خاضتْ "حماس" انتخاباتِ عامِ (2006) لتُحاربَ الفسادَ الذي استشرَى في تركيبةِ النظامِ السياسي في قطاعِ غزةَ والضفةِ؛ من خلالِ إحرازِ مَقاعدَ تمنحُها أنْ تكونَ معارضةً راشدةً في المجلسِ التشريعيّ .
ولكنّ المفاجأةَ كانت بتفوّقِ "حماس" وإحرازِها مقاعدَ تؤهِّلُها لتشكيلِ الحكومةِ؛ والذي حدثَ حينها هو التفافٌ فلسطينيٌّ وعربيُّ ودوليٌّ على النتائجِ؛ فبدأتْ حركةُ "حماس" تعافرُ بينَ جبالِ التحدياتِ العالياتِ والقليلِ من الفُرَصِ .
عملتْ "حماس" على الجبهتَينِ الداخليةِ و الخارجيةِ (الدبلوماسية )،
نجحتْ قليلاً ، تعّرقتْ كثيرًا؛ ولكنها لم تَسقُطْ؛ فمضتْ تحملُ متطلّباتِ شعبٍ وحُكمٍ،
وأدركتْ "حماس" وجوبَ عرْضِ نفسِها على قبائلِ العالمِ؛ لِتَذُبَّ عن مشروعِها تُهمةَ الإرهابِ، ولِتُرخِي عقالَ الحصارِ الدولي عن عُنقِها؛ ولكنها واجهتْ الكثيرَ من التحدياتِ ؛فهي تحتاجُ إلى شرعيةٍ سياسيةٍ ، فشرعيةُ المقاومةِ والصندوِق لا تكفي..! هي بحاجةٍ إلي شرعيةٍ سياسيةٍ؛ تُعزّزُ قدرتَها على التأثيرِ؛ لهذا اتجهت حماس لإنجازِ المصالحةِ الداخليةِ؛ وتشييدِ منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ؛ لتدخلَ "حماس" فيها كَمُكَوٍّنٍ أساسٍ؛ وقويٍّ فيها بحُكمِ وزنِها الحقيقِ في الشارعِ الفلسطيني؛ والذي سيفتحُ لها آفاقًا واسعةً في العلاقاتِ الخارجيةِ دونَ وُسطاءَ كحركةٍ وطنيةٍ شاملةٍ بعيدا عن الوجهِ االتنظيمي والحزبي و لتوضحَ للمجتمعِ الدولي حقَّها في المقاومةِ؛ وأنّ هذه المقاومةَ فِكرٌ وسلوكٌ للدفاعِ عن النفسِ والأرضِ الذي دعَمتْهُ كلُّ القوانينِ الدوليِة؛ وليس إرهابًا كما يروّجُ له الاحتلالُ وحلفاؤه.
ومن تحدّياتِ حركةِ "حماس"؛ الدعمُ الماليُّ والذي زادَه الحصارُ؛ حينما تغّولّ على مسارِها منذُ عامِ( 2007) .
فقد جفّتْ الكثيرُ من منابعِ الدعمِ التي كانت تَخلُصُ الي خزينةِ أموالِ "حماس" ، فتجد إيرانَ هي المَموّلُ الأكبرُ لمشروعَ "حماس" المقاوِمِ؛ غير أن التقاربَ الإيراني الحمساوي يفرضُ حساسيةً في علاقةِ "حماس" والدولِ العربية، والتي تستنكرُ وترفضُ التدخلَ الإيرانيَّ في المنطقةِ؛ وخاصةً في سوريا ولبنانَ واليمنِ .
كما تواجِهُ "حماس" تحدّيًا ملحوظًا؛ هو اعترافُها بحلِّ الدولتينِ، فإزالةُ الكيانِ الصهيوني بِرُمَّتِه توَجُّهٌ غيرُ مقبولٍ؛ حتى من أصدقاءِ "حماس" وحلفائها سِوَى إيرانَ؛
لهذا وافقتْ "حماس" حلَّ الدولتينِ؛ ولكنه حلٌّ مؤقتٌ.. فما زالت تنادي بحقِّ الشعبِ الفلسطينيّ بتحريرِ أرضِه كاملةً ..
حظْرُ جماعةِ الإخوانِ المسلمينَ عالميًا بعدَ الانقلابِ في مصرَ، والثوراتُ المضادةُ على الربيعِ العربي؛ شكّلَ تحدّيًا كبيرًا واجهتْهُ "حماس؛" فأخذتْ تُدَندِنُ بأنها منفصِلةٌ عن جماعةِ الإخوانِ، ولا يوجدُ بينَهما أيُّ ارتباطٍ إداري؛ لكنّ ذلك لم يُفلحْ لدَى المجتمعِ الدولي، وعدَّها تصريحاتٍ صوريةً .
من التحدياتِ التي واجهتْ "حماس" علاقتُها بالآخَر ِ؛فحاولتْ "حماس" أنْ تنظِّمَ علاقاتِها بالآخَرينَ؛ وظهرَ هذا جليًّا في وثيقتِها عامَ( 2017)، وحاولتْ أنْ تبحثَ عن المشترَكِ وتُحيّدَ الاختلافَ بينها وبين جل الفصائل والأحزاب الفلسطينية؛ لهذا وجدْنا تطوّرًا ملحوظًا في علاقةِ "حماس" مع باقي الكل الفلسطيني، وكانت الأولويةُ للمصالحِ الوطنيةِ لا للأيدلوجيا ؛وخيرُ شواهدَ هذا التطور ،الغرفةُ المشترَكةُ.
وفي عامِ (2020) ظهرَ تحدٍّي أكبرُ؛ وهو هرولةُ العالمِ العربي للتطبيعِ مع الاحتلالِ؛ حيثُ أفقدَ القضيةَ الفلسطينيةَ قدسيّتَها لدَى العربِ .
ونَجِدُه متسارعَ الخُطَى في بعضِ الدولِ؛ كدولةِ الإماراتِ والتي تستجدي التطبيعَ بكُلِّ أنواعِه مع الاحتلالِ.
هذه التحدياتُ وغيرُها تواجِهُ حركةَ "حماس" ؛ لهذا نجدُ عرقلةَ مسارِها السياسي الخارجي، كما نجِدُها تحاولُ أنْ تذلّلَ تلكَ التحدياتِ؛ لتكونَ حركةَ تحرُّرٍ رشيقةً في ذاتِ المسارِ .