العلاقات الإسرائيلية الأردنية: الفرص والمخاطر

مركز بيغين- السادات للدراسات الاستراتيجية
جامعة بار إيلان

دكتور. دورون ماتزا 
16 يوليو 2021

ترجمة حضارات


ظهر الدفء الإسرائيلي الأردني واضحا بعد سنوات من العلاقات المتوترة. التقى رئيس الوزراء بينيت في ما كان يفترض أن تكون زيارة سرية للملك عبد الله في عمان، والتقى وزير الخارجية لبيد بنظيره الأردني. 
وبحسب تقارير مختلفة، تم الاتفاق في الاجتماعات على المساعدة الإسرائيلية في نقل عشرات الملايين من الأمتار المكعبة من المياه من بحيرة طبريا إلى الأردن، وعلى التعاون التجاري، وخاصة من خلال الصادرات الأردنية للسلطة الفلسطينية.
 هذه الفرص، التي تظهر فيها "إسرائيل" كطرف يعطي والأردن كطرف مستقبل، ليست القصة المهمة في هذا التطور، حتى لو كانت لها فائدة سياسية معينة لـ"إسرائيل"، فقد تشير إلى اتجاه تنموي مثير للقلق في استراتيجية "إسرائيل" في الشرق الأوسط.


شهدت العلاقة الطويلة والفريدة بين الأردن و"إسرائيل" تغيرات عديدة، لكن العامل الدائم الذي طالما أثر فيهما وشكل صورتهما كان القضية الفلسطينية. إلى جانب المصلحة الأساسية لـ"إسرائيل" والأردن في دفع أقدام الحركة الوطنية الفلسطينية، وتحديداً منظمة التحرير الفلسطينية وداعميها، لم يكن هناك دائمًا تداخل في مصالح الدولتين.


منذ أن أعلن الأردن - أكثر من نصف سكانه فلسطينيون - فك ارتباطه بالضفة الغربية في عام 1988 لمنع أي احتمال لتحقيق الفكرة الوطنية الفلسطينية على حسابها، وضعت المملكة الهاشمية استراتيجية تسعى إلى دفع الدولتين ( النموذج الفلسطيني والإسرائيلي) الذي سيمنع تسرب المؤثرات الفلسطينية إليه وتقويض الاستقرار الداخلي في الأردن. 
لا عجب في أن اتفاقيات أوسلو عام 1993 بين "إسرائيل" وعرفات سمحت للملك حسين بالتوقيع (عام 1994) على اتفاقية سلام رسمية مع "إسرائيل"، بعد أن اقتنع بأنه بموجب مفهوم الدولتين، كان مضمونًا ألا تكون مملكته جزءًا في حل القضية الفلسطينية، أدت إزالة هذه السحابة إلى ازدهار العلاقات الإسرائيلية الأردنية خلال التسعينيات.


لكن حرب عرفات (المعروفة باسم انتفاضة الأقصى) وانهيار اتفاقيات أوسلو أعادت الأردن إلى حالة من القلق الاستراتيجي. وقد ازدادت هذه في العقد الماضي على خلفية تدهور القضية الفلسطينية وفي مواجهة الانهيار الكامل لنموذج الدولتين الذي دفع بالرؤية الأردنية لدولة فلسطينية في الضفة الغربية. وهكذا، وجد الأردن نفسه في موقف دفاعي خوفًا من أن هذه الاتجاهات قد ترسم "الجدار الحديدي" الديموغرافي والسياسي والمادي بين الضفة الغربية والمملكة.


حقيقة أن "إسرائيل" كانت محكومة من قبل حكومات يمينية ارتبطت عبر التاريخ بفكرة جعل الأردن "الوطن البديل" للفلسطينيين، زاد من مخاوف عمان. يضاف إلى ذلك "صفقة القرن" للرئيس ترامب، والتي تضمنت التنازل عن فكرة الدولتين لصالح ترتيبات اقتصادية وظيفية بين "إسرائيل" والفلسطينيين، بالنسبة للأردن، كان هذا مؤشرا على الاتجاهات السلبية التي ظهرت في موقعها الاستراتيجي.


من ناحية أخرى، ظهرت حقيقة معاكسة لـ"إسرائيل". 
إن انحسار "القضية الفلسطينية"، إلى جانب التغيرات التي طرأت على الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي، سمحت لها بتحويل منظورها من العلاقات مع جيرانها المباشرين إلى الدول الغنية والمتقدمة في الخليج الفارسي.


كقوة نشطة وتكنولوجية واقتصادية، كانت "إسرائيل" قادرة على الانخراط في العديد من التعاون مع هذه الدول، ناهيك عن البعد الأمني ​​على خلفية المصلحة المشتركة في وقف إيران. كانت هذه هي الخلفية التي مكّنت من توقيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" التي استندت إلى نموذج اقتصادي نفعي دفع نموذج الهوية الوطنية الذي عزز العملية السياسية مع الفلسطينيين التي ارتبطت بها الأردن (ومصر).


هناك الآن اتجاه واضح للعلاقات الدافئة مع تلك الدول. هذا ليس فقط في الأردن، ولكن أيضًا في مصر، التي أصبحت مرة أخرى، في أعقاب حرب غزة في مايو الماضي، عاملاً وسيطًا مهمًا ضد حمـــ اس في قطاع غزة.،كل هذا مع وجود ضعف معين في محور "اتفاقات إبراهيم" على خلفية سعي إدارة بايدن الحثيث للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، الأمر الذي يتطلب من دول الخليج السعي للحوار مع الجوار المفترس كجزء من جهود البقاء.


لا شك في أن تعزيز العلاقة بين "إسرائيل" وجيرانها أمر مهم، لكن يبدو أن هذه علامة أخرى على توقف محتمل للعمليات الإيجابية التي حدثت في العلاقات الإسرائيلية في الشرق الأوسط بشأن التطبيع العربي الإسرائيلي،المنطقة أي "المشكلة الفلسطينية".
 في هذا الصدد، قد يصبح الأردن البوابة المتجددة التي ستوجه "إسرائيل" إلى المسار القديم المألوف والسيء لـ "عملية السلام".

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023