بقلم: ناصر ناصر
16-9-2021
ثلاثة عوامل رئيسية أدت لنجاح الأسرى الفلسطينيين في معركتهم الأخيرة والتي وصلت إحدى أهم ذرواتها بإعلانهم الاضراب المفتوح عن الطعام بدءً من الجمعة 17-9-2021 إن لم تتراجع سلطات سجون الاحتلال الإسرائيلي عن قرارها القمعي بمعاقبة كافة الأسرى وفي كل السجون بسحب أهم مكتسباتهم وإنجازاتهم الحياتية البسيطة، وأهمها " النظام اليومي " للتغطية فيما يبدو جليا على فشلها في منع ستة أسرى في سجن جلبوع من انتزاع حريتهم يوم 6 أيلول الحالي وعبر نفق حفروه منذ كانون أول الماضي رغم أنف السجان وإجراءاته الصارمة، أو بسبب اهماله وترهله على الأرجح.
أما عامل النجاح الأول:
فهو وحدة الأسرى بكافة تنظيماتهم: حماس والجهاد وفتح واليسار ، ولقائهم على برنامج نضالي موحد وواضح المعالم بصورة كبيرة من حيث الأهداف والوسائل المحددة، فالهدف الرئيس قبل الدخول الفعلي في الاضراب في 17-9 هو: إعادة النظام اليومي كما كان قبل 6-9، والهدف الثاني هو رفض قرار سلطة السجون بتفكيك تنظيم الجهاد الإسلامي وضرورة إعادة أفراده إلى غرفهم في الأقسام المختلفة، وتم الاتفاق المسبق أنه وفي حال رفضت سلطة السجون الاستجابة للطلب أو الهدف الأول دخل الاسرى في الاضراب الكبير، وإن وافقت عليه ولكنها رفضت الثاني أوقف الأسرى الاضراب واستمروا في المطالبة بالثاني بوسائل دون الاضراب المفتوح، وهي كثيرة وفاعلة.
كما أنهم تعاملوا مع الطوارئ بمسار منفصل فجعلوا الرد على اعتداء ضباط الاحتلال على أسرى قسم 3 في جلبوع وعلى رأسهم عثمان بلال بوسائل غير الاضراب المفتوح، رغم بشاعة ما حصل، وكذلك أجلّوا مطالب أخرى هامة كرفع عقوبات 2014 على أسرى حماس وتوسيع وتحسين التلفون العمومي للمرضى والأخوات لمعارك أخرى خاصة.
أما العامل الثاني:
فهو الوقفة المشرفة لشعبنا في الداخل والخارج ومن كل أحرار العالم؛ حيث اشتبكت الجماهير الفلسطينية مع قوات الاحتلال في أكثر من 100 نقطة في الضفة الغربية والقدس وحدهما، مما أشعل لدى الاحتلال المخاوف من استعادة جبهة الضفة الخطيرة وزيادة تدهور التصعيد مع غزة، فأوعز رجال أمن الاحتلال لمستواهم السياسي أن اعملوا على تهدئة جبهة السجون ولو بالتنازل للأسرى للتفرغ لمواجهة ايران وغزة والكورونا، وتجنب احتمالية سقوط الحكومة، وهذا ما تم فعلاً.
أما العامل الثالث لنجاح معركة أيلول الحرية فكان تدخل فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وتهديدها الأمين والموثوق لدى الاحتلال بأن إضراب الأسرى سيؤدي للمزيد من التوتر وقد يقود المنطقة لحربٍ لا يريدها أحد، لقد عزز هذا الموقف من صمود وإصرار الأسرى على مطالبهم وزاد من مخاوف الاحتلال ومن رغبته في التراجع والخضوع لمطالب الأسرى العادلة.
ماذا حقق الاسرى من مطالبهم؟؟
وكيف انتصروا دون حرب " أي اضراب كبير" ؟ وهو النوع الأبهى والأرقى من الانتصارات، لقد حقق الأسرى مطلبين رئيسيين وبقيت تفاصيل يمكن لهم إنجازها دون الدخول في اضراب كبير ومفتوح عن الطعام.
أما الإنجاز الأول: فهو صد هجمة شرسة من سلطات الاحتلال وإجبارها على التراجع وإعادة النظام اليومي للأسرى ، كما كان قبل 6-9 وهو نظام الحد الأدنى من الحياة الإنسانية المعقولة ، وليس نظاماً مميزا بالرفاهية كما يزعم المتطرفون في " إسرائيل ".
أما الإنجاز الثاني: فهو النجاح في منع سلطة السجون من تفكيك تنظيم الجهاد الإسلامي وكذا النجاح في انتزاع موافقة إدارة السجون على إعادة تجميع الجهاد في غرف خاصة بهم في أقسام غالبيتها حماس أو فتح، تماما كما كان الوضع قبل 6-9 ، وما بقي عالقًا ومحط خلاف فهو عدد الغرف التي ينبغي ان تكون للأخوة في الجهاد الإسلامي في هذه الأقسام، وعلى سبيل المثال سلطة السجون وافقت على غرفتين اثنتين فقط أما الاسرى فيريدون أربع غرف على الأقل.
هكذا انتصر الأسرى دون حرب في أيلول الحرية رغم قيودهم المغلظة، فكيف للأحرار في أرض الله وساحات الوطن الواسعة أن لا ينتصروا رغم إمكاناتهم الحرة؟