موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات
حقق الفلسطينيون انتصارًا صوريّ على "إسرائيل" الأسبوع الماضي، واستسلم المستوى السياسي والأمني، ووافقوا على عدم تمديد أمر الاعتقال الإداري لعضو الجهــــ اد الإسلامي هشام أبو هواش، الذي ظل مضربا عن الطعام لمدة 141 يومًا احتجاجًا على اعتقاله، وتوقف عن الاضراب مقابل الافراج عنه في شباط / فبراير، تسبب إضرابه عن الطعام في أضرار سياسية إسرائيلية في جميع أنحاء العالم وهدد بإطلاق الصواريخ من قطاع غزة على "إسرائيل" واضطرابات واسعة النطاق في الضفة الغربية.
على الرغم من أن هذا هو اعتقال إداري دون إدانة في المحاكمة، فإن هشام أبو هواش ليس بريئًا، فقد قضى عدة سنوات في سجن إسرائيلي عام 2006 بتهم أمنية، ووفقًا لجهاز الأمن العام، استمر في الانخراط في أنشطة عدائية، ولم تتم محاكمته؛ لأن الشاباك لم يرغب في الكشف عن مصادر استخباراتية عنه، فكان الاعتقال إدارياً.
لقد نفذت مؤسسة الدفاع الحملة القانونية، الأمنية بطريقة غير مألوفة، على أقل تقدير، فالتسوية التي تم التوصل إليها معها هي من طبيعة "إطفاء الحرائق"، وقد تبرز المشكلة مرة أخرى في إضراب المعتقل الإداري القادم عن الطعام.
أصبح هشام أبو هواش بطلاً في نظر الفلسطينيين رغم أنه ليس أول أسير أمن إداري ينجح في إخضاع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من خلال إضراب عن الطعام.
في يوليو 2021، أطلق سراح عضو بارز في تنظيم الجهـــ الاد الإسلامي من سجن خضر عدنان إثر إضراب عن الطعام بدأ فيه، وكان هذا هو الإضراب السادس عن الطعام، وجلس لمدة 25 يومًا لمنع اعتقاله إداريًا وتمكن من اخضاع "إسرائيل".
على مدى السنوات التسع الماضية، نفذ خضر عدنان عدة إضرابات عن الطعام أدت إلى إطلاق سراحه، وأضرب عن الطعام لمدة 66 يومًا و 52 يومًا و 59 يومًا احتجاجًا على اعتقالاته الإدارية، هشام أبو هواش لم يخترع طريقة الإضراب عن الطعام هذه للضغط على "إسرائيل"، لقد تبنى ببساطة طريقة أثبتت فعاليتها بالفعل.
كانت إضرابات الأسرى الأمنيين عن الطعام في السجون الإسرائيلية أسلحة لعقود من الزمن في كفاح الأسرى الأمنيين لتحسين فترات سجنهم في السجون الإسرائيلية، كما تم تبنيها في السنوات الأخيرة من قبل المعتقلين الإداريين للضغط على "إسرائيل" للتقصير أو عدم التجديد لاعتقالهم.
الذي ادار المفاوضات من الجانب الفلسطيني مع "إسرائيل" لإنهاء إضراب هشام أبو هواش عن الطعام كان اللواء ماجد فرج، رئيس المخابرات العامة الفلسطينية بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي خشي أن يؤدي موت هشام أبو هواش في السجن إلى إشعال موجة من المواجهات في الضفة الغربية التي من شأنها زعزعة استقرار حكمه، والآن تحاول السلطة الحصول على فضل نجاح النضال من أجل إطلاق سراح هشام أبو هواش، ومع ذلك، هذا ليس نجاحًا للسلطة الفلسطينية بل استسلامًا لـ"إسرائيل"، فقد عملت السلطة الفلسطينية ببساطة كقناة تقنية لتنسيق شروط إطلاق سراح أبو هواش.
خضعت "إسرائيل" لعدة أسباب:-
أظهر هشام أبو هواش تصميمه على "المضي قدمًا" في إضرابه عن الطعام حتى لو كلفه ذلك حياته، وهو بالفعل إضراب طويل عن الطعام لمدة تزيد عن 4 أشهر وكان يهدد حياته، يزعم المسؤولون الأمنيون في "إسرائيل" أنه عوقب بفعله ذلك وأن الردع تحقق وأنه على أي حال سيطلق سراحه الشهر المقبل.
تمكنت الفصائل الفلسطينية كافة، من إطلاق حملة سياسية وإعلامية ناجحة للإفراج عن أبو هواش الذي كاد ان يؤدي إلى تصعيد كبير على حدود قطاع غزة بإطلاق صواريخ باتجاه "إسرائيل" وانتفاضة في الضفة الغربية. في جميع أنحاء المناطق، في الضفة الغربية وقطاع غزة، انطلقت مظاهرات شعبية اكتسبت زخما بالتوازي مع تهديدات قادة حمــــ اس والجهــــ اد الإسلامي، خشي جهاز الأمن العام الإسرائيلي من اندلاع أعمال عنف خطيرة في "إسرائيل" ومناطق السلطة الفلسطينية، واعتبر أن الأمر يستحق التوقف في الوقت المناسب.
ناشدت المخابرات المصرية والفلسطينية "إسرائيل" أن تقدم بادرة حسن نية وتطلق سراح هشام أبو هواش للحفاظ على الهدوء على الأرض.
وأرسلت إدارة بايدن رسائل إلى "إسرائيل" لتهدئة المنطقة ومنع اندلاع عنيف يهدد استقرار السلطة الفلسطينية ويهدئ حدود قطاع غزة.
تستخدم "إسرائيل" سلاح الاعتقال الإداري في الحرب على المقــــ اومة منذ عقود، وهذا ليس بالأمر الجديد وليست الدولة الديمقراطية الوحيدة في العالم التي تستخدم هذه الأداة لحماية مواطنيها، كما أن السلطة الفلسطينية، التي تشغل بالها وتتهم "إسرائيل" بانتهاك حقوق الإنسان، تحتجز عشرات المعتقلين إدارياً من منظمات فلسطينية معارضة لحكم محمود عباس.
وبحسب مصادر في حمـــ اس، فإن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يلعب لعبة نفاق فيما يتعلق بالإفراج عن هشام أبو هواش، وقد اتصل بأفراد عائلته لتهنئتهم على إطلاق سراحه، عندما أعلن عن "جهود السلطة الفلسطينية" لإطلاق سراحه، فهو في الحقيقة هو من ينسق مع "إسرائيل" اعتقال نشطاء حمـــ اس والجهــــ اد الإسلامي في الضفة الغربية.
نجح هشام أبو هواش في كفاحه في حشد الشعب الفلسطيني بكامله بكل مكوناته وفصائله السياسية للنضال من أجل تحريره، واستطاع خلق إجماع وطني فلسطيني مؤقت على الرغم من الخلافات السياسية الداخلية في المجتمع الفلسطيني.
كان رئيس الوزراء نفتالي بينيت هو الذي وافق في النهاية على الصفقة مع هاشم أبو هواش، وفضل الرضوخ لتهديدات المنظمات الفلسطينية بشراء صمت أمني مؤقت يمكن انتهاكه قريبًا على أي حال.
استسلام "إسرائيل" والاتفاق على إطلاق سراح هشام أبو هواش من جديد يشكل سابقة خطيرة يستغلها الأسرى الذين سيعودون ويعتمدون أسلوب الإضراب عن الطعام لإطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية.
وأكد مسؤولون أمنيون في "إسرائيل" أن جهاز الأمن العام لا ينوي وقف واستخدام أداة الاعتقال الإداري.
وزاد انتصار هشام أبو هواش من مكانة تنظيم الجهـــ اد الإسلامي في الشارع الفلسطيني، والتي بدأت تتعزز قبل عدة أشهر بعد فرار ستة أسرى أمنيين من سجن جلبوع، وتلقى علاجا دقيقا في مستشفى إسرائيلي، كان من الأفضل إبرام صفقة في وقت سابق مع محامي هشام أبو هواش وعدم إطالة الإضراب عن الطعام لمدة 4 أشهر، قبل أن تسرع القضية تسارعًا غير مسبوق يضر بالردع الإسرائيلي في نهاية المطاف.
يجب أن تكون هذه القضية درسا لجهاز الدفاع وخاصة الشاباك الإسرائيلي الذي ينوي الاستمرار في أداة الاعتقالات الإدارية.