استنكر مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين تصاعد وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى المبارك بشكل خاص ومدينة القدس بشكل عام، وكان آخرها قرار ما يسمى بـ "محكمة الصلح الإسرائيلية" رفض طلب لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس الداعي لمنع الاستمرار في أعمال الحفر والنبش في قبور الموتى في أرض ضريح الشهداء المجاورة للمقبرة اليوسفية بجانب المسجد الأقصى المبارك، مما يعني السماح باستمرار أعمال الحفر في أرض المقبرة، واستباحة رفات المدفونين فيها، واستنكر المجلس اعتقال المهندس مصطفى أبو زهرة – مسؤول لجنة رعاية المقابر في القدس من قبل سلطات الاحتلال، محذراً من سياسة مبرمجة تتبعها هذه السلطات ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته وبخاصة في مدينة القدس، التي أصبحت إسلاميتها وعروبتها مهددتين أكثر من أي وقت مضى، وأدان المجلس كذلك قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي، المسمى بـ"الحق المحدود" لليهود في أداء صلوات صامتة في باحات المسجد الأقصى المبارك، مما يعني إفساح المجال لليهود للصلاة في المسجد الأقصى المبارك طالما تظل صلواتهم صامتة"، ويهدف هذا القرار إلى فرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك لصالح التهويد، محملاً سلطات الاحتلال عواقب هذه القرارات العنصرية التي تزيد من نار الكراهية والحقد في المنطقة وتؤججها، وهي بمثابة إعلان لحرب دينية شعواء، يصعب تخيل عواقبها، وتندرج في إطار إطباق السيطرة على المسجد الأقصى المبارك، وتستفز مشاعر أكثر من مليار و700 مليون مسلم في العالم.
وأكد المجلس على أن هذه الاعتداءات المتواصلة ضد المقدسات والمعالم الأثرية والتاريخية الفلسطينية، وسياسة الاحتلال الهادفة إلى تغيير ملامح المدينة المقدسة وطمس ماضيها العربي والإسلامي، تأتي في إطار محاولة فاشلة ومرفوضة لاستباحة كامل الأرض الفلسطينية، مندداً بها وبالإمعان في الجرائم التي تطال البشر والحجر والأموات أيضاً.
وأدان المجلس استباحة الجهات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المُبارك، مؤكداً على أنّ المسجد الأقصى المبارك بكامله هو للمسلمين وحدهم، ولا يحق لغيرهم التدخل في شؤونه، مطالباً سلطات الاحتلال بالكف عن المس بالمسجد الأقصى المبارك، ولزوم احترام حرمته، داعياً الشعب الفلسطيني إلى النفير العام بشد الرحال إليه.
ومن جانب آخر؛ وفي ظل الهجمة الشرسة التي يمارسها قطعان المستوطنين ضد شجرة الزيتون المباركة، أهاب المجلس بالفلسطينيين الوقوف سداً منيعاً في مواجهة ما يحدق بزيتونهم ووطنهم من مكائد تحاك للسيطرة عليه، وسلبه من أصحابه الشرعيين، مشيراً إلى أن المزارعين الآمنين الذين يقطفون الزيتون يتعرضون لعربدة المستوطنين، ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم، وسرقة معداتهم ومحاصيل زيتونهم، ويقتلعون أشجارهم ويحرقون بعضها، ويعدمون البعض الآخر بضخ المياه العادمة عليها، وغرس قضبان حديدية لإعطاب عجلات المركبات والجرارات الزراعية، وذلك في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأرض الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالأسرى البواسل؛ حمَّل المجلس سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى وبخاصة المضربين عن الطعام والمرضى، الذين يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل والقمع والاعتداء على حريتهم، بما يتعارض مع الشرائع السماويــــــة والقوانين الدوليـــة، وقـــــــال: إن مواصــلة ســــلطات الاحتلال لسياساتها الإجرامية تجاه الأسرى بما في ذلك الإهمال الطبي المتعمد وارتكاب الأخطاء الطبية، دليل على خطورة الأوضاع في سجون الاحتلال والمعتقلات الإسرائيلية، داعياً إلى ضرورة تلبية حقوقهم الإنسانية والوقوف الدائم إلى جانبهم من أجل إيصال رسائلهم ومساندة حقهم في الحرية والعدالة والكرامة، كما أدان المجلس محاولة اقتحام عضو كنيست صهيوني متطرف غرفة الأسير المضرب عن الطعام مقداد القواسمة في المشفى الذي يُعالج فيه، مشيداً بالنائب العربي أيمن عودة والعرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 على مواقفهم الشجاعة ونصرتهم لإخوانهم الأسرى، ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل من أجل الضغط على سلطات الاحتلال لوقف الجرائم المتعمدة التي تقترفها ضد الأسرى الفلسطينيين، وضمان معاملتهم بموجب قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبتها على جرائمها واعتداءاتها على حقوق الشعب الفلسطيني وأسراه ومسراه وممتلكاته.
جاء ذلك خلال عقد جلسة المجلس (200)، برئاسة سماحة الشيخ محمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى، وتخلل الجلسة مناقشة المسائل الفقهية المدرجة على جدول أعمالها، وذلك بحضور أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس من مختلف محافظات الوطن.