لماذا لم يزر عباس الأقصى؟
بقلم المستشار/ أسامة سعد
تسأل الصحفي ناصر اللحام عبر فضائية معاً عن دور رجال السلطة الفلسطينية في مساندة أهلنا في القدس، في حين أن عدداً من النواب العرب في الكنسيت الصهيوني ذهبوا إلى القدس وشاركوا أهل القدس هبتهم، وقد ذكر السيد اللحام أن (إسرائيل) منحت رجال السلطة في رام الله عشرة آلاف تصريح من نوع (vip)، تمكنهم من الدخول والتجول في كل أراضينا المحتلة عام 1948م، واستهجن في حديثه عدم ذهابهم لمؤازرة أهلنا هناك، متسائلاً مرة أخرى: "هل حصلتم على هذه التصاريح لتذهبوا أنتم وزوجاتكم لشم الهواء في (تل أبيب)" ؟!
يدرك السيد ناصر اللحام ويدرك عموم الشعب الفلسطيني أن حملة هذه التصاريح لم يكن الاحتلال ليمنحهم هذه التصاريح إلا لمعرفته التامة بأن هذه الشريحة من الشعب الفلسطيني منسلخة تماماً عن نبض الشارع والمواطن الفلسطيني، وبعيدة جداً عن الاندماج في الحالة الكفاحية الفلسطينية، ولها طبيعة تفكير خاصة صاغها بعناية الجنرال الأمريكي دايتون، جعلها نموذجاً أقرب ما يكون لنموذج حكومة فيشي التي تشكلت عقب الاحتلال النازي لفرنسا، بحيث أصبح تفكيرها مرتبط بمصالحها ومصالحها مرتبطة بالاحتلال، ولذلك لم يعد لها هم سوى العمل المشترك مع الاحتلال فيما يخدم الاجندة الصهيونية، دونما اعتبار للقضية الوطنية الفلسطينية، ولذلك نجد أن التنسيق الأمني والعلاقات الحميمة لم يتوقفا بين الاحتلال وحملة بطاقات الـ (vip) حتى في أشد لحظات القهر والظلم لشعبنا في القدس المحتلة على يد شرطة وجيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، بل قد تجاوز الأمر هذا الحد ليقدم رئيس السلطة محمود عباس برقية تعزية بوفاة عدد من المستوطنين في حادث عرضي شمال فلسطين المحتلة وهم يؤدون طقوساً توراتية، هؤلاء المستوطنون أنفسهم الذين يلاحقون أبناء شعبنا في القدس والضفة الغربية ليل نهار، ويعملون الآن على اقتلاع أهل الشيخ جراح من بيوتهم، ويحاولون الاستيلاء على الأقصى باقتحاماتهم المتكررة بحماية الأمن الصهيوني، ما يدفع أهلنا في القدس للتصدي لهم رغم كل ما يلاقونه من ظلم صهيوني يتمثل في المشاهد التي نراها اليوم على شاشات التلفاز في هبة القدس.
من عجائب الزمن في هذه الأيام أن يخاطب رئيس السلطة محمود عباس بالأمس المجتمع الدولي (مستنجداً) به لتوفير حماية للشعب الفلسطيني، في الوقت ذاته الذي ينسق أمنيًاً مع الاحتلال، لحماية الاحتلال من المقاومة التي تتصدي للظلم الصهيوني وتسعى لحماية شعبنا من الاحتلال على قلة ما تمتلكه من إمكانيات، فهل رأى العالم أغرب وأعجب من هذا؟
كيف للعالم أن يصدق محمود عباس وهو يطلب (الحماية) لشعبه، وهو يقهر إرادة شعبه ويلغى الانتخابات التي أقبل على التسجيل لها أكثر من 90 في المائة منهم رغبة في التخلص من قيادته القهرية لهم والمحمية بقوة الاحتلال؟؟
ذكرني حديث السيد اللحام بزيارة رئيس الوزراء المصري الأسبق محمود قنديل لقطاع غزة إبان الحرب عليه في العام 2012م بتكليف من الرئيس الراحل محمد مرسي (رحمه الله)، ليؤازر أهل قطاع غزة، في حين لم تَر غزة أيّاً من مسؤولي سلطة عباس، تماماً كما يحدث الآن في القدس، إذ يتحرك لمناصرة أهل القدس إخوانهم من فلسطيني الأرض المحتلة عام 1948 ونواب عرب في الكنيست الصهيوني، في حين يغيب رجال عباس عن المشهد تماماً، وهذا ليس غريباً فلم يجد الشعب الفلسطيني محمود عباس في موقع النصير والمساند منذ توليه رئاسة السلطة في العام 2005م حتى اللحظة، بل على العكس تماماً ما وجده الشعب الفلسطيني إلا في الجانب الذي يمثل القهر والظلم لشعبنا، وجدناه مشارك في حصار غزة وقد صرح بذلك علناً مراراً وتكراراً ومطالباً للجانب المصري بمنع إدخال البضائع لغزة من الأنفاق، ووجدنا رئيس وزراءه الحالي مطالباً بمنع (تنفيس الإجراءات) -على حد تعبيره- التي يتخذها عباس ضد غزة، ووجدناه يقطع رواتب موظفي غزة، ووجدناه يأمر البنوك بوقف حسابات الجمعيات الخيرية التي تعمل في الجوانب الاغاثية لأهل غزة فضلاً عن إجراءاته ضد أنصار المقاومة في الضفة الغربية.
ولذلك هتف الشعب الفلسطيني في القدس باسم المقاومة، وتغنى بقائدها، ورقص فرحاً حينما لبت المقاومة النداء وأطلقت صواريخها لردع الاحتلال، وفي الوقت ذاته هتف الشعب الفلسطيني ضد عباس، ووصفه بالأوصاف التي سمعها العالم كله، وفي ذلك إجابة شافية وكافية ووافية عن تساؤل السيد اللحام، فهل وصلت الإجابة؟!
غزة في 09/05/2021م
صحيفة فلسطين