موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات

قبل أيام عاد وفد من فتح من سوريا برئاسة سكرتير الحركة جبريل الرجوب، والتقى أعضاء الوفد خلال الزيارة بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد وسلموه رسالة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وخلال الزيارة، أشاد جبريل الرجوب بسوريا والرئيس بشار الأسد لدورها في العالم العربي.

توترت العلاقات بين سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقيات أوسلو في عام 1993، وكان الرئيس السوري حافظ الأسد غاضبًا من ياسر عرفات الذي فضل رعاية الفلسطينيين والحصول على أراض من "إسرائيل"؛ بينما بقي الجولان السوري في  الأيادي الإسرائيلية. اضطر النظام السوري إلى الاكتفاء بـ "جبهة الرفض" الفلسطينية التي بقيت في دمشق وتنظيمي حمــــ اس والجهــــ اد الإسلامي، في عام 2012، انتقد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حمــــ اس آنذاك، النظام السوري بسبب الحرب الأهلية السورية ومذبحة نظام بشار الأسد، لمئات الآلاف من المواطنين السنة ونقل قيادة حمـــــ اس من دمشق إلى الدوحة عاصمة قطر.  

على خلفية عزلة السلطة الفلسطينية في العالم العربي، لديها مصلحة في الاقتراب من سوريا، التي هي في صراع مماثل مع حمــــ اس، وتوقفت الدول العربية عن تحويل الأموال للسلطة الفلسطينية، بل ووقع بعضها اتفاقيات تطبيع مع "إسرائيل" على عكس موقف السلطة الفلسطينية وقرار الجامعة العربية.
  محمود عباس يبحث عن مزيد من الحلفاء العرب، وقد قررت الآن ركوب موجة الدول العربية التي تعمل على إعادة سوريا إلى مكانتها التي كانت عليها في جامعة الدول العربية حتى تم تعليقها عنها، مثل الأردن ومصر والجزائر والإمارات.

لذلك، يبدو أن هناك لقاء مصالح بين سوريا والسلطة الفلسطينية، يمكن لكل طرف الاستفادة من التقارب المتبادل، ولكن كان على جبريل الرجوب أن يكتف بلقاء مع وزير الخارجية السوري فقط، يحتفظ الرئيس بشار الأسد بحق لقاء السلطة الفلسطينية في زيارة محمود عباس المرتقبة إلى دمشق.
 وأبدت مصادر في فتح استيائها من ذلك، حيث التقى الوفد الذي واصل بزيارة لبنان بعد الزيارة إلى سوريا هناك على أعلى مستوى برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

إعلان زيارة محمود عباس المرتقبة إلى دمشق ليس بالأمر الجديد، فالفلسطينيون يتحدثون عن هذه الزيارة منذ عامين ولم تتحقق حتى الآن. وبحسب مصادر فتح، فإن زيارة وفد فتح بقيادة جبريل الرجوب إلى دمشق قد سبقتها سلسلة من الاتصالات والتفاهمات الطويلة الأمد، وعد السوريون بالحفاظ على مكانة السلطة الفلسطينية وشرعيتها وعدم انتقادها علناً؛ بسبب علاقاتها مع "إسرائيل"، كما تعهدوا بالسماح للسلطة الفلسطينية وحركة فتح بالعمل في مخيمات اللاجئين في سوريا حيث يوجد نفوذ حمــــ اس قوي جدًا.

وأوضحت السلطة الفلسطينية أنها تدعم جهود إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية التي ستعقد بالفعل القمة العربية المقبلة في الجزائر، في آذار/ مارس، وشددت على أنها تعارض عزل سوريا وأنها لم تتخذ موقفا قط ضد الرئيس بشار الأسد ودعمت دائمًا " الحفاظ على استقرار النظام السوري ووحدته. 
كما طلب وفد فتح إلى دمشق من النظام السوري التأثير على قيادات تنظيمات الجبهة الشعبية والديمقراطية في دمشق لحضور اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، مطلع الشهر المقبل، لكنهم في هذا الوقت لم يوافقوا على تغيير موقفهم التقليدي بأن المؤتمر يجب أن ينعقد خارج الضفة الغربية، بعيدًا عن كل سيطرة وتأثير لـ"إسرائيل" والجيش الإسرائيلي.

إن تطبيع العلاقات بين السلطة الفلسطينية والنظام السوري سيكون بمثابة ضربة من الرئيس بشار الأسد  لحمـــ اس، التي باءت جهودها حتى الآن، من خلال إيران وحــــ زب الله، بـ"التودد" إلى سوريا والمصالحة مع الرئيس السوري بلا جدوى.
 دمشق حذرة وعلاقاتها مع السلطة الفلسطينية لم تتحسن بعد، لكنها ترحب بأي جهة عربية تدعم اتجاه إعادتها إلى الجامعة العربية.
 تجاهلت إدارات بايدن و"إسرائيل" زيارة وفد من فتح إلى دمشق ولم تعترض حتى الآن على محاولات السلطة الفلسطينية التقارب مع النظام السوري.
 يبدو أن جميع الأطراف المشاركة الآن في مثل هذا التقارب قد تساعد في إبعاد إيران عن التدخل العسكري في سوريا، حيث يبدو الآن أن فرص ذلك ضئيلة.