في 21 أيار (مايو)، أي قبل نحو ستة أشهر، وضعت حمـــ اس صيغة جديدة للمواجهة مع "إسرائيل"، أطلقت عليها صيغة "غزة - القدس". بدأت الحرب بهجوم صاروخي من حمـــ اس على موكب العلم في القدس في "يوم القدس، حيث قدمت حمـــ اس نفسها على أنها "المدافع عن القدس والمسجد الأقصى"، على خلفية اشتباكات عنيفة في القدس والمسجد الأقصى، وحي الشيخ جراح.
منذ ذلك الحين، تعمل حمــــ اس على تأسيس ومحاولة الحفاظ على الصيغة التي وضعتها، وكلما ظهرت مشاكل في القدس الشرقية أو الحرم القدسي، فإنها ترسل تحذيرات إلى "إسرائيل" من خلال المخابرات المصرية، ومنابرها الإعلامية بأنها "على أهبة الاستعداد" ولن تسمح بالمساس بالمصالح الوطنية الفلسطينية في القدس.
منذ انتهاء جولة القتال الأخيرة، لم يتم إطلاق صواريخ من حمـــ اس على إسرائيل في ضوء الوضع في القدس، وسيطرت شرطة القدس على الوضع الأمني في ساحة باب نابلس وفي الحرم القدسي، والنزاع القانوني حول إخلاء عدد من العائلات الفلسطينية المحاكمة.
قبل أيام، اتصل رئيس المكتب السياسي لحركة حمـــ اس إسماعيل هنية بممثلي العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح، وأكد لهم أن منظمته تقف وراءهم وأنه لن يسمح بإخلائهم من الحي في حال خسروا معركتهم في المحكمة.
بعد أن عرضت المحكمة على بعض العائلات في حي الشيخ جراح، عرض تسوية سيبقون بموجبه في منازلهم "كمستأجرين محميين" لمدة 15 عامًا، أو حتى يتم التوصل إلى ترتيب آخر، سارعت حمـــ اس للانضمام إلى ضغط السلطة الفلسطينية الشديد على لم توافق العائلات على عرض المحكمة، خضعوا في النهاية للضغط وأعلنوا رفض العرض.
حمـــ اس حريصة جدا على الحفاظ على المكانة التي اكتسبتها في الشارع الفلسطيني في القدس الشرقية نتيجة الحرب الأخيرة في قطاع غزة، وقد تعزز مكانتها بشكل كبير، حالما تدخل ممثلو السلطة الفلسطينية ومارسوا الضغط على العائلات الفلسطينية لرفض اقتراح التسوية، سارعت إلى التدخل لمحاولة قيادة الموقف، التنافس بين السلطة وحمــ اس على مكانتهم في القدس يؤدي إلى تفاقم المواقف، ومصالح العائلات الفلسطينية لا تهمهم بالضبط، بل قطع الكوبون السياسي.
وبحسب مصادر في القدس الشرقية، فإن السلطة الفلسطينية خالفت وعدًا قطعته لإدارة بايدن، بأنها لن تعارض حل وسط بشأن الشيخ جراح إذا وافقت عليه العائلات المعنية. وأصدر هرون ناصر الدين عضو المكتب السياسي لحمـــ اس بيانا في 2 تشرين الثاني / نوفمبر، جاء فيه أنه "لن تكون هناك تسوية مع الاحتـــ لال، فكل الأراضي المحتــ لة لنا، ومن حقنا وعلى الاحتلال ومستوطنوه أن يغادروا.
وادعى أن المحكمة جزء من جهاز أمني يحمي جمعيات المستوطنين من الاستيلاء على الأراضي في القدس، واتهم "إسرائيل" بمحاولة الاستيلاء بشكل احتيالي على جميع عقارات القدس. وأعلن أن عملية "سيف القدس" انتصارا على "إسرائيل"، في المسجد الأقصى، وحي الشيخ جراح، وأن هناك إجماعاً وطنياً ودولياً على أن حي الشيخ جراح هي "أرض الفلسطينيين".
مكانة الأردن في القدس..
في الأشهر الأخيرة، أضافت حركة حمـــ اس عنصرًا جديدًا للنضال من أجل القدس والمسجد الأقصى، وهو دعم مكانة الأردن، وليس السلطة الفلسطينية، كوصي على الأماكن المقدسة في القدس. والذي يقود هذا الخط رئيس المكتب السياسي لحركة حمــ اس إسماعيل هنية، الذي "انحاز" إلى موقف الملك عبد الله.
وقال في اتصال هاتفي بين القيادي في حمـــ اس إسماعيل هنية وممثلي نقابة المهندسين الأردنيين الذين أجروا في 2 تشرين الثاني / نوفمبر حملة لجمع التبرعات لترميم منازل البلدة القديمة في القدس: "الأردن الشقيقة هو نبض القدس، "الشعب الأردني والشعب الفلسطيني، لهما مصير مشترك وروح واحدة في جسدين ، ونحن نتمسك بالوصاية الأردنية الهاشمية على القدس والمقدسات".
كانت حمـــ اس تكثف مغازلة الأردن في الأشهر الأخيرة، ففي آب (أغسطس) الماضي، زار إسماعيل هنية الأردن لحضور جنازة القيادي في حمـــ اس إبراهيم غوش، وأدلى بتصريحات لصالح الأردن: "المقـــ اومة" تقف الى جانب الأردن، وأن "حل مشكلة اللاجئين لن يكون على حساب الأردن".
وشدد إسماعيل هنية على أن "الأردن ليس وطنًا بديلًا للفلسطينيين، فالأردن هو الأردن وفلسطين هي فلسطين". حمـــ اس تعيد تنظيم المغازلة بعد أن سمح الأردن لها بإعادة فتح مكاتبها في عمان بعد انقطاع دام 20 عامًا ، صعد نواب من الإخــــ وان المسلمين الأردنيين الضغط على الحكومة الأردنية في أعقاب الحرب الأخيرة في قطاع غزة لتوثيق العلاقات مع حمـــ اس.
تحافظ حمـــ اس على صيغة "غزة القدس"، لمواصلة الحفاظ على المكانة الجديدة في القدس الشرقية، التي حققتها في العالم العربي والإسلامي بعد جولة القتال الأخيرة، ولكي يكون لديها عذر دائم لشن معركة عسكرية ضد "إسرائيل"، طالما أن ذلك يخدم مصالحها.
الوضع في القدس، والمسجد الأقصى، متفجر من وجهة نظر أمنية، وهذا يسمح لحمـــ اس بإشعال المنطقة في أي لحظة من خلال المواجهات، ومن هناك يكون الطريق لإطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه "إسرائيل" قصيرًا. إن الحفاظ على هذه الصيغة يسمح لها بتقديم نفسها في العالم العربي والإسلامي على أنها "حامي القدس والمسجد الأقصى".
فشلت "إسرائيل" حتى الآن في قطع هذا الرابط الجديد الذي تنتجه حمـــ اس من خلال "الإرهاب" من قطاع غزة والإعلام، لكن عليها أن تفعل ذلك من أجل الحفاظ على سيادتها في القدس بعد أن ثبتت ذلك في الوعي الفلسطيني والعربي.
كبار المسؤولين الأمنيين في "إسرائيل"، الذين يدركون مشاكل ومخاطر هذه الصيغة التي وضعتها حمــــ اس، يعتقدون أن على "إسرائيل" توجيه ضربة عسكرية مفاجئة قوية لحمـــ اس في قطاع غزة لتغيير المعادلة.