حمـــ اس وإسرائيل تفهمان التصعيد أقرب من أي وقت مضى

مركز القدس للشؤون العامة والدولة

يوني بن مناحيم

ترجمة حضارات

حمـــ اس وإسرائيل تفهمان التصعيد أقرب من أي وقت مضى


تهدد حـــ ماس والفصائل الأخرى في قطاع غزة باستئناف المقـــ اومة الشعبية (بالونات حارقة وأنشطة ليلية على السياج الحدودي) إذا ماطلت "إسرائيل" في التزاماتها تجاه قطاع غزة وأخرت إعادة إعماره.

بعد اجتماع طارئ الأسبوع الماضي في مكتب يحيى السنوار في غزة، أعلنت الفصائل معارضتها لمطلب "إسرائيل" ربط إعادة إعمار قطاع غزة بعودة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الأربعة.

وقال بيان "لن يطلق سراح الأسرى إلا مقابل أسرى .. نحن جاهزون للتحديات وفرض مزيد من المعادلات (على إسرائيل.)

عاد وفد أمني إسرائيلي من محادثات في القاهرة مع المخابرات المصرية حول فرص التقدم بصفقة جديدة لتبادل الأسرى بين "إسرائيل" وحمــــ اس.
ولم تتقدم الاجتماعات وعاد الوفد إلى "إسرائيل" لتقديم تقرير إلى رئيس الوزراء نفتالي بينيت وتلقي مزيد من التعليمات. سيناقش المصريون موقف "إسرائيل" مع قيادة حمـــ اس وسيعود الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة هذا الأسبوع لمزيد من المناقشات.

وتقول مصادر أمنية في "إسرائيل" إن إحراز تقدم في عودة الأسرى والمفقودين الأربعة الذين تحتجزهم حمـــ اس هو مفتاح إعادة إعمار قطاع غزة. 
اتخذ المستوى السياسي في "إسرائيل" هذا القرار بعد جولة القتال الاخيرة، لكن حمـــ اس تعارض بشدة هذا الربط وتفعل كل ما في وسعها لقطعه.
بالنسبة لها، تعتبر صفقة تبادل الأسرى "قضية منفصلة" تريد حمــــ اس أن تحصل من "إسرائيل" على ثمن كبير - أكثر من "صفقة شاليط" في عام 2011.

وذكر يحيى السنوار الرقم 1111 قبل نحو ثلاثة أسابيع، وفسرت مصادر في التنظيم كلماته بأن هذا هو عدد الأسرى الأمنيين الذين تطالب حمــ اس "إسرائيل" بإطلاق سراحهم في إطار صفقة تبادل الأسرى الجديدة.
في صفقة شاليط، أطلقت "إسرائيل" سراح 1027 أسيرا مقابل جندي إسرائيلي واحد على قيد الحياة.

نقطة الخلاف الأخرى بين "إسرائيل" وحمــــ اس هي الأموال القطرية، أي المنحة القطرية الشهرية البالغة 30 مليون دولار التي وافقت "إسرائيل" على إدخالها نقدًا إلى قطاع غزة كل شهر.
يذهب جزء من الأموال لشراء وقود لمحطة توليد الكهرباء في مدينة غزة ويتم استخدام باقي الأموال لدفع رواتب لحمـــ اس والعائلات المحتاجة، لكن اتضح أن معظم الأموال ذهبت إلى حمـــ اس للتكثيف العسكري (إنشاء الأنفاق وإنتاج الصواريخ(.

وتعارض "إسرائيل" الآن تحويل هذه الأموال نقدًا وتطالب بدخولها إلى قطاع غزة عبر السلطة الفلسطينية، لكن حمـــ اس تعارض ذلك بشدة.

انفجار في لقاء مع مبعوث الأمم المتحدة

التقى يحيى السنوار، زعيم التنظيم في قطاع غزة، في 21 حزيران / يونيو في مدينة غزة مع المبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط ثور وينسلاند، بخصوص المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ودفع عملية التهدئة وإعادة إعمار قطاع غزة. .

وأوضح المبعوث الأممي للسنوار الموقف الإسرائيلي الذي يربط إعادة إعمار قطاع غزة بعودة الأسرى والمفقودين الأربعة الإسرائيليين.
في غضون ذلك، تم إغلاق المعابر الحدودية من "إسرائيل" إلى قطاع غزة، ومساحة الصيد محدودة بـ 6 أميال فقط.

ويقول مسؤولو حمــــ اس إن الاجتماع بين يحيى السنوار ومبعوث الأمم المتحدة كان صعبا ورفع السنوار صوته عدة مرات، مهددا بأنه إذا لم تقم "إسرائيل" بتحويل الأموال القطرية نقدا على الفور، فإن حمـــ اس ستستأنف التصعيد على حدود غزة.

ثم خرج السنوار للصحافة وقال: إن "اللقاء مع المبعوث الاممي كان سيئا ولم ترد أنباء عن تحسن الوضع الانساني في قطاع غزة، "إسرائيل" لم تفهم الرسالة وتحاول ابتزازنا".

وتقول مصادر في حمــــ اس إن الحركة ستجدد تدريجياً التصعيد على الحدود وتبدأ في إطلاق بالونات حارقة باتجاه "إسرائيل"، وأي قنبلة إسرائيلية رداً على ذلك "سترد بشكل مباشر باتجاه مستوطنات غلاف غزة".

ويقدر مسؤولون أمنيون كبار أن جولة أخرى من القتال بين "إسرائيل" وغزة هي مسألة أسابيع، واستمع مجلس الوزراء الأمني   الجديد إلى مراجعات من قادة الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الأسبوع حول الاستعدادات لجولة جديدة من القتال.

وتقدر حمـــ اس أن الحكومة الجديدة في "إسرائيل" مأزق ويمكنها تحقيق تنازلات إسرائيلية من خلال الاستئناف التدريجي للتصعيد وفي ظل ضغوط حكومة بايدن والمجتمع الدولي على حكومة بينيت لابيد لتحقيق تهدئة على حدود غزة.


تأخر إعادة إعمار القطاع

قالت مصادر في حمـــ اس إن الحركة أبلغت جميع الوسطاء بأنها غير ملتزمة بوقف إطلاق النار مع "إسرائيل" وتطالب ببدء إعادة إعمار قطاع غزة على الفور، وتهدد حمـــ اس بأن تأخير إعادة إعمار قطاع غزة سيؤدي إلى استئناف التصعيد.

ومع ذلك، فإن حمـــ اس تدرك جيدًا أن الوضع اليوم مختلف تمامًا عن الوضع الذي كان سائدًا في صيف 2014.

تغيرت الظروف تمامًا ويبدو أن إعادة إعمار قطاع غزة لم تنته بعد، والمؤشرات تنذر بالسوء على أن "إسرائيل" وحمــ اس في طريقهما إلى مواجهة عسكرية جديدة لعدة أسباب:

أعلنت حمـــ اس تطبيق معادلة جديدة بين غزة والقدس. وطالما لم يهدأ الوضع في القدس الشرقية بسبب المشاكل في حي الشيخ جراح و قرية سلوان وفي الحرم القدسي، حيث وقعت اشتباكات عنيفة يوم الثلاثاء بين عائلات يهودية وفلسطينية في منطقة الشيخ جراح.

وبحسب معادلتها الجديدة، على حمـــ اس الاستمرار في إطلاق البالونات الحارقة والصواريخ باتجاه "إسرائيل". في هذا السيناريو يكون قطاع غزة تحت قصف إسرائيلي مكثف ولن يكون من الممكن إعادة إعمار أي شيء فيه.

ربطت "إسرائيل" إعادة إعمار قطاع غزة بإعادة الأسرى والمفقودين الأربعة الذين تحتجزهم حمـــ اس. لا يمكن "لإسرائيل" أن تقبل مطالب حمـــ اس التي لا ترغب في التحلي بالمرونة وتطالب بالمقابل بالإفراج عن قادة الانتفاضة ومئات الأسرى من ذوي الاحكام المؤبدة .

المستوى السياسي في "إسرائيل" غير مستعد لتكرار الأخطاء التي ارتكبت في صفقة شاليط عام 2011، وحمـــ اس ترفض استيعاب التغيير الذي حدث على المستوى السياسي في "إسرائيل".

المجتمع الدولي متردد وخائف من تحويل الأموال لإعادة إعمار القطاع. معظم الأموال التي تم تحويلها لإعادة إعمار قطاع غزة بعد حرب عام 2014 ذهبت هباءً، وتتساءل دول حول العالم ما هو الهدف من إعادة إعمار قطاع غزة إذا شنت حمـــ اس حربًا ضد "إسرائيل" كل بضع سنوات.

أعلنت مصر عن تبرع بقيمة 500 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع، وهو تقدير في العالم العربي هي أموال من الإمارات تسعى لشراء نفوذ في قطاع غزة مقابل محور قطر وحمـــ اس، بالإضافة إلى المبلغ الذي تبرعت به مصر.

أغلقت "إسرائيل" المعابر المؤدية إلى قطاع غزة وترفض إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة (الأسمنت والحديد والخشب وكابلات الكهرباء) لإعادة تأهيلها دون وجود آلية رقابة فعالة لضمان عدم وصول هذه المواد إلى حمـــ اس لإعادة تأهيل أنفاق المنظمة ("المترو") والتحصينات.

كما طالبت "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية مصر بوقف ادخال مواد البناء من مصر إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، واستجابت مصر للطلب مؤقتًا.

ترفض حمـــ اس اقتراح السلطة الفلسطينية بإنشاء "مقر لإعادة إعمار قطاع غزة" بمشاركة ممثلين عن السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" والأمم المتحدة. 
وتقول مصادر في حمــ اس إن الحركة ستفشل في إقامة أي نظام إشراف ورقابة على مواد البناء، كما يقولون، فلديها الوقت وفي النهاية ستخضع "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية لمطالبهما.

تدعي حمـــ اس أنه حتى لو تم نقل مواد البناء مباشرة إلى العائلات التي دمرت منازلها، فإنها ستصل في نهاية المطاف إلى المنظمة لأن معظم سكان قطاع غزة هم من أنصار حمـــ اس الذين يدافعون عن فكرة المقـــ اومة والنضال المسلح ضد "إسرائيل".

الوضع معقد ومعقد ويحاول مختلف أصحاب العقارات إيجاد حلول إبداعية.

أفادت صحيفة العربي الجديد يوم 18 يونيو من مصادر مصرية أن السلطة الفلسطينية تعارض العرض الذي قبله السنوار، أن المنحة النقدية القطرية المخصصة لشراء وقود الديزل لمحطة توليد الكهرباء في غزة ستنقل إلى مصر وستقوم بشراء الديزل وتحويله إلى وكالة الغوث في قطاع غزة لتجاوز حمـــ اس.

وتقول مصادر في حمـــ اس إن إعادة إعمار القطاع بات شعارًا فارغًا لأنه لا يوجد حشد لجميع الجهات المشاركة في القطاع لإعادة إعماره .

بعد حرب عام 2014، بادرت مصر باجتماعاً دولياً في شرم الشيخ حيث تم جمع التبرعات لإعادة إعمار القطاع، اليوم لم يعد أحد يتحدث عن عقد مثل هذا المؤتمر، والجهود تتركز على تثبيت وقف إطلاق النار الهش الذي يمكن أن ينهار في أي لحظة ونصبح في جولة جديدة من القتال.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023