التلاعب الاسرائيلي في رادار الضم والتطبيع

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

التلاعب الاسرائيلي في رادار الضم والتطبيع

بقلم ناصر ناصر

27-5-2020





يبدو التلاعب والمزيد من شق الصفوف واختراق المواقف هو الرسالة الأوضح والأرجح من مجرد فضح المواقف أو كشف الحقائق فيما نشرته صحيفة نتنياهو ، والمعروفة باسم ( اسرائيل هيوم ) نقلاً عن مصادر كبيرة في عمان ورفيعة في السعودية من أن بلداناً عربية كمصر والسعودية والأردن يعارضون رسمياً وعلنياً ،ولكنهم لا يمانعون من تمرير قرار اسرائيل المرتقب في يوليو القادم بضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن .

لقد بات واضحاً أن اسرائيل تستغل تواطؤ بعض الأنظمة العربية معها ، وبحجة محاربة قوى النهضة العربية والاسلامية (وايران ) وعجز أنظمة أخرى عن اتخاذ مواقف وطنية قومية ، أو حتى أقل من ذلك بكثير خشية من اضطراب ترمب المنحاز تماماً -وأكثر من اللزوم- لمواقف اسرائيل ، ولكن الذي يبدو واضحا بصورة أقل هو استغلال دولة الاحتلال وحكومتها برئاسة نتنياهو لهذا الوضع لصبّ الزيت على النار ، ولتعميق الجرح والهوة في المواقف العربية ، غير عابئة بما تبقّى من لباقة أو لياقة في العلاقات الدولية ، أو ما قد يسببه ذلك من حرج لبعضها أمام شعوبها ، والأهم من ذلك والأخطر هو زرع اليأس والخضوع والتسليم في قلوب أحرار العرب والمسلمين والعالم ، وردة فعل السودان الرسمي لخبر مكالمة نتنياهو للرئيس البرهان دليل آخر على بعض ذلك .

ويؤكد ما سبق من مبالغة وتلاعب اسرائيليّ برادار التطبيع والضم -ويمكن إضافة التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة الفلسطينية أيضا- ما نقلته صحيفة هآرتس في سبتمبر عشية الانتخابات الثانية للكنيست ، وأكدته اليوم على صدر صفحتها الأولى من أن الجيش وجهاز الأمن العام -الشاباك- قد وجها تحذيراً واضحاً لنتنياهو من مغبة الاقدام على اتخاذ خطوة الضم عملياً ، تحديداً بسبب تأثيراته على اتفاق السلام مع الاردن ، وهذا يبدو مناقضا بعض الشيىء للتقرير المسّيس لصحيفة اسرائيل هيوم صباح هذا اليوم ، والتي تتوجه كباقي وزراء اليمين ومنهم تساحي هنغبي اليوم للتخفيف والتقليل من مخاطر الضم " لن يخوفنا أحد من الضم ولن يكون ذلك نهاية العالم ، وقد جربنا الردود الفلسطينية والعربية على قرار ترامب نقل السفارة للقدس "، أليس هذا تناقضاً وسخريةً محزنة ؟  



وهل سيخيّب أحرار العرب والمسلمين والعالم تقديرات حكومة الاحتلال ، أم سيأكدونها مرة أخرى ؟ ليشكّل رد فعلهم الضعيف هذه المرة أيضا عاملا مشجعاً للمزيد من قرارات وجرائم الظلم والإجرام ضد الشعب الفلسطيني .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023