رسالة روسية سورية مشتركة لإسرائيل

رسـالـة روسيـة سـوريـة مشـتـركـة لإســرائيــل

مـوقـع نـيـوز "1"

يـوني بـن منـاحيـم

ترجمـــة حضـــارات


قالت وزارة الدفاع الروسية إن مقاتلات روسية وسورية قامت بدوريات جوية مشتركة على طول الحدود السورية هذا الأسبوع، بما في ذلك منطقة مرتفعات الجولان، مضيفة أن هذه الدوريات ستصبح دوريات منتظمة.

 وشاركت في الجولات المشتركة طائرات مقاتلة وقاذفات وطائرات مراقبة واستطلاع، الأمر الذي يثير قلقاً بالغاً على المستوى السياسي في "إسرائيل"، ففي هضبة الجولان يوجد تواجد عسكري للمليشيات الإيرانية وقام حـــزب الله و"إسرائيل" بمهاجمتها مرات عديدة، بالإضافة إلى ذلك، تهاجم "إسرائيل" بانتظام أهدافًا إيرانية في الأراضي السورية بشكل عام من أجل منع المؤسسة العسكرية الإيرانية التموضع في سوريا.


هناك خط هاتف "ساخن" بين الجيش الإسرائيلي والجيش الروسي في سوريا و"إسرائيل" تبلغ الجيش الروسي قبل وقت قصير من مهاجمته لأهداف إيرانية بالقرب من القواعد العسكرية الروسية في سوريا حتى لا يتضرر الجنود الروس. 

في الاجتماع الأول لرئيس الوزراء نفتالي بينيت مع الرئيس الروسي بوتين في سوتشي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تم التوصل إلى اتفاقات جيدة بين البلدين بشأن هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا، وزعمت شخصيات سياسية بارزة في تل ابيب في ذلك الوقت أن الرئيس بوتين أعطى "إسرائيل" "الضوء الأخضر" للاستمرار بمهاجمة أهداف عسكرية إيرانية في سوريا.


ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية في 26 كانون الثاني (يناير) أن نقطة تحول في تورط روسيا في سوريا ظهرت بعد أن أعربت سوريا وإيران عن استيائهما من النشاط العدواني الإسرائيلي في سوريا على الكرملين وأشارا إلى أنهما سيتعين عليهما التحرك إذا لم تقم روسيا بكبح جماح "إسرائيل".


وضع جنود روس في ميناء اللاذقية


كما أفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، عن نقل قوة من الجيش العسكري للجيش الروسي من القاعدة الجوية الدافئة في سوريا إلى ميناء اللاذقية قبل أيام، وأنها ستبقى هناك بشكل دائم. 

كما قامت القوات المشتركة السورية والروسية هذا الأسبوع بجولة في ميناء اللاذقية، كما تتذكرون، استأجرت روسيا ميناء طرطوس في سوريا قبل بضع سنوات لمدة 49 عامًا.


وعارضت سوريا في السابق وجودًا عسكريًا روسيًا داخل الميناء، ولكن نظرًا للهجمات المنسوبة لـ"إسرائيل" عليها، وافق السوريون على هذا الوجود لردع "إسرائيل" عن مهاجمته، هناك أيضًا احتمال أن يتم تسليم جزء من الميناء إلى سيطرة الجيش الروسي مقابل عقود استثمار طويلة الأجل ووعد روسي بحماية الميناء بأكمله من الهجمات الإسرائيلية.


في مثل هذا السيناريو، ستكون إيران قادرة على نقل الأسلحة عن طريق البحر إلى ميناء اللاذقية لسوريا وحـــ زب الله دون خوف من مهاجمتها من قبل "إسرائيل".

 الافتراض العملي للإيرانيين والسوريين هو أن "إسرائيل" لن تخاطر بمهاجمة ميناء بوجود عسكري روسي. هل تعمدت روسيا غض الطرف عن الاعتداءات الإسرائيلية على ميناء اللاذقية لإجبار السوريين على الانصياع وطلب حمايتهم؟ بالتأكيد ممكن، يعرف الرئيس بوتين كيفية عصر الليمون السوري جيدًا لتحقيق أهدافه.


يدعي بعض المعلقين في العالم العربي أن نشر القوات الروسية في ميناء اللاذقية كان يهدف إلى إبعاد إيران عن ميناء اللاذقية، بينما يرى آخرون أن هذا مرتبط بالتوترات الأمريكية الروسية حول أوكرانيا وأن روسيا ترسل تحذيرًا لواشنطن بانها ممكن ان تقيد نشاط سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا ضد أهداف إيرانية.


هل الغارتان الجويتان اللتان نسبتهما جهات أجنبية لـ"إسرائيل" في الأسابيع الأخيرة على حاويات تحتوي على أسلحة إيرانية وصلت إلى ميناء اللاذقية غيرت موقف روسيا؟ هذا هو السؤال الذي تحاول "إسرائيل" اكتشافه الآن. 

وبحسب مصادر أمنية في "إسرائيل"، فإن محادثات أمنية جارية بين الجيش الإسرائيلي والجيش الروسي للوقوف على مغزى تسيير الدوريات الجوية المشتركة مع القوات الجوية السورية، ومن المحتمل أيضا أن تخفف "إسرائيل" من الضربات الجوية في سوريا "حتى يمر الغضب.


تعتبر مدينة اللاذقية عاصمة الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد وأدى الهجومان على ميناء اللاذقية إلى إلحاق الضرر بهيبتها، يستقبل ميناء اللاذقية معظم الواردات القادمة إلى سوريا ومن خلاله يتم تصدير البضائع السورية إلى الخارج، وقد أقامت روسيا قاعدة جوية دافئة كبيرة في منطقة كيا قبل وقت قصير من تنفيذها.


لا يوجد حاليا أي تأكيد من أي مصدر آخر لتقرير في جريدة الأخبار، ولا يعقل أن تكون الجولات الجوية المشتركة لروسيا وسوريا في سماء هضبة الجولان والدعاية التي أطلقتها الدولتان تهدف إلى إيصال رسالة لـ"إسرائيل" بعدم الرضا عن النشاط الجوي الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في سوريا ولتقليص نشاطها، زادت "إسرائيل" في الأشهر الأخيرة من حجم نشاطها الجوي العسكري في سوريا، الأمر الذي يقلق سوريا وإيران بالتأكيد.

وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد قام قبل أيام بأول زيارة له لموسكو وكان مقررا أن يلتقي بالرئيس بوتين، ومن بين الموضوعات التي تمت مناقشتها أيضا موضوع الوجود العسكري الإيراني في سوريا، من المحتمل أن تكون الإشارة الجديدة من روسيا تجاه "إسرائيل" هي نتيجة هذا اللقاء. 

على أي حال، فإن تموضع المؤسسة العسكرية الإيرانية في سوريا هي "خط أحمر" لـ"إسرائيل"، والروس يعرفون ذلك ويفهمون أن لـ"إسرائيل" الحق في الدفاع عن النفس ضد الخطر الإيراني وأن هذا هو السبب الوحيد لهجمات سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا، وتوضح مصادر سياسية في تل ابيب أن هذا النشاط لن يتوقف حتى لو حدث انخفاض في هذا النشاط في المستقبل القريب، و"إسرائيل" عازمة على منع تموضع المؤسسة العسكرية الإيرانية في سوريا.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023