حمـــاس تمكنت من تفجير المحادثات مع فتح وتهدد بالتصعيد

إسرائيل هيوم - شاحر كليمان

ترجمة حضارات

 حمـــاس تمكنت من تفجير المحادثات مع فتح وتهدد بالتصعيد

بعد أربعة أيام من وصول وفود الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة، وصل الحوار الداخلي إلى طريق مسدود وتم تأجيله عندما تقدمت حمـــ اس بمطالب بعيدة المدى من فتح، والتي ينظر إليها في رام الله على أنها تهديد وجودي حقيقي. من ناحية أخرى، يبرز وفد فتح بشكل متزايد كمحاولة للبراءة وخطوة في البروتوكول، حيث تطالب السلطة الفلسطينية بوضع موطئ قدم في إعادة إعمار قطاع غزة وتمريركل المساعدات المالية الى غزة عبرها.

في وثيقة تم الكشف عنها نهاية الأسبوع الماضي في صحيفة العربي الجديد القطرية، حددت حمـــ اس رؤيتها للحوار الفلسطيني الداخلي. في صميم الرؤية دمج حمـــ اس والجهـــ اد الإسلامي وغيرها من المنظمات الفلسطينية في منظمة التحرير الفلسطينية مع إنشاء مجلس مؤقت لمدة عامين الذ سيصبح القيادة الجديدة للفلسطينيين. نوع من الهيئة التي من المفترض أن "تقود النضال" ضد "إسرائيل" في كل مكان. كما تطالب الوثيقة بالتصعيد الشعبي والمسلح، لا سيما داخل دولة "إسرائيل". في الواقع، هو مطلب لسيطرة حمــ اس على منظمة التحرير الفلسطينية والاستسلام الطوعي لرام الله.

ومما لا يثير الدهشة، رفض ممثلو السلطة الفلسطينية رفضًا قاطعًا مطالب حمــ اس وأصروا على أن نقطة الانطلاق للحوار ستكون تشكيل "حكومة إنقاذ وطنية" أو حكومة توافق فيها حمــ اس على خطط منظمة التحرير الفلسطينية والقرارات الدولية.

وبحسب التقارير العربية، فهم المصريون من ممثلي فتح أن دمج المنظمات في منظمة التحرير الفلسطينية كان خطوة إشكالية بشكل خاص، وأن حمـــ اس وحلفائها ستفرض "مبدأ المقــ اومة المسلحة" كخيار دائم، على عكس التفاهمات الواردة في اتفاقيات أوسلو واتفاقيات أخرى مع "إسرائيل". ومن هنا فإن مثل هذا الأمر سيفرض عزلة دولية على السلطة الفلسطينية. بل إن وفد رام الله حذر المصريين من فوز ساحق لحركة حمــ اس في حال إجراء انتخابات.

الأهم من ذلك كله، أن السلطة الفلسطينية تبدو قلقة بشأن وضعها وتريد الحصول على جميع الفوائد من الحكومة الديمقراطية في الولايات المتحدة أولاً، بما في ذلك افتتاح قنصلية في القدس الشرقية، وفتح بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وعودة المساعدات المالية للأونروا. بعبارة أخرى، يهدف الحديث على قضية غزة إلى تقديمها كعامل معتدل يمكن التعاون معه وبالتالي يجب تعزيزه قدر الإمكان.

ربما يكون هذا هو السبب وراء رغبة السلطة الفلسطينية في الحصول على موطئ قدم في إعادة إعمار قطاع غزة، بعد 14 عامًا من سيطرة حمــــ اس عليه. بينما اقترحت حمـــ اس تشكيل لجنة إعادة إعمار لتمثيل "جميع الفصائل"، تصر السلطة الفلسطينية على أن أي أموال تأتي من خلالها فقط.

بعد ذلك، أفادت الأنباء أن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشيتيه ووزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ سافروا إلى قطر في مناسبات مختلفة وحاولا دفع مصالح رام الله. وقالت مصادر للعربي الجديد إن الشيخ أبلغ القطريين أن حكومة بينيت لابيد مهتمة بتغيير المساعدات لقطاع غزة، لذا يجب أن تمر المساعدات من خلال السلطة الفلسطينية، لكن المسؤولين القطريين شددوا على أن إعادة الإعمار يجب أن تمر من خلال لجنة خاصة، وهي رؤية مماثلة لرؤية حمـــ اس.

وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية، أبدت السلطة الفلسطينية تحفظات على المصريين أيضًا بسبب أعمال إعادة الإعمار في قطاع غزة. كما ذكرنا، يبدو أن رام الله مهتمة أكثر باستغلال الأزمة في غزة لتعزيز علاقاتها مع الأمريكيين أكثر من اهتمامها بالعمل الحقيقي.

وعلى الرغم من الفجوات العميقة والأجواء السلبية ظهرت احتمالية أن تمدد الوفود الفلسطينية إقامتها في القاهرة. وذلك في ظل رغبة دولية بالتعاون مع دول عربية ومن بينها مصر لاستغلال موضوع إعادة الاعمار لإدامة هدنة طويلة الأمد مع "إسرائيل"، والفكرة مشروع إعمار كبير يستمر عشر سنوات تحت إشراف إقليمي ودولي. شريطة حدوث هدنة طويلة الأمد مع "إسرائيل" على الأرض. لكن حمــ اس رفضت الفكرة عمليا واقترحت مرة أخرى إقامة سلطة "غير سياسية".

لذلك بعد تأجيل الحوار حتى إشعار آخر، يبدو أن حمــ اس تسعى أيضًا إلى تفجير وقف إطلاق النار مع "إسرائيل" بوساطة مصرية وتمهيد الطريق لوسطاء أكثر راحة، مثل قطر. وأوضح مسؤولون كبار في حمــ اس الأسبوع الماضي أنهم يرفضون ربط صفقة تبادل الأسرى بإعادة إعمار قطاع غزة. كما علمت صحيفة "الأخبار" أن حمــ اس أوضحت لمصر أنها لن تسمح بمرور الوقت وأن إعادة الإعمار ستتأخر وأن الضغط الاقتصادي والإنساني سيمارس على قطاع غزة.

على هذه الخلفية، أكدت حمـــ اس للمصريين أن إمكانية العودة إلى المواجهة العسكرية تتزايد كل يوم في ظل هذه السياسة، وفي ظل تصاعد الأحداث في القدس. كما بعثت حمــ اس برسالة إلى مصر مفادها أن تدخل أبو مازن في موضوع إعادة الاعمار ومحاولة الاستيلاء على أموال المساعدات سيدفعان باتجاه كسر حالة التهدئة الحالية مع "إسرائيل".


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023