بين يدي عملية زعترة- أمن المقاوم.. والمسؤولية المشتركة

علاء برقان

باحث وكاتب



 بقلم: علاء برقان

يبدو ملفتاً ومتجاوزاً كل الحدود حجم الفرح والاحتفاء الشعبي بعد تنفيذ أي عملية ضد الاحتلال وجنوده في فلسطين المحتلة وتكون السعادة غامرة عند الإعلان عن انسحاب المُنفذ.

إذا بحثنا ودققنا في زوايا المشهد سنكتشف بأن ثمة جهداً نوعياً وعملاً خارقاً يخوضه ويمتهنه أولئك المقاومون الذين صنعوا أنفسهم من ذاتهم وبنوا قدراتهم المحدودة في بيئة صعبة وظروفٍ غير مهيأة بشكل كامل للعمل في مواجهة كيان يعتبر في مصاف الدول المتقدمة عسكرياً واستخبارياً.

فمن يعرف طبيعة الصراع مع هذا الكيان والجغرافيا التي تدور عليها المعركة خصوصاً في مناطق الضفة الغربية أمام قدرات ذلك المحتل المتطورة والتي تعتمد بشكل أساسي على آخر ما توصل إليه العلم والأبحاث في المجال التكنولوجي من أقمار صناعية، و كاميرات مراقبة وتتبعٍ لأجهزة الاتصال وكذلك التنصت وغيرها من الأدوات و اعتماده على شبكة من العملاء والجواسيس إضافة إلى سلطة التنسيق الأمني يُدرك حجم وصعوبة هذه المواجهة وبالتالي، فإن أي فردٍ أو تنظيمٍ يعمل ضمن هذا الإطار المقاوم سيجد نفسه وفي اللحظة التي سيبدأ بها عمله الفعلي على الأرض عُرضة للانكشاف في أي مرحلة من مراحل عمله عبر أحد الوسائل المذكورة أعلاه..

وعليه وأمام ذلك وفي ظل كل تلك الظروف وكي لا نُصاب بالإحباط فإن مسألة بقاء منفذ أي عمل مقاوم حُراً طليقاً أو على قيد الحياة بعد تنفيذ عمليته قد تعتبر مسألة وقت وتعتمد بشكل أساسي على حفاظه على أمنه الشخصي وابتعاده عن الحركة وعدم التواصل مع محيطه من خلال الاتصالات فجميعهم اليوم تحت المراقبة، وفيما عدا ذلك وعند أول خطأ لا قدر الله سيتم التمكن منه.

أمام ذلك فإن المجموع الفلسطيني على الرغم من احتضانه لأولئك المقاومين وتطور وعيه تجاه حمايتهم مطالب اليوم بالارتقاء نحو تمتين هذه الحاضنة وتوفير الحماية الشعبية الذاتية لها وعدم الخوض في أي معلومة أو توفيرها بغير قصد قد تؤدي بالنهاية للوصول الى أولئك المقاومين.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023