إسرائيل هيوم
دانييل سريوتي
ترجمة حضارات
اعتاد زعيم حمـــ اس في غزة يحيى السنوار أن يخبر رفاقه وضيوفه أن إحدى الخطوات الرئيسية التي تعلم أن يتبناها أمام حراسه في السجون الإسرائيلية حيث قضى معظم حياته البالغة كانت "حركة المخاطرة المحسوبة".
اعتاد السنوار أن يتباهى أمام مستمعيه بأنه تعلم تقدير رد فعل الحراس الإسرائيليين على أي خطوة يقوم بها؛ لذلك كان يعرف متى يتخذ نهجًا يبدو أحيانًا خطيرًا ومتطرفًا، لكن بالنسبة للسنوار كان نهجًا دقيقًا ومحسوبًا ويمكن التنبؤ به والذي غالبًا ما كان ناجحًا أيضًا ويحصل السنوار على ما يريد.
من الواضح أن يحيى السنوار لم يتخل عن نهج المخاطرة المحسوب فحسب، بل أدرجه في الفن، ويمكن ملاحظة ذلك في الطريقة التي تعمل بها حمـــ اس على تحديد الأجندة الأمنية في المنطقة، بالنظر إلى مسألة آلية تحويل أموال المنحة من قطر، وفي طريقة إجراء مفاوضات غير مباشرة بوساطة مصرية لمزيد من الهدوء والتهدئة وإعادة إعمار قطاع غزة.
السنوار يقوم بمخاطرة محسوبة هنا وهو يعرف السبب، إن عملية تنظيم قطاع غزة تعني شيئًا واحدًا بالنسبة لحمــ اس - استمرار سيطرة التنظيم في غزة ، عندما يتم إضفاء الشرعية على هذا النظام بطريقة إسلامية، تمامًا مثل عودة التسهيلات إلى قطاع غزة التي تمت الموافقة عليها في الأشهر الأخيرة .
رفضت حمــ اس في الماضي بشدة معادلة التفاهمات وإعادة إعمار قطاع غزة مقابل تفكيك حمـــ اس والفصائل الفلسطينية ونزع سلاح القطاع، بعد كل شيء، اليوم اقتراح نزع السلاح من قطاع غزة كشرط لتهدئة طويلة الأمد غير وارد، وقد تمكنت قيادة حمــــ اس في غزة، بقيادة السنوار، حتى الآن من إزالته من جدول الأعمال - مخاطرة أخرى محسوبة لنجاح السنوار على ما يبدو.
كما يعلم السنوار أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ، بقيادة نفتالي بينيت ، مخنوقة من قبل ميرتس ورائع عباس عندما يتعلق الأمر بالبدء في تحرك عسكري في غزة وحتى في لبنان، وإذا كان هناك وقت مناسب لإثبات الحقائق على الأرض - فهذا هو الوقت المناسب.
لم تكن حـــ ماس بحاجة إلى دليل على جدية نواياها بالتصعيد في الجنوب، أطلقت عدة بالونات حارقة على الحقول المحيطة، وصاروخ أطلق باتجاه سديروت، وتصريحات عدائية وتهديدية من قبل شخصيات بارزة في حمـــ اس نقلت في وسائل الإعلام العربية، كانت كافية لـ"إسرائيل" للموافقة على تحويل الأموال التي ستستفيد منها الأمم المتحدة وستخصم عمولة بنحو 4٪ من مبلغ حوالي 30 مليون دولار من تحويل المال القطري كل شهر، وموظفي التنظيم في غزة الذين سيتقاضون رواتبهم مرة أخرى، وبالطبع كبار مسؤولي حمـــ اس الذين يعرفون كيف يقطعون قسيمة سواء كانت الأموال تأتي نقدًا أو بتذاكر قابلة لإعادة الشحن، لكن السنوار، الذي يعرف بالفعل شيئًا أو شيئين عن المخاطرة المحسوبة، سيعرف كيفية تسويق المنحة المالية القطرية كمنحة أساسية لـ 100،000 أسرة محتاجة تحصل كل منها على 100 دولار، حتى لو لم تنجح الأرقام بالضبط.
وبنفس طريقة نهج المخاطرة المحسوب، يتبنى السنوار تعاملاته مع مصر وقطر وحتى إيران. يعرف السنوار كيف يوجه "الدماء الفاسدة" بين الدوحة والقاهرة لصالح حمـــ اس ونجح في إقناع الوسطاء المصريين بالتخلي عن تورطهم في قضية المال القطري، تاركين هذا الصداع كمجال حصري لـ"إسرائيل" وقطر والأمم المتحدة.
حتى السلطة الفلسطينية في رام الله، وبناء على نصيحة البنوك الفلسطينية التي تخشى انتهاك قانون تمويل "الإرهاب"، ابتعدت عن قضية تحويل الأموال من قطر إلى غزة وكأنها وباء.
الرسائل التي سمعناها من تل أبيب وغزة والقاهرة ورام الله ونيويورك والدوحة تلقى استحسان آية الله في طهران.
من المعروف أن الشطرنج قد تم اختراعه في بلاد فارس؛ لذلك لا يوجد خبراء أكثر من الإيرانيين في المخاطرة المحسوبة.