مصالحة مع أردوغان؟ نعم بالريبة والحذر

يســـرائيـــل هيـــوم

دان شيــفتـــان

تــرجمـــة حضــارات

مصالحة مع أردوغان؟ نعم بالريبة والحذر



يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتخذ مؤخرًا مبادرة لتحسين العلاقات مع "إسرائيل". 

يجدر النظر في نواياه، وعودة السفراء، وتعميق الروابط الاقتصادية، وفتح مجالات للحوار. 

من المهم أن نفعل ذلك دون حمـــ اس وبشك عميق وخاصة بالتنسيق الشفاف مع مصر ودول الخليج وقبرص واليونان.

من أجل إثبات طبيعته غير المستقرة، وعدائه المستمر لـ"إسرائيل" ودعمه المنهجي لجميع قنوات النضال السياسي والعنيف ضدها، من المهم أن نتذكر تحركاته في السنوات العشر الماضية.

هذه، على سبيل المثال، المواجهة الدراماتيكية مع شمعون بيريز في دافوس بعد عملية الرصاص المصبوب، في حادثة سفينة "ماوي مرمرة"، في محاولة لفتح ميناء غزة أمام شحنات السلاح، في سلسلة ثوراته اللاسامية، تحريض شعبه على "إسرائيل"، دعمه لحمـــ اس، بما في ذلك منح ملجأ صالح العاروري، ناشط حمـــ اس في الضفة الغربية.

في طرد المهين للسفير الإسرائيلي، في التحريض ضد "إسرائيل" في القدس، وفي تأجيج الهستيريا الإسلامية في الحرم القدسي الشريف.

من المهم أيضًا  كيف ألا نذكر كيف كان رد فعله على مبادرة المصالحة الإسرائيلية في آذار / مارس 2013.



من أجل تحديد طبيعة النظام الذي قاده في تركيا، من المهم أن نتذكر الآمال التي لا أساس لها والتي علقها الرئيس أوباما على الإسلام "المعتدل" للإخــــوان المسلمين في أنقرة (والقاهرة) حتى أصبح واضحًا، كما هو متوقع، أنها خدعة أمام أولئك الذين أصروا على خداع أنفسهم.

أردوغان ليس الديكتاتور الوحيد المصاب بجنون العظمة في المنطقة، وربما ليس الأكثر وحشية، لكن تركيا مختلفة، وليس فقط بسبب عضويتها في الناتو: لقد نجحت في الثمانين عامًا التي سبقت ثورة أردوغان المضادة للخروج من الاستبداد الإقليمي و التخلف وإقامة نظام تحديث واسع النطاق. حمل هذه الأهداف على كتفيه، رسم أردوغان الكثير من إنجازات مصطفى كمال ("أتاتورك") وخلفائه، وجذب المجتمع التركي مرة أخرى إلى أنماط تجعل من الصعب عليه تلبية تحديات القرن الحادي والعشرين.

كل هذه الأشياء، مهما كانت ثقيلة، يجب ألا تمنع تحسين العلاقة، تركيا قوة إقليمية، وحتى التجنب المؤقت للعداء النشط تجاه "إسرائيل" ليس بالأمر الهين، حيث تواجه "إسرائيل" إيران ومبعوثيها، دون دعم أمريكي قوي لها ولحلفائها العرب. 

كما أن التعاون الاقتصادي، في التجارة الثنائية وفي استخدام المرافق وطرق النقل الإسرائيلية في التجارة التركية مع دول المنطقة، سيعزز الاقتصاد الإسرائيلي.

إلى الدعم الكبير من أنقرة لحمـــ اس والعناصر "التخريبية" في القدس، من المهم أن نوضح لأي شخص يشعر بالحمـــ اس المفرط: تداخل المصالح بيننا وبين حلفائنا هو أهم بما لا يقاس من أردوغان.



يواجه أردوغان صعوبات جدية في أوروبا والولايات المتحدة؛ بسبب طغيانه وعدوانه الإقليمي، ولا ينبغي استخدام "إسرائيل" كمدافع عن الصدق في واشنطن والديمقراطيات الغربية، لا ينبغي لـ"إسرائيل" أن تساعده على "تلميع" هذه الامور، على سبيل المثال، تقويضه لمصالح الناتو الحيوية في علاقاته مع روسيا، أو تطرف الأقليات التركية في أوروبا.



الأهم من ذلك، في الشرق الأوسط، يعرض أردوغان، على مستويات مختلفة من الخطورة، العناصر الصديقة لـإسرائيل" للخطر. 

ممنوع منعا باتا خيانتهم في محاولة لاسترضاء أعدائهم، بطريقة فقدت الولايات المتحدة الثقة بها، خاصة مصر والسعودية ودول الخليج والأردن والأكراد واليونان وقبرص.



في عام 2013، أنقذ الرئيس المصري السيسي منطقة الشرق الأوسط و"إسرائيل" من نظام "فاسد" لجماعة الإخــــ وان المسلمين. 

رغم التفاهمات المتعلقة بليبيا فإن الإخـــوان والرئيس التركي في القاهرة يعتبرون أعداء، كما أن الإخـــوان يهددون الأنظمة في الأردن، والخليج أردوغان يذبح الأكراد في بلاده وفي سوريا.

إنه يحاول الاستيلاء على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ​​والاستيلاء على موارد الغاز والبحر الخاص بقبرص واليونان.

ستتضرر شبكة التحالفات والتفاهمات الإسرائيلية المعقدة والمشكلة بأكملها في المنطقة إذا اشتبه شركاؤها في أن العلاقات ستتم على حسابهم. تركيا أردوغان ليست شريكا استراتيجيا.

العلاقة المفيدة والمرغوبة معه تستحق أن تُجرى على شكل لقاء وثيق بين اثنين من القنافذ: بحذر شديد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023