عمل رئيس المخابرات العامة الفلسطينية، اللواء ماجد فرج، في الأشهر الأخيرة على تعزيز موقعه في السلطة الفلسطينية قبيل قرار خلافة منصب رئيس السلطة الفلسطينية. يعمل فرج بالتنسيق مع حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، ويشكل الاثنان معًا "المحور القوي" في قيادة السلطة، المقرب جدًا من رئيس السلطة محمود عباس ونجليه، والذي أصبح "جاذباً " في كل ما يتعلق بعلاقات السلطة السياسية والأمنية والاقتصادية مع "إسرائيل" والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية.
وفي المقابل هناك المحور المضاد الذي يتزعمه الأمين العام جبريل الرجوب ومحمود العالول نائب رئيس حركة فتح والذي يعتبر أكثر راديكالية وأقل براغماتية.
في الوقت نفسه، يواصل محمد دحلان، المسؤول السابق في فتح الذي طرده محمود عباس من الحركة بتهم فساد وبالتنسيق مع مسؤول فتح مروان البرغوثي، المسجون في "إسرائيل" لمدة خمس فترات مؤبد، النضال من أجل الرأي العام في الضفة الغربية بمحاولة أن يصبح الشخص المناسب بين الورثة.
في الأشهر الأخيرة، أصبح اسم اللواء ماجد فرج، رئيس المخابرات العامة الفلسطينية المقرب من جهاز الأمن العام الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية، من المرشحين الرئيسيين لخلافة محمود عباس، 86 عامًا، كرئيس للسلطة الفلسطينية عندما يقرر الأخير أن يتنحى عن الساحة السياسية الفلسطينية أو عند دخوله حالة ضعف في صحته. ماجد فرج هو المسؤول الأول في السلطة الفلسطينية في الحرب على "الإرهاب" والتعاون الأمني للسلطة الفلسطينية مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، ولديه آلاف المقاتلين الفلسطينيين المسلحين وأنظمة جمع المعلومات الاستخباراتية المتطورة تحت تصرفه.
وبحسب مسؤولين بارزين في السلطة الفلسطينية، قام ماجد فرج بمساعدة شريكه السياسي حسين الشيخ، في الأشهر الأخيرة، بترسيخ موقفه والقضاء على خصومه سياسياً، ولتقديم ترشحه في الانتخابات الرئاسية، نجح فرج في إقناع جهاز الأمن العام الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية بأن مروان البرغوثي "إرهابي" وإذا أطلق سراحه سيلغي التنسيق الأمني بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة.
كما أنه الرجل الذي أقنع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نيسان / أبريل الماضي بطرد وزير الخارجية السابق في حركة فتح ناصر القدوة، ابن شقيق ياسر عرفات، لأنه وضع قائمة مستقلة لخوض الانتخابات البرلمانية.
وبحسب مصادر فتح، فإن اللواء فرج هدد حياة القدوة، في وجود محمود عباس في المقاطعة برام الله، إذا قرر تشكيل قائمته المستقلة التي تضعف من قوة حركة فتح. ويقول مقربون من محمد دحلان إن ماجد فرج كان المحرك الرئيسي عام 2011 لطرد محمد دحلان من حركة فتح بتهمة الفساد خوفا من أن يشكل دحلان خطرا حقيقيا عليه بين الورثة.
من هو ماجد فرج؟
ماجد فرج من مواليد عام 1962 في مخيم الدهيشة للاجئين جنوب بيت لحم، في السبعينيات، انضم إلى حركة فتح وشغل منصب رئيس جهاز الأمن الوقائي في عدة مدن بالضفة الغربية. في عام 2006، تم تعيينه رئيسًا للمخابرات العسكرية، وفي عام 2009، عينه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رئيسًا للمخابرات العامة بدلاً من توفيق الطيراوي.
في السنوات الأخيرة، أصبح ماجد فرج قريبًا جدًا من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويقول نجليه وكبار مسؤولي فتح إنه الحاكم الفعلي لفلسطين في العديد من القضايا بحكم حقيقة أنه يستمد صلاحياته مباشرة من رئيس السلطة الفلسطينية.
يحرص محمود عباس على اصطحاب ماجد فرج معه في كل رحلاته إلى الخارج والجمع بينه وبين زعماء عرب وأجانب، بدأ أنصاره يطلقون عليه لقب "الباشا" وهي درجة فخرية في اللغة التركية تم قبولها في الدولة العثمانية والعالم الإسلامي وفي اللغة العربية.
منافسه الرئيسي على رأس السلطة الفلسطينية هو الأمين العام فتح جبريل الرجوب وهو يعارض التحركات التي يقودها الرجوب للمصالحة مع حمـــ اس ويدعي أن ذلك سيعزز قوة حمـــ اس في الضفة الغربية ويعرض السلطة الفلسطينية للخطر.
أدت المواجهات على رأس حركة فتح بين الورثة إلى قيام خصوم ماجد فرج بمحاولة اغتياله في السنوات الأخيرة منذ أن تعزز موقعه لدى محمود عباس، وأشار مسؤولون في فتح إلى حالة واحدة على الأقل أحبطت فيها قوات الأمن الفلسطينية محاولة لإيذاء ماجد فرج.
في عام 2020، أسر جهاز الأمن الفلسطيني، خلية من 5 عناصر من فتح أطلق سراحهم من سجون الاحـــ تلال الإسرائيلي، كانوا يخططون للإيذاء بأفراد عائلة ماجد فرج، وقاموا بمتابعة أبنائه وزوجته لمدة أسبوع وخططوا لزرع عبوة ناسفة في سيارة العائلة، وكان رئيس الخلية التي كان يديرها أحد خصوم فرج على رأس فتح خبير في المتفجرات.
أدى إعلان رئيس السلطة الفلسطينية عن إجراء انتخابات هذا العام إلى تفاقم التوترات في قيادة فتح بشأن معركة الخلافة، أظهر ماجد فرج ولاءً كبيراً لمحمود عباس لضمان عدم وجود مرشح من حركة فتح يخوض المنافسة ضده، وبالتالي سيضمن استمرار مكانته العالية في السلطة كمرشح رئيسي ليكون رئيس السلطة الفلسطينية المقبل بدعم من "إسرائيل" والولايات المتحدة.
تحركات ماجد فرج الأخيرة
قبل ثلاثة أشهر، أوعز رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى ماجد فرج ببحث إمكانية المصالحة بين السلطة الفلسطينية والإمارات العربية المتحدة بعد أن قطعت السلطة الفلسطينية العلاقات معها بعد توقيع اتفاق التطبيع مع "إسرائيل".
يُزعم أن فرج سافر إلى دبي لزيارة جناح "فلسطين" في معرض "إكسبو 2020" والتقى بحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وبحث معه تحسين العلاقات بين السلطة الفلسطينية والإمارات العربية المتحدة .
ماجد فرج يفهم تمامًا أنه حتى الانتخابات الرئاسية في الأراضي المحتـــ لة، والتي تبدو بعيدة جدًا في ظل الخلافات الصعبة بين فتح وحمـــ اس وإضعاف مكانة السلطة الفلسطينية في الشارع الفلسطيني، فإن الطريق الصحيح بالنسبة له للفوز بمنصب الخليفة المؤقت لمحمود عباس هو من خلال تقوية موقعه داخل السلطة، وتعزيز علاقاته مع القيادة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية وقادة الدول العربية المعتدلة، هذا هو الاتجاه الذي يسير فيه الآن، ومعركة الميراث لا يمكن التنبؤ بها بالنظر إلى تقدم محمود عباس في السن وتردي صحته، وهناك صراعات صعبة في قيادة فتح في الضفة الغربية. حيث فرج مستعدا لكل الاحتمالات في اليوم التالي لعباس.
لتحميل المقال PDF: ماجد فرج يعزز مكانته بين الورثة