بقلم المستشار/ أسامة سعد
12/1/2022
منذ عام 2007 والشعب الفلسطيني غارق في دوامة الانقسام والحصار والجمود السياسي، وما لحق ذلك من تردّ على مختلف المستويات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
خلال هذه الفترة الطويلة فشلت كل محاولات الخروج من هذه الدوامة وكان ضحية استمرار هذه الحال هو الشعب الفلسطيني فقط.
ورغم تجرع شعبنا العظيم مرارة هذه الحال فإنه لم يتوقف لحظة عن العطاء والتضحية من أجل الوطن.
لم يَكْفر شعبنا العظيم بالوطن ولم يًسْأم من حب الأرض ولم يعرض عن القيم والمعاني الوطنية التي تربى عليها.
ربما كان أحد اهداف بقاء هذه الدوامة التي أجبر الشعب الفلسطيني على الغرق بها، دفعه للتخلي عن القيم الوطنية التي ظل متشبثاً بها طوال فترة صراعه مع المحتل وضحى في سبيلها تلك التضحية الغالية، ولكن يخبرنا الواقع أن من راهنوا على موت الروح الوطنية في شعبنا قد خسروا رهانهم، بل إن هذه الروح تسمو وتتألق وتتشابك أواصر شعبنا أكثر كلما كانت المحنة أشد وهو ما ظهر جلياً في حرب سيف القدس، ولذلك أصبح من نافلة القول أن شعبنا سبق قيادته وتقدم عليها بمسافات بعيدة وهي ما زالت تحبو خلفه لاهثة وكلما حاولت القيام كبت مرة أخرى.
شعبنا يدخل عام 2022 وما زال يحمل الأمل لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً، ولكني لا أظن أن الرهان على صبر الشعب الفلسطيني وطول نفسه من قبل قيادته سيكون مبرراً عام 2022، ويا ويل كل من لم توقظه الزفرات التي يطلقها شعبنا بين الحين والأخر، فغضبة الشعب إذا انطلقت ستكون مدمرة ولن ينجو منها كل من صنع راحته على حساب تعبه وغناه على حساب فقرة وسعادته على حساب همه،
ولذلك يجدر بهذه القيادة أن تستفيق من غفلة مطبقة وأن تفض عنها بطانة فاسدة سيئة، أوهمتها بصحة كل خطوة أقدمت عليها ونجاح كل مشروع قدمته وعبقرية كل فكرة تتبنها، ولو أنها أصغت قليلا لنبض الشعب وصوت الحق لعرفت أنها تَجدّ السير في الضلال البعيد.
ربما يكون النداء الأخير للقيادة الواهمة نحو الإصغاء لصوت الضمير بألا يمر عام 2022م دون أن يعدل هذا المسار المنحرف ويعاد ضبط البوصلة ويقبض الربان على دفة السفينة بقوة ليوجهها نحو بر الأمان.
فيأيها القيادة الفلسطينية: الشعب الفلسطيني أجل من أن يهان وأعظم من أن يكسر وصوته يعلو ولا يعلى عليه، فلتنصتوا لصوته وإلا فإن شعبنا لن يقبل أن يمر عام آخر وهو يعاني الانقسام والحصار والتراجع الذي تشهده كافة المستويات وأظن أنه سيكون له كلمة فاصلة تصمت من بعدها القيادات وربما يكون صمتاً للأبد.
ولذلك فإن الوقت أقصر بكثير من الخطوات الواجب اتخاذها، ولكن أن تبدؤوا بالتحرك ذلك أفضل لكم ومكفر عن سيئاتكم وأرجى لكم عند شعبكم.
وأظن أن أولى هذه الخطوات هو إنهاء الانقسام دونما البحث كثيراً في وسيلة إنهائه أو تعقيدات التفاصيل التي أرهقتم الشعب بها.
فلم تعد تهمه تفاصيلكم التافهة، فبادروا إلى إعادة اللحمة للنظام السياسي الفلسطيني من خلال حكومة واحدة ومجلس تشريعي فاعل وقضاء نزيه، ثم بعد ذلك السعي نحو إجراء الانتخابات بكل أنواعها على ألا يتجاوز نهاية 2022، وليكن شعاركم أن عام 2022 عام الوحدة الوطنية ولتركزوا جهودكم بعد ذلك لتحسس وجع المواطن وتصلحوا ما افسدته سنوات الانقسام العجاف التي طالت، وتعالجوا الآثار المدمرة التي ستحتاج إلى وقت طويل لترميمها عسى أن تكونوا بذلك كفرتم عن الخطايا الوطنية التي ارتكبتموها.