نائبان وحقوقي: تغييب التشريعي والرقابة بالضفة ساهما بتغوّل السلطة وشبهات الفساد


اعتبر نائبان في المجلس التشريعي وحقوقي أن تَغيِيب المجلس التشريعي والهيئات الرقابية عن دورهم الرقابي بشكل متعمّد من السلطة التنفيذية ساهم في التفرّد والتغول داخل المؤسسات الحكومية على حساب السلطة التشريعية والقضائية، بالإضافة لانتشار فضائح شبهات الفساد.

وأوضح هؤلاء أنّ "فضيحة صفقة اللقاحات منتهية الصلاحية" بين السلطة والكيان الإسرائيلي، والتي كشفت عنها حكومة الاحتلال وأثارت غضب الشارع الفلسطيني، تعتبر نتاجًا لتغييب الدور الرقابي للمجلس التشريعي والمؤسسات الحقوقية المستقلة.

وأعلنت السلطة الفلسطينية الجمعة الماضية إلغاء صفقة تبادلية للقاح "فايزر" مع حكومة الاحتلال؛ إثر ضجة كبيرة على وسائل التواصل والإحراج الكبير الذي وقعت به بعيد الكشف الإسرائيلي عن قرب انتهاء صلاحية اللقاحات.

وبموجب الصفقة كان من المقرر استلام السلطة ما يقارب من (1.4 مليون جرعة) من لقاح "فايزر" قاربت صلاحيتها على الانتهاء، مقابل استلام حكومة الاحتلال لقاحات جديدة اشترتها السلطة من الشركة المصنعة من المقرر وصولها أواخر العام الجاري.

وعلى إثر الفضيحة، طالب القطاع الصحي في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يوم الأحد بتشكيل لجنة للتحقيق في إمكانية وجود صفقة لما عرف بقضية اللقاحات ووصولها للأراضي الفلسطينية قبل إلغائها.

النائب في المجلس التشريعي منى منصور اعتبرت أنّ تغييب المجلس التشريعي ولجانه الرقابية "شجّع كل مسئول في السلطة التنفيذية ليعمل كل ما يبدو له دون رقابة ولا حساب أو مسائلة "من أين لك هذا؟، وما هي مبررات مثل هذه الصفقات؟!".

وبيّنت منصور في حديثها لوكالة "صفا" يوم الأحد، أنّ غياب الهيئات الرقابية "ولدّ الفوضى وعدم الثقة بالحكومات، وبدون وجود هيئات رقابية نزيهة سيبقى الحال كما هو عليه من انتشار للفوضى والفساد وتغول المتنفذين في السلطة التنفيذية قائم".

"حكومة غير مؤتمنة"

وأضافت النائب في المجلس التشريعي "الخطورة تزايدت بعدم المحاسبة والمراقبة على المال العام وأين يذهب؟ حتى باتت الحكومة لا تؤتَمن على حياة وأرواح المواطنين، خاصة بعد فضيحة استجلاب اللقاحات الإسرائيلية منتهية الصلاحية أو طعوم قاربت على الانتهاء، وخاصة بعد مطالبة منظمة الصحة العالمية بإجراء تحقيق مستقل حول هذه الحادثة".

وتابعت أن "الحكومة أصبحت غير مؤتمنة على أرواح المواطنين والأمور وصلت لمرحلة العظم، وفي الوقت الذي يدفع فيه الشبان والفتيات أرواحهم فداءً للأقصى تجد بعض المتنفذين في السلطة يضحي بأرواح الشعب الفلسطيني من أجل مصالح ذاتية ومادية "

وواصلت "الفضائح زادت وكشفت أوراق هذه السلطة المتنفذة في ظل الصراع بين أقطاب فيها، ولغة المصالح هي التي تحكم أطراف في السلطة والحكومة، ولو تم إجراء تحقيق في ظل غياب المجلس التشريعي صاحب الأولوية في الرقابة على الحكومة ومؤسساتها، سيصبح الشك في نتائج ومستخلصات هذه اللجنة حاضرا، وفق التجارب السابقة".

وشدّدت على أن عدم وجود رقابة حقيقية على الحكومة خطير جدا، "ويشجع على مزيد من التغول والفساد"، داعية كل مكونات الشعب الفلسطيني ومؤسساته التشريعية والحقوقية والمستقلة للضغط باتجاه انتخابات نزيهة تُحترم نتائجها وتفرز هيئات ومجالس تحاسب وتراقب الحكومة.

وطالبت منصور بتشكيل لجنة حيادية "لا تنتمي لفصيل السلطة فقط بحيث تكون منظمة الصحة العالمية ممثلة في هذه اللجنة أو أن تكون مشرفة أو مرافقة لهذه اللجنة".

محاسبة المتورطين

بدوره، طالب النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة بمحاسبة المتورطين في "فضيحة اللقاحات" عبر لجنة وطنية شعبية، باعتبار أنّها أصبحت قضية رأي عام تهم شريحة كبيرة من المواطنين.

وأكّد خريشة في حديث لوكالة "صفا"، وجود تخبّط كبير بأوساط السلطة عقب الكشف عن القضية، "يبدو أنها ناتجة عن صراعات تحت دواعي السمسرة المالية، نهايتها هو العبث بأرواح الناس".

وشدّد على ضرورة وجود مجلس تشريعي بمثل هذه القضايا للمحاسبة والرقابة، وفضح هذه الممارسات، "لأن غياب ذلك يحول السلطة لمفسدة ويجب أن يكون هناك تحرك حقيقي".

وقال: "الأصل أن يتم محاسبة القائمين عبر لجنة وطنية شعبية، لا من خلال تشكيل لجان بالطرق التقليدية".

ولفت إلى وجود تساؤلات كبيرة لدى المواطنين، "أين الرقابة المالية والدوائية والمؤسسات المعنية من ارتباط مدني ولجان فحص العينات وغيره من هذه القضية؟".

في السياق، اتفق الكاتب والحقوقي مصطفى إبراهيم مع سابقيه بأنّ تغييب المجلس التشريعي منح السلطة التنفيذية فرصة كبيرة للاستفراد بالنظام السياسي والتغول على المجتمع الفلسطيني، وغياب لسيادة القانون وتفعيل آليات الرقابة ما انعكس بالسلب على حقوق الانسان وقضايا الرأي.

وأوضح الحقوقي إبراهيم، خلال حديثه لوكالة "صفا"، أنّ تعطيل وحل المجلس التشريعي بالضفة الغربية واللجان الرقابية المنبثقة عنه مثل اللجنة القانونية والصحية ولجنة الرقابة وحقوق الانسان -المفترض أن توافق على مثل هذه الصفقات خاصة التي تعنى بصحة المواطنين- ساهم في تغييب سيادة القانون والعدالة .

وأشار إلى أنّ مؤسسات المجتمع المدني تقوم بدور رقابي محدود على أداء السلطة، مفسّرًا ذلك بقوانين أوجدتها السلطة "لتراقب نفسها عن طريق مؤسسات تابعة تقوم بدور الرقابة الذاتية، ودون صلاحيات وأدوات اللجان والهيئات الرقابية التي تتمتع بها نظيراتها في المجلس التشريعي"، لافتًا إلى أنّ هذه الهيئات الرقابية الحكومية "معطلة حاليًا ولا تقوم بدورها الحقيقي".

وذكر الكاتب والحقوقي أنّ المؤسسات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني طالبت بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تُقدم لها كل الصلاحيات والتسهيلات، مضيفًا "لا يجوز محاكمة المتورطين دون وجود لجان نزيهة من شخصيات وطنية مشهود لها بالنزاهة والاستقلالية لضمان عدم إفلات المسئولين عن هذه الفضيحة من العقاب".

يشار إلى أنّ نشطاء طالبوا عبر وسم #فضيحة_اللقاحات بإقالة حكومة اشتية؛ لتورّطها الكامل في عقد وترتيب الصفقة وإعلانها مطابقتها الشروط قبل يوم من كشف "الكارثة".

ونقلت مصادر إعلامية عبرية عن مسؤولين في السلطة إبلاغهم نظراءهم الإسرائيليين أن رفض "صفقة اللقاحات" جاء بسبب انكشاف أمرها، وحالة الرفض الفلسطيني الداخلي الواسع.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023