مركز القدس للشؤون العامة والدولة
12 يوليو 2021
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات
تتواصل المظاهرات في الضفة الغربية ضد السلطة الفلسطينية المطالبة بإسقاط محمود عباس احتجاجًا على اغتيال نزار بنات، وهي أصغر في نطاقها وتتركز على مدينتي رام الله والخليل.
تقدر المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية أن للسلطة الفلسطينية قوة عسكرية كافية على الأرض لمنع الإطاحة بنظام محمود عباس، لكن السلطة تخشى تراكم الغضب الشعبي وتستعد للمستقبل.
من أجل محاولة قمع موجة الاحتجاجات الشعبية، قرر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تحويل وفاة نزار بنات إلى اختبار للولاء العام للسلطة الفلسطينية وحركة فتح وزعيمها.
يصور إعلام فتح الاحتجاج الشعبي على أنه مؤامرة "لمرتزقة" مثل حمـــ اس ومحمد دحلان للإطاحة بالحكم الشرعي للسلطة الفلسطينية، يتم فصل كل مسؤول في السلطة الفلسطينية يشارك في الاحتجاج الشعبي أو يدعمه على وسائل التواصل الاجتماعي.
أمر رئيس السلطة الفلسطينية، وهو أيضًا رئيس حركة فتح، بإخراج المئات من مقاتلي فتح إلى الشوارع.
منذ عدة أيام ينظمون مسيرات دعما لمحمود عباس في مدن مختلفة بالضفة الغربية، ويطلقون طلقات تحذيرية في الهواء ويوضحون أنهم لن يسمحوا بالمساس بالسلطة الفلسطينية وزعيمها.
شارك محمود العالول نائب رئيس حركة فتح نهاية الأسبوع الماضي في مظاهرة كبيرة لحركة فتح ووجه تهديدًا للمتظاهرين على مقتل نزار بنات: "من يستفز حركة فتح - لن نشعر بالأسف عليه. !
وتقول مصادر في حمـــ اس إن محاولة رئيس السلطة الفلسطينية تحويل الاحتجاج على اغتيال نزار بنات إلى إعلان حرب على حركة فتح هي مؤامرة خطيرة قد تجر الضفة الغربية إلى حرب أهلية.
يبذل المسؤولون الأمنيون في "إسرائيل" جهدًا استخباريًا وعمليًا رفيعًا لعدم السماح بإلحاق الأذى بما يسمى "المثلث المقدس": رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وحسين الشيخ مسؤول الشؤون المدنية، وماجد فرج، رئيس المخابرات العامة ومسؤول عن التنسيق الأمني مع "إسرائيل".
ويعتبرون محوراً مهماً في السلطة الفلسطينية يحافظ على العلاقات مع "إسرائيل" والسلام الأمني في الضفة الغربية، أي ضرر يلحق بهم يمكن أن يقوض استقرار السلطة، وهذه نقطة مهمة للغاية؛ لأن الشارع الفلسطيني، بتشجيع من حمــ اس، يحملهم المسؤولية المباشرة عن اغتيال نزار بنات.
تخشى المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية أن تنجح حمـــ اس في تحريك الأرض مرة أخرى ضد حكم محمود عباس.
على أية حال، فإن أي شخص يعتقد أن الاحتجاجات الشعبية في الضفة الغربية والدعوات لمحمود عباس "للعودة إلى دياره" ستؤثر عليه يرتكب خطأ مريرًا، بحسب مقربين من محمود عباس، فهو مصمم على البقاء في كرسيه لا. مهما.
وهو زعيم عنيد وقاس لا يتأثر بمظاهرات الغضب على مقتل نزار بنات الذي تجرأ على تحدي دكتاتورية السلطة ودفع حياته ثمنا.
وحتى الآن، لم تنشر السلطة الفلسطينية نتائج تقرير لجنة التحقيق في ملابسات وفاة نزار بنات، ولم تعتذر لأسرته.
على الرغم من ضعف مكانة عباس العامة في الشارع الفلسطيني بشكل كبير؛ بسبب اغتيال نزار بنات وإلغاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية والحرب الأخيرة في قطاع غزة، إلا أنه يشعر أن مكانته لا تزال قوية إقليمياً ودولياً لعدة أسباب:
1.. لا توجد حاليا إمكانية لإجراء انتخابات في الضفة الغربية بسبب الوضع الأمني المتوتر وقضية اغتيال نزار بنات وتعزيز موقف حمـــ اس في الشارع الفلسطيني، والذهاب إلى صناديق الاقتراع يعني "انتحارا سياسيا" لحركة فتح، مما يعني لن يحدث.
2.. لن تسمح الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نفتالي بينيت بإجراء انتخابات في القدس الشرقية بعد اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" وفي ضوء نية إدارة بايدن إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية.
3.. على الرغم من ضعف موقف محمود عباس في الشارع الفلسطيني واستطلاعات الرأي العام، إلا أنه لا يزال يتمتع بالدعم الكامل من "إسرائيل" وحكومة بايدن ومصر والأردن والسعودية.
وهم يعرفون أن بديل حكمه هو حكم حركة حمــ اس، ومحمود عباس يعتبر "الأقل سوءاً" رغم عيوبه الأخلاقية، ولا بديل له في قيادة فتح، يعتبر "معتدلًا" وعمليًا، عباس يعرف ذلك ويحتفظ بمكانته، ولا يعين نائبًا أو وريثًا لنفسه ليحافظ على نفسه كخيار وحيد للسلطة رغم تقدمه في السن.
يثق محمود عباس بعنصر الزمن، فهو يعرف أن ذاكرة الجمهور الفلسطيني قصيرة، غدًا ستكون هناك أحداث أمنية أو غيرها تصرف ذهنه عن قضية موت نزار بنات وستتلاشى القضية وسيبقى في مقعده كقائد للشعب الفلسطيني.
كما هو الحال الآن، طالما أن محمود عباس يعمل بشكل جيد من الناحية الصحية، فإنه سيبقى في كرسيه لفترة طويلة قادمة، تستمر معركة الخلافة على رأس فتح خلف الكواليس، لكن لا يوجد ما يدعو للاستعجال.