معهد الأبحاث التركي: أهداف المناورة الجوية "العلم الأزرق" التي نظمتها إسرائيل
موقع نتسيف نت

أكد معهد أبحاث تركي على أهمية المناورات الجوية الدولية "العلم الأزرق"، وسر توقيتها وأهدافها في المعلومات، التي قدمتها المصادر الأجنبية المفتوحة.

وجرت هذه المناورات بقيادة "إسرائيل"، في الفترة من 17 إلى 28 أكتوبر 2021، بمشاركة قوات من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان والهند، ومراقبين من الإمارات العربية المتحدة.

شاركت الولايات المتحدة وبريطانيا و"إسرائيل" في التدريبات بأسطولها من طائرات F-35 ، بينما شاركت فرنسا طائرات رافائيل، وشاركت الهند طائرات ميراج, وشاركت ألمانيا طائرات يوروفايتر.

بالإضافة إلى ذلك، هذه هي المرة الأولى، التي تنشر فيها بريطانيا وفرنسا والهند، طائراتها المقاتلة في إسرائيل منذ إنشائها.

قال المعهد التركي للتفكير الاستراتيجي في مقال للباحث إلياس سوبورجيتشي: "المناورات مصممة لتعزيز التعاون الاستراتيجي والدولي، وتعلم وتطوير المهارات لأداء عمليات جوية،تتكون من مجموعة من الطائرات المقاتلة من الجيل الرابع والخامس في بيئة مليئة بالتحديات.

وقد وصفت المناورات الجوية بأنها "الأكثر تقدمًا وشمولية على الإطلاق".

ونقلت مصادر عسكرية، عن مصادر مفتوحة، أنه تم إجراء تدريبات تم فيها إطلاق صواريخ جو - جو وصواريخ جو - أرض وأرض - جو من أنظمة الدفاع الجوي، بالإضافة إلى التدريب على التكتيكات والأساليب القتالية في منطقة العدو.

تم تصميم المناورات لمحاكاة كفاءة استخدام طائرات مقاتلة من الجيل الرابع، من خلال الاستفادة من قدرات F-35، وهي إحدى طائرات الجيل الخامس، باستخدام أساليب عمل جديدة مثل (مزامنة نقل المعلومات بين الخامس، و طائرات الجيل الرابع) بحسب المحلل التركي.

لكن قائد سلاح الجو، اللواء عميكام نوركين، أعرب عن أهمية المناورات المذكورة لـ"إسرائيل".

وقال: إن "هذه المناورات الدولية لها أهمية إستراتيجية كبيرة للقوات الجوية والدفاع الإسرائيلية، وكذلك لدولة "إسرائيل"، ويجب أن تشارك دول أخرى في السنوات القادمة".

وأضاف: "في اليوم الأول من المناورات, قام قادة القوات الجوية الإسرائيلية والألمانية, برحلة ودية خلال رحلة إف -15 وإف 35 ويوروفايتر فوق الكنيست (البرلمان الإسرائيلي), في القدس. وقدمت صور طائرات ملونة تحمل العلمين الألماني والإسرائيلي لوسائل الإعلام.

بالإضافة إلى ذلك، منح السفير الألماني في "إسرائيل" وسام الدولة الألماني لقائد سلاح الجو الإسرائيلي.



مراجعة وتقييم

يرى سوبورجيجي المناورات المعنية كحدث استراتيجي, من حيث التوقيت والموقع والقدرة.

لكن لها أيضًا بعدًا جيوسياسيًا من حيث الغرض والتخطيط والتنفيذ, خاصة وأن مثل هذه المناورات العسكرية الدولية تتم بعد التخطيط والإعداد المسبق, من أجل خدمة هدف سياسي يتوافق مع المصالح المشتركة, للدول الموقعة على اتفاقيات التعاون بينهما.

وبحسب قائد سلاح الجو الإسرائيلي، فإن المناورات تهدف إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي بين هذه الدول، والحفاظ على استقرار المنطقة.

لكن السؤال الحقيقي هو: هل يمكن أن تكون هذه المناورات خطوة نحو تشكيل تحالف جديد؟ وإذا كان الجواب نعم، فما التهديد الذي تشكله هذه التحالفات؟ يسأل المحلل.

ويضيف: في الواقع، يمكن الرد على ذلك من خلال النظر إلى الصراع العالمي على السلطة، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط الكبيرة المتمركزة في شرق البحر المتوسط.

أهم اللاعبين في هذا المجال هم الولايات المتحدة والصين.

وبالتالي، فليس من المستغرب أن تقود الولايات المتحدة الدول المشاركة في المناورات، لا سيما أن لديها علاقات تعاون استراتيجي قوية مع المملكة المتحدة و"إسرائيل".

وأضاف: أما ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان، فهي أعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو).

الهند هي الدولة الآسيوية الوحيدة، التي تشارك في هذه المناورات، على الرغم من أنها ليست عضوًا في الناتو.

ويقول الكاتب: "إن الحقيقة هي أنها أظهرت في مشاركتها في المناورات, تمسكها الواضح بالمحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة.

بعبارة أخرى، يبدو أن الهند اختارت أخيرًا الجانب الذي تقوده الولايات المتحدة من الغرب, ضد الصين في صراع القوى العالمي.

لذلك، عند تقييم مناورات "العلم الأزرق" الجوية من منظور صراع القوى العالمي، يمكن القول إنها "كانت خطوة جادة ذات أهمية جيوسياسية, بهدف تشكيل تحالف من القوى الرادعة ضد الصين وروسيا، بحسب الباحث التركي".

وأضاف: من وجهة نظر إسرائيلية يمكن القول إن هناك عوامل شجعتها على استضافة المناورات، وهي كالتالي:

- تمتلك "إسرائيل" البنية التحتية التكتيكية والفنية اللازمة لتنفيذ المناورات، وتقع في موقع مركزي وقريب من الدول المشاركة أو قواعدها العسكرية، من حيث موقعها الجغرافي.

- تقع في وسط منطقة الشرق الأوسط الكبير، والتي شهدت منذ فترة طويلة صراعات القوى العالمية، وتوفر البيئة البرية والبحرية في المنطقة اللازمة للعمليات الجوية.

- الرغبة في إيصال رسالة سياسية ونفسية (أن "إسرائيل"، هي الجسر الجديد والدولة التي هي المركز الجيوسياسي الجديد، الذي يربط الغرب بآسيا وآسيا بالغرب) عبر "إسرائيل" وفق الهدف السياسي، وذلك من أجل رفع مستوى "إسرائيل" إقليمياً وعالمياً.

وكتب الباحث كذلك أنه على الرغم من أن "إسرائيل" لا تزال تحتل الأراضي الفلسطينية، إلا أن إجراءات التطبيع التي اتخذتها دول الخليج سمحت لـ"إسرائيل" بتمهيد الطريق لهذا التغيير الجيوسياسي.

وهنا تجدر الإشارة إلى أمر مهم وهو أن مصر لم تشارك في هذه المناورات. لو كانت قد شاركت، لكانت قد ألقت بظلالها على الموقف الجديد الذي تحاول "إسرائيل" الحصول عليه، بحسب الباحث.

في الختام، المناورات الجوية الدولية "العلم الأزرق" لها ثلاثة معانٍ مهمة:

الأول: هو أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة يمكن أن يكون مرة أخرى في تحالف مشترك ضد الصين وروسيا، على الرغم من الخلافات بينهما، وأن بإمكانهما اقناع الهند بالقتال في صفوفهما.

أظهر الغرب أيضًا رغبة جيوسياسية في إنشاء رادع في الشرق الأوسط الكبير ، الذي يتركز في شرق البحر الأبيض المتوسط.

الثاني: أن الغرب يبذل جهودا لإضفاء الشرعية على الاحتــــ لال الإسرائيلي، وقمع الشعب الفلسطيني.

يفعل ذلك من خلال تجاهل كل هذه الأمور ومحاولة رفع مكانة "إسرائيل"، وأهميتها في المنطقة، من خلال إعطائها دورًا مركزيًا جديدًا.

- الثالث: يبني النظام الجديد مع تطبيق سياسته الموالية للصهـــ يونية، معادية للإسلام ودول وشعوب منطقة الشرق الأوسط, (بالنظر إلى أنه لا توجد دولة ذات أغلبية مسلمة بين الدول المشاركة في المناورات).

وهو ما يعني أن هذا الهيكل الجديد يهدد بشكل مباشر وغير مباشر مصالح وأمن المنطقة بأكملها، في تقديره.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023