هآرتس
جاكي خوري
ترجمة حضارات
لم يعرف في البداية مصدر إطلاق النار بعد ظهر الجمعة في مزرعة شبعا. ووجهت أصابع الاتهام إلى تنظيمات أو متمردين فلسطينيين هدفهم تحدي حـــ زب الله في ظل الأزمة اللبنانية الداخلية، لكن حتى عندما تحمل حـــ زب الله المسؤولية، لم يكن ذلك بالنسبة له إعلانا عن كسر الأدوات.
يمتلك التنظيم القدرة العملياتية واللوجستية على توجيه الصواريخ إلى المواقع أو القواعد، لكنه يحافظ على قواعد اللعبة: "إسرائيل" تهاجم لبنان في منطقة مفتوحة، دون أضرار أو إصابات، وهو يرد بنفس الطريقة.
وقال الأمين العام لحـــ زب الله، حسن نصر الله، الليلة الماضية بصوته - وحذر: "رغم كل الصعوبات في لبنان، لن نتردد في الرد".
على أي حال، لم تكن القصة المهمة في منطقة شبعا، بل في الساحة اللبنانية الداخلية، حدد أهالي قرية شوبا الدرزية مكان إطلاق الصواريخ واعتقلوا عناصر حــ زب الله المسؤولين عن إطلاق النار.
فيديوهات تظهر كيف يهددون شاباً لبنانياً يبدو مذعوراً في سيارته، وخلال دقائق اندلعت الشبكة العنكبوتية : هل من حق حـــ زب الله إطلاق النار على "الأراضي الإسرائيلية" أم لا؟ تصاعد النقاش إلى اتهامات وتحليلات وانتشرت صورة الشاب الدرزي التي عثرت على السيارة، بطل أم خائن؟ يعتمد على من تسأل.
كان هناك في الساحة اللبنانية من اتهم حـــ زب الله بمحاولة صرف الانتباه عن الأزمة في لبنان في نهاية الأسبوع.
من ناحية أخرى، زعموا أنه تمت الدعوة لرد التنظيم على ضوء ما حدث الأسبوع الماضي، بعد إطلاق النار على كريات شمونة ورد الجيش الإسرائيلي بعد ذلك.
سواء أكان موقفًا صادقًا أم قسريًا، فإن القيادة الدرزية في لبنان ليس لديها مجال كبير للمناورة. في النهاية، تعرف إلى أين يتجه ميزان القوى. في الحادث يبدو أن أحد أعضاء حـــ زب الله خائف، لكن من منظور أوسع، لا أحد يريد جر الساحة إلى مواجهة أمامية مع المنظمة، التي تتغلب قوتها حتى على الجيش اللبناني. لذلك فضلوا إغلاق الأمر بسرعة، في محاولة لإطفاء حرارة الصراع.
آراء السكان الدروز حول القرار لم تكن متعاطفة: إذا أرادوا إطلاق النار، فسألوا لماذا من قرية درزية؟ وإذا ردت "إسرائيل"، فلماذا تكون هذه القرية على خط المواجهة؟ أسئلة إضافية تتعلق بهوية التنظيمات المطلقة من الأراضي اللبنانية، ولا يفهم السكان سبب جر حـــ زب الله وراءهم.
لم يعد حـــ زب الله يحظى بالدعم والتعاطف الشعبيين عشية حرب لبنان الثانية. بعد 15 عاما، لبنان في حالة انهيار اقتصادي واجتماعي، المواطن اللبناني الذي وثق في حـــ زب الله لدرجة أنه كان على استعداد لامتصاص النار والدمار يبحث اليوم عن طعام ودواء ووقود وكهرباء.
صحيح أن لبنان عانى لسنوات من الانقسامات العرقية والسياسية، لكن يبدو أنه قادر دائمًا على التغلب على الصعوبات - حتى بعد حرب أهلية دامية. اليوم يبدو أنها فقدت كل مرساة وهي الآن بحاجة إلى روح، أنه منذ الانفجار الهائل في مرفأ بيروت العام الماضي لم يتوقف النزيف، هذه دولة لا ترى أفقًا وتنتظر من يخلصها من عذابها.
الجدل حول الاتجاه الصحيح الذي يجب أن تأتي منه المساعدة - المحور الأمريكي السعودي أو المحور الإيراني - يقسم الرأي العام في لبنان.
كل قرار له ثمن سياسي، وطالما لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الموضوع، فإن الشعب اللبناني سيواصل رحلة المعاناة والعذاب.
قد يكون الحادث في شبعا قد أثار مخاوف بعض الإسرائيليين قبل رحلة نهاية الأسبوع، لكن في لبنان يُنظر إليه على أنه خطوة أخرى في تعميق الاستقطاب والتفكك اللذين يهددان مستقبل البلاد.