الوقوف بصمت ... وأسئلة الحقيقة

إسلام حامد

باحث وأسير فلسطيني


بقلم الأسير/ إسلام حسن حامد

هل يوجد مكان آخر؟

 تساؤلات الجمهور الصهيوني التي تؤرق عقولهم، إن كان هناك مكان آخر نذهب إليه دون أن نعرض أنفسنا لخطر الموت.

 حقيقة الصراع الدائر في الأرض المقدسة منذ أكثر من 70 سنة يقود إلى إجابة لا بديل عنها وهي: لا مجال آخر نذهب إليه.

 الأكثر أهمية من ذلك، إن كان باستطاعة الكبار في الكيان الصهيوني أن يقصوا الحقيقة على أبنائهم، وإن كان ذلك، فماذا سيقولون لهم وهم مختبئون في الملاجئ تحت الأرض، في لحظة ما وهم في الملاجئ يبحثون عن أي شيء يمكن قوله للأبناء وإن كان كذبًا، ليس من الصواب أن تبقى الفراغات دون كتابة.

 ومع تعقيدات المشهد الاجتماعي في الكيان الصهيوني، أصبح الجمهور يبحث عن الأسئلة والأجوبة على حد سواء من شفاه محمد الضيف، كون جزء صغير من حديثه في ذات الوقت يعبر عن الكثير من المناطق المحروقة داخل الكيان.

 وبالعودة إلى الآباء، فإن إغلاق النوافذ لن يمنع ما هو مكتوب في القدر، كما لا يمكن أن يفهم الأبناء إن كان إغلاق النوافذ سيجلب لهم الحماية والأمن أم لا، فالجميع أصبح يعلم أن حماس ستطلق الصواريخ في تمام الساعة التاسعة ليلًا كما حصل.

 ما الذي يمكن أن يتم تقديمه من توضيحات حول هذا الأمر، في مشهد درامي كانت العائلات في الملاجئ، لكن البعض منها كان جالسًا مترقبًا يتابع ما ستؤول إليه الأمور في الساعة التاسعة، أو الأصح إن كان هناك صاروخ سيسقط على هذا المنزل بالذات.

 الحديث هنا لا يدور عن حرب الخليج، التي تلقى الكيان الصهيوني لأول مرة رشقات صاروخية من العراق أوائل التسعينيات من القرن الماضي والتي تم استيعابها بسبب الوقت المتاح للجمهور بأن يدخل الملاجئ، الحديث اليوم عن ترسانة قوية لحماس تستطيع أن تغير المعادلة خلال ثواني، وتقلب الحقائق الثابتة في الميدان إلى متغيرات هشة وضعيفة لصالح المقاومة، ليس الكلام هنا عن صواريخ ردات الفعل العراقية في حينها، بل عن إطلاقات لامتناهية لصواريخ ذات دافع أيديولوجي.

 وفي الوقت الذي سقط فيه العشرات من المستوطنين اليهود نتيجة لتدافعهم على جبل الجرمق أو تلة ميرون، وحرب دينية تشتعل في القدس بين مواطنيها، وصولًا إلى ما يكون أقرب إلى الانتفاضة الثالثة في المناطق، يقف صاحب القرار عاجزًا عن التحرك، وعاجزًا عن توضيح الصورة لجمهوره الصهيوني إن كان هناك نهاية لهذا النفق، والذي يبدأ من قطاع غزة وينتهي داخل رؤوسهم، لتكون إجابة الآباء لأبنائهم في الكيان أنكم ولدتم في وضع الطوارئ وسيبقى كذلك، ولا يوجد لكم كأبناء خمس دقائق من الصمت، نحن في طائرة مخطوفة، ننتظر ونقف بصمت، إذا قلت لأبنائي بأننا منتصرون، هل سيصدقونني؟ أنا ممثل سيء أمامهم وأكذب أيضًا، كون كل ما رأيته سابقًا لا يشابه ما نراه اليوم.

الكيان الصهيوني يشتعل بكليته.



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023