اجتماع بلا أفق سياسي

موقع نيوز "1"

يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات


اجتمع ممثلون من كافة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة أمس لمناقشة لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع وزير الدفاع بني غانتس، الذي انعقد في منزل الأخير في روش هاعين، كما حضر اللقاء اثنان من معاونيه: ماجد فرج، رئيس المخابرات الفلسطينية، وحسين الشيخ وزير الشؤون المدنية.


وفي ختام اجتماع الفصائل الفلسطينية صدر بيان يدين الاجتماع، حيث أعلنت حمـــ اس في وقت سابق أن لقاء غانتس مع أبو مازن "طعن في ظهر الانتفاضة في الضفة الغربية وتعميق الانقسام الفلسطيني". 

كما كان هناك احتجاج في "إسرائيل" على الاجتماع، رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الذي تم إبلاغه مسبقًا به، اعترض على وجوده وكانت هناك معارضة له في كل من المعارضة والائتلاف.

الاجتماع لم يفاجئ أحدا، فقد أعلن وزير التنمية الإقليمية عيساوي فريج قبل أسبوعين أنه يعتزم عقده، جاء في إطار اجتماع متابعة للاجتماع الأول بينهما في رام الله في أكتوبر الماضي لمحاولة مساعدة السلطة الفلسطينية.، في الواقع استجابت "إسرائيل" على إدارة بايدن للمساعدة في تعزيز موقف السلطة الفلسطينية الضعيف في الضفة الغربية بعد جولة القتال الاخيرة وفي أعقاب الأزمة الاقتصادية العميقة.
 وأضيفت أسباب أخرى: الفساد في أجهزة السلطة، وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطة، بما في ذلك اغتيال الناشط نزار بنات، والفوضى الأمنية في شمال الضفة الغربية ومدينة الخليل، وتعزيز موقف حمـــ اس في الشارع الفلسطيني. 
تخشى الولايات المتحدة أن تكون السلطة الفلسطينية على وشك الانهيار وأن حمـــ اس قد تستغل ضعفها لإثارة انتفاضة ضد السلطة في الضفة الغربية تقوض استقرار حكمها.

أوضح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لوزير الدفاع غانتس أن السلطة الفلسطينية لديها سيطرة جيدة على الضفة الغربية ولا تخشى حمـــ اس. وقدر حزب أزرق أبيض أن بني غانتس يخشى أن صورة مشتركة مع محمود عباس قد تضر به في الانتخابات المقبلة، في حين قالت مصادر في فتح إن محمود عباس يخشى أن تستغل حمـــ اس صورته المشتركة مع بني غانتس لتقديمه على أنه متعاون مع "إسرائيل".


ما الذي تم الاتفاق عليه في الاجتماع؟


شكر وزير الدفاع بني غانتس رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على تعليماته لقوات الأمن الفلسطينية لعدم المساس بالإسرائيليين الذين دخلا رام الله عن طريق الخطأ بسيارتهما، وأنقذهما أفراد أمن السلطة الفلسطينية لكن سيارتهم أضرمت فيها النيران. ورد محمود عباس بني غانتس بأن " لن تتنازل السلطة الفلسطينية عن التنسيق الأمني مع "إسرائيل" تحت أي ظرف من الظروف ولن توقفه رغم مطالب منظمات المعارضة الفلسطينية ".


وأشار محمود عباس كذلك إلى أنه كان على علم بمحاولات حمـــ اس والجهـــ اد الإسلامي لركوب الموجة من حيث التوترات السائدة في الضفة الغربية هذه الأيام والاستفادة من الوضع، وقال إن قواته الأمنية ستواصل العمل بنشاط في جنين و أهداف أخرى في الضفة الغربية لمنع "الإرهاب" والفوضى الداخلية. وبحسب مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية، قال محمود عباس لوزير الدفاع: "لن أسمح بـ"العنف والإرهاب" واستخدام السلاح ضد الإسرائيليين".
 ويتناقض هذا التصريح مع دعواته العلنية لسكان الضفة الغربية للقيام بـ "مقـــ اومة شعبية" ضد "إسرائيل"، وهي: رشق الحجارة، والزجاجات الحارقة، وإغلاق الطرق، والتظاهرات.

وعلى الرغم من الأجواء الجيدة التي سادت الاجتماع، قال مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية إن محمود عباس حذر من التوترات في الحرم المقدسي، وأوضح أنه "لن يتمكن من وقف التصعيد؛ بسبب اندماج العناصر الدينية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني". 
كما أخبر وزير الدفاع أن السلطة الفلسطينية مستعدة لسحب استئنافها أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد "إسرائيل" إلا إذا كانت هناك إيماءات سياسية تجاهها. 
وبعد الاجتماع، غرد حسين الشيخ على حسابه على تويتر وأضاف أن الاثنان "ناقشنا أهمية خلق أفق سياسي يؤدي إلى حل سياسي وبالوضع المتوتر على الأرض؛ بسبب تصرفات" المستوطنين "".


أحضر أبو مازن هدية إلى بني غانتس وتسلم زيت زيتون كهدية. خلال الاجتماع، دخل نجل غانتس الغرفة وأخبر وزير الدفاع محمود عباس أنه جندي في الجيش الإسرائيلي، فرد رئيس السلطة الفلسطينية: "آمل أن يخرج السلام من هذا المنزل". بعد الاجتماع، أعلن وزير الدفاع غانتس أنه وافق على تقديم سلسلة من "الإجراءات لبناء الثقه":

الموافقة على دفعة أخرى لتحديث 6000 ساكن في سجل السكان الفلسطينيين في يالضفة الغربية لأسباب إنسانية. ومنح تصريح إقامة  لـ3500 مواطنن يقيمون في قطاع غزة.

الاسراع في تقديم مدفوعات الضرائب بقيمة مائة مليون شيكل، إضافة 600 تصريح BMC لكبار رجال الأعمال الفلسطينيين.

يُسمح لـ 500 شخص إضافي من حاملي التصاريح من هذا النوع بدخول "إسرائيل" بمركبة، بالإضافة إلى عشرات تصاريح كبار الشخصيات لكبار مسؤولي السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى ذلك، ناقش بني غانتس ومحمود عباس الحاجة إلى الموافقة على مخططات هيكلية فلسطينية إضافية.

وعلى الرغم من أن وزير الدفاع يؤيد حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، إلا أن الطرفين لم يبحثا خلق أفق سياسي لأن الهيكل الائتلافي الحالي في "إسرائيل" لا يسمح باستئناف المفاوضات بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية. يبدو أن بني غانتس ومحمود عباس، أرادا فعلاً أن يرضي اجتماعهما إدارة بايدن ويظهر للرئيس الأمريكي أنهما يحاولان تعزيز الهدوء في الضفة الغربية، والحفاظ على الاستقرار والأمن في تلك المناطق مع تعزيز التعاون الأمني وتقوية الاقتصاد الفلسطيني. .

مسؤول فلسطيني كبير في السلطة الفلسطينية يزعم أن سياسة الرئيس بايدن هي سياسة "تقليص الصراع" وليس "حل النزاع"، ركزت اجتماعات مستشار الأمن القومي جاك سوليفان، ووزير الخارجية بلينكين، والمبعوث الخاص هادي عمرو، وفيكوتوريا نولاند، مساعدة وزير الخارجية مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خلال الأشهر القليلة الماضية، على القضايا الاقتصادية والأمنية، وتعزيز السلطة الفلسطينية، وسبل الحفاظ على حكم محمود عباس من خطر حمـــ اس، وبحسب الفلسطينيين، فإن موضوع "إنهاء الاحتـــ لال الإسرائيلي" ليس مطروحا على جدول الأعمال إطلاقا.


"تقدم إدارة بايدن للفلسطينيين 450 مليون دولار كمساعدة سنوية، وألغى التخفيضات التي أجرتها إدارة ترامب والأموال الأمريكية المتدفقة إلى القطاع الخاص الفلسطيني والمجتمع المدني واللاجئين الفلسطينيين، من خلال الأونروا و 40 مليون دولار مباشرة إلى قوات الأمن الفلسطينية التي تحافظ على تعاون أمني وثيق مع جهاز الأمن العام الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية.


توضح المصادر الأمريكية أن تشكيل الائتلاف الحالي في"إسرائيل" لا يسمح بفتح أي مفاوضات بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، بل يمكن أن يؤدي إلى سقوط حكومة بنت لابيد، والرئيس بايدن يتفهم ذلك جيدًا ولا يريد المقامرة على المجهول، وبحسبهم، فهو غير مستعد للمخاطرة بإمكانية إجراء انتخابات مبكرة وعودة محتملة لبنيامين نتنياهو إلى الحكم؛ لذلك فهو يفضل الوضع الراهن وتجنب الخلافات مع الحكومة الإسرائيلية قدر الإمكان، ولهذا تم تأجيل افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس إلى موعد غير معروف حتى يتسنى للإدارة التركيز مع الحكومة الإسرائيلية على القضية الإيرانية المعقدة وعدم مواجهتها في موضوع فتح قنصلية حيث يتطلب موافقة إسرائيلية.


ساهم لقاء وزير الدفاع بني غانتس مع رئيس السلطة الفلسطينية في تحسين الأجواء بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، لكنه لم يخلق أي أفق سياسي، بل كان يهدف إلى تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية ورحبت إدارة بايدن بذلك، في المستقبل سيكون هناك المزيد من الاجتماعات على هذه القناة. 
في الضفة الغربية لم يتحمسوا كثيرا من الاجتماع إطلاقًا، يعتقد كثيرون أن الاجتماع كان يهدف إلى تعزيز المصالح الشخصية لمحمود عباس ومقربيه، مكانة محمود عباس في أدنى مستوياتها في الشارع الفلسطيني الذي يريد أن يرى قيادة جديدة. 
حسب استطلاعات الرأي في الضفة الغربية، فقد جيل الشباب الثقة في حل الدولتين ويؤيد استراتيجية حمـــ اس بـالمقـــ اومة.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023