟
بقلم ناصر ناصر
26-4-2021
مهمة إسرائيل الاستراتيجية في الدرجة الأولى هي منع إجراء انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، بهذه الكلمات لخص الجنرال والمفكر الاسرائيلي وأحد كبار صنّاع الرأي والقرار في اسرائيل عاموس جلعاد موقف دولته المحتلة من الانتخابات الفلسطينية وذلك في مقابلة مع القناة التلفزيونية 11 في 25-4، ويبدو بأنّ الاحتلال قد نجح في مهمته في الانتخابات للتشريعي ستؤجل وفق ما يُفهم بالضرورة من تصريح قادة فتح وآخرها تصريحات أبو مازن الليلة الماضية.
فكيف نجح الاحتلال في فرض هذا التأجيل ؟
لقد وجهت اسرائيل المحتلة رسائل عديدة سلبية وعلنية للقيادة الفلسطينية في المقاطعة بضرورة تأجيل الانتخابات ، وبررت ذلك بمبررات كثيرة من أهمها:
أولا: ما أشار له جلعاد في مقابلته بالأمس بقوله : "أربع قوائم لفتح مقابل قائمة واحدة لحماس متماسكة"، وهنا يلعب الاحتلال على وتر الانقسام الفتحاوي الداخلي ، وهو المبرر الأكثر إقناعاً للرئيس أبو مازن لتأجيل الانتخابات، ليس حرصاً من الاحتلال على فتح ووحدتها، وهذا هدف وطني يتفق عليه الجميع، إنما هو خوف من تفوق العدو الأبرز للاحتلال وهو المقاومة بقيادة حماس حتى وإن بدا أنها قد تلتزم بالحد الأدنى منها وهو المقاومة الشعبية.
ثانيًا: أشار له عاموس جلعاد بقوله: "حماس ستسيطر على الضفة الغربية والقدس من خلال الانتخابات، وممنوع علينا أن نكرر خطأ عام 2006، مستخدما ً كلمه للتخويف وهي (تسيطر) ليضرب بذلك فكرة ونهج حماس تحديدً في الفترة الأخيرة والذي يؤكد على الشراكة الوطنية والتوافق الوطني و مبدأ لا غالب ولا مغلوب، ويبدو بأنّ نهج التخويف وإثارة الرعب في نفوس بعض قيادات فتح الذي اتبعه عاموس جلعاد ومن قبله قادة الاحتلال قد أثمر وللأسف الشديد بصورة كبيرة.
ثالثاً: لم يظهر الاحتلال بوضوح موقفه الرافض مبدئياً للانتخابات داخل فلسطين كلها وليس القدس وحدها، وغلّف ذلك وبتكتيك إعلامي بإمكانات فوز حماس الكبيرة وهزيمة قوائم فتح المبعثرة؛ لذا فمن المطلوب وطنياً كشف وتأكيد موقف الاحتلال الرافض لإجراء الانتخابات من حيث المبدأ لتكريس الانقسام وليس في القدس وحدها .
رابعاً: استغل الاحتلال مشاهد شعبية واسعة في رام الله سابقا والقدس هذه الأيام وغيرها من المناطق؛ ليصب المزيد من زيت الرعب على نار الخوف التي تعتري بصورة طبيعية نفوس بعض المتنافسين في معارك الانتخابات الشريفة، فقد تم التركيز على حجم المشاركة في جنازة المناضل الكبير عمر البرغوثي أبو عاصف في رام الله وأكثر من ذلك في ما يحدث هذه الأيام من مشاهد المتظاهرين المقدسيين وهي تؤكد نهج المقاومة وانتزاع الحقوق من الاحتلال موجهة رسالة واضحة للجميع أنّ القدس قادرة على الانتخاب دون أي تنسيق أمني، في مقابل هذا صرحت المقاومة وفي خطوة تدل على فهم عميق بطبيعة المحتل بأن تأجيل الانتخابات قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع، فهذه هي اللغة التي تفهمها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.