بقلم: أحمد عبيد
تحدثنا في مقال سابق عن المحاضن التربوية والمتمثلة في الأسرة والمدرسة والمجتمع والمسجد، وضرورة تكاملها في العملية التربوية؛ لحفظ الناشئة من ظاهرة الانفصام، والازدواجية في تنشئة الأطفال، ونتناول في هذا المقال الحديث عن الأسرة، وأهميتها في تربية الناشئة التي تعتبر كالأرض أو التربة الخصبة، فإذا أُلقيت البذور فيها واعتُنيَ بها كما يجب حتى تخرج يانعة وتقوى شيئاً فشيئاً وتصبح شجرة وتنضج الثمرة في الوقت المناسب، إذا كانت العناية جيدة بإذن الله؛ فحتماً ستخرج كما زرعت سواء كانت ثمرة تحمل طعم المر أو الحلو أو ثمرة لا طعم لها ولا رائحة وتكون صالحة للاستعمال، أما إذا لم تتم العناية الصحيحة بتلك البذرة فحتماً ستذهب الجهود سداً وتخرج الثمرة أو تتلف وتكون غير صالحة للاستعمال وكذلك الأسرة . فالأسرة من معانيها المقصودة مكونة من رجل وامرأة وأولاد وهي تعتبر الأساس في تنشئة الناشئة والفطرة التي جبلت في الوالدين هي حب الولد لأنه زينة الحياة كما وصف القران الكريم " المال والبنون زينة الحياة الدنيا" وهم يطمحون أن ينشأ الولد التنشئة الصالحة، ولا بد أن نذكّر بأن طبيعة المولود إنما يولد على الفطرة فهو يولد سالماً من الانحراف والزيغ والضلال، حيث أن الانحراف طارئ عليه مما يؤكد قول رسول الله صل الله عليه وسلم "كل مولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه "وهذا يدل على مدى تأثير الوالدين في تنشئة الناشئة وصلاح الوالدين واستقامتهما فحتما سيؤثران في تنشئة الطفل نحو الصلاح والاستقامة والعكس صحيح، وجهل بعض الوالدين، أو كليهما بفقدانهما القراءة والكتابة على سبيل المثال أو الحصر أو جهلهما في أمور دينهما أو بأساليب التربية المتنوعة والصالحة، في تنشئة الأولاد ومتابعة سلوكهم وأخلاقهم وتصرفاتهم بحيث يشجعون على كل ما هو جيد وصالح، ومقاومة لكل ما دون ذلك في التربية المتنوعة والتوجيه المستمر، فإذا كان الجهل في هذه الأمور وغيرها فحتماً لم تنتج التربية المرجوة بإخراج الشاب النافع لنفسه وغيره، فالحل المرجو من التخلص من آفة الجهل لدى الوالدين الذي يعتبر الأخطر في مواجهة انحراف الناشئة والأثر الكبير في الناشئة ووجود الانفصام والازدواجية في شخصياتهم ومما يدفع إلى اقتراح التالي:
أولاً: على الوالدين المسارعة إلى التخلص من الجهل وذلك بالتعلم سواء بالقراءة والكتابة وتعلم أمور الدين والأساليب التربوية في تنشئة أولادهم، من قبل ذوي الاختصاص.
ثانياً: يجب أن يكون للمدرسة دور مهم في إعطاء الدروس والمحاضرات والتوجيهات التربوية لأولياء أمور الطلاب بشكل مستمر، كلما اقتضت الحاجة لذلك.
ثالثاً: يجب أن يركز الدعاة في المساجد على تثقيف الآباء والأمهات، في أمور دينهما وتبيان المسؤولية العظيمة الموضوعة على عاتقهما في تنشئة أولادهم التنشئة الصالحة المرجوة.
رابعاً: على كل المؤسسات والمحاضن التربوية في المجتمع إعطاء عناية تامة في الابوين كما يعطى الأبناء.
و الخلاصة أن جهل الوالدين، يسبب انحراف الأولاد ووجود حالة الانفصام والازدواجية في شخصيتهما، وعلى الوالدين التخلص من جهلهما بكل السبل والتعاون بين المؤسسات والمحاضن التربوية له الأثر الكبير في حفظ الناشئة من الانحراف وتعلم الوالدين اللازم والمطلوب.