موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات
مع تزايد الانشغال السياسي والإعلامي بالتهديد النووي الإيراني، تزداد ظاهرة الثرثرة والهمجية في "إسرائيل" من قبل كبار أعضاء المؤسسة الدفاعية، في الحاضر والماضي، الذين يتباهون بإنجازاتهم الأمنية ضد إيران؛ بل ويكشفون معلومات إسرائيلية حساسة بأساليب العمل ضد العدو الإيراني.
هذه ظاهرة خطيرة، هذه الكلمات البذيئة غير ضرورية ومضرة بأمن "إسرائيل"، وليس لها فائدة رادعة وعادة ما تهدف إلى تمجيد المتحدثين باسمهم، وقد يفسرها العدو على أنها استفزاز وتشجيعه على اتخاذ إجراءات ضد "إسرائيل" لإثبات خلاف ذلك من قبل نفس المديرين التنفيذيين.
آخرهم هو قائد القوات الجوية القادم اللواء تومر بار، سيتولى منصبه في أبريل المقبل فقط، لكن هذا لم يمنعه من إجراء مقابلة في 22 كانون الأول (ديسمبر) مع صحيفة يديعوت أحرونوت، حيث تفاخر بأنه يستطيع، من خلال سلاح الجو، تدمير المنشآت النووية الإيرانية؛ بل وتفاخر بأن "إسرائيل" يمكن أن تضرب وتهاجم حـــ زب الله في لبنان.
وسبقه في وسائل الإعلام اللواء تامر هايمان، وهو قائد سابق لشعبة الاستخبارات أجرت مجلة الشؤون الأمنية في مركز مابات لالام للتراث الاستخباراتي مقابلة معه وكشف أن "إسرائيل" كانت جزءًا من عملية الاغتيال التي قادتها الولايات المتحدة للواء قاسم سليماني قبل عامين. كما خالف تامر هايمان سياسة الغموض الإسرائيلية تجاه العمل العسكري في الأراضي السورية وأعلن نجاحًا كبيرًا في منع إيران من ترسيخ نفسها في سوريا. وقال الجنرال هايمان: "لقد تمكنا من منع الإيرانيين من محاولة التجذر في سوريا".
وأضاف "لقد نفذنا عددًا كبيرًا من الاغتيالات وتعطيل طرق تحويل الأموال والأسلحة، وأبرز هذه الجهود هو منع محاولة الإيرانيين للتجذر في سوريا".
ليس فقط جنرالات الجيش الإسرائيلي يتصدرون عناوين الأخبار في وسائل الإعلام، ورؤساء الموساد لا يضعوا أيديهم في الصحن، فقد أدلى الرئيس الحالي للموساد مؤخرًا بتصريح طنان أمام وسائل الإعلام، تعهد فيه بأن "إيران لن تمتلك أبدًا سلاحًا نوويًا"، وبالطبع يجب ألا ننسى المقابلة الخرقاء لرئيس الموساد السابق يوسي كوهين مع إيلانا ديان في برنامج "الحقيقة" الذي أشار فيه إلى بعض تصرفات الموساد في إيران.
يقوم كبار المسؤولين الأمنيين بالثرثرة والمفاخرة بذلك لتمجيد أنفسهم وربما أيضًا كجزء من برنامج العلاقات العامة الشخصية نحو دخول مستقبلي إلى عالم السياسة.
السلوك الصريح لكبار السياسيين يشجعهم على اتباع هذا الخط أيضًا، إنهم لا يترددون في استخدام معلومات استخباراتية حساسة لتسليط الضوء على إنجازاتهم، انظر المؤتمر الصحفي الشهير لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي كشف عن جلب الأرشيف النووي الإيراني إلى "إسرائيل"، أو البيان الدراماتيكي لرئيس الوزراء نفتالي بينيت في الكنيست الذي قدم فيه تفاصيل عملية الموساد السرية مصير الملاح المفقود رون أراد.
من المستحيل تقديم ادعاءات لوسائل الإعلام، فهم يقومون بعملهم في نشر كل ما هو مهم وشيق، خاصة إذا كان يأتي من أفواه كبار أعضاء جهاز الدفاع، فهذه وظيفتهم وهم مجرد "أنبوب" لإرسال المعلومات للجمهور، لكن يجب على أحد أن يوقف هذه الظاهرة الخطيرة، ففي جهاز الدفاع لا ينبغي أن تكون هذه مشكلة، فهناك وزير الدفاع ورئيس الأركان وهناك أيضًا رقابة عسكرية دورها وواجبها منع المنشورات التي قد تضر بأمن "إسرائيل".
في حالة الميجور جنرال تامير هايمان وتومر بار، أتوقع أن يخوض رئيس الأركان أفيف كوخافي في خضم الأمور ويتخذ إجراءات تأديبية بحقهما، يجب اتخاذ خطوات ضد كبار أعضاء جهاز الدفاع من أجل انذارهم وانذار غيرهم.
فيما يتعلق بتصريح رئيس الموساد ديفيد بارنيع، بشأن الأسلحة النووية الإيرانية، فمن مسؤولية رئيس الوزراء نفتالي بينيت معالجة الموضوع، لكن مصادر سياسية رفيعة تزعم أنه هو الذي طلب من رئيس الموساد أن ينقل الرسالة، لا يوجد شيء آخر يمكن القيام به حيال ذلك، لكن متوقع من رئيس الموساد ديفيد بارنيع، وهو شخص جاد ومهني وحذِر لن يقع في مثل هذه الفخاخ من السياسيين.
أما همجية كبار السياسيين الذين يسمحون لأنفسهم باستخدام مواد حساسة للحاجات السياسية، فهناك معارضة تحتاج لمواجهتهم، كما يجب على الإعلام أن يحاسبهم على أفعالهم.
"إسرائيل" في فترة أمنية حساسة وخطيرة للغاية، وعلى كبار السياسيين وجهاز الدفاع أن يتوخوا الحذر ويفرضوا رقابة ذاتية على القضايا الحساسة والتي قيل بالفعل عنها " الحكمة في الصمت".