بيد كوشنير لا بيد الشيخ

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

بيد كوشنير لا بيد الشيخ 
بقلم ناصر ناصر 
22-6-2020 

ليست تهديدات حسين الشيخ لإسرائيل أمس ، ولا وعيد السيّد عبّاس لها قبل ذلك، هو ما قد يؤثر جدّيًا على نتنياهو؛ لتأجيل أو تقليص أو حتى تعليق قراره بضم حوالي 30% من أراضي الضفة الغربية ، بما فيها الأغوار والمستوطنات ؛ بسبب تقديراتها أنها ضعيفة ويمكن احتواؤها بسهولة، بل أزمة ترامب الداخلية بسبب الكورونا والاحتجاجات الداخلية، ومنشورات بولتون مع اقتراب موعد انتخابات للرئاسة في نوفمبر 2020، إضافة لاشتراط كوشنير إجماعًا إسرائيليًا على الضم، وسكوتًا أو تعاونًا عربيًا معه لتمرير الأمر، هو ما سيحدد عمق وحجم وتوقيت الضم، فأين الفلسطينيون من ذلك؟ ولماذا تراجع دورهم في قضيتهم؟
حتى لو تحقق هدف الفلسطينيين في إسقاط عدوان الضم على بلادهم بأيدي غيرهم ، لتفاعلات داخلية أمريكية إسرائيلية ليس لهم علاقة مباشرة فيها، فهذا لا يعفيهم من فعل كل ما يمكن لمواجهة الضم، وكأن التفاعلات الإيجابية من حولهم غير موجودة، فقد تتغير الموازين وتتبدل المواقف والمصالح، وتنقلب الأمور لتتركهم مرة أخرى في مواجهة العدوان الإسرائيلي وحدهم. وحتى اللحظة لا تبدو الاستعدادات والتحضيرات الجدّية على أرض الواقع كافية ؛ لمواجهة مشروع الضم الغاشم ولا أقل من ذلك. فأين الوحدة الوطنية ؟ أين المصالحة الداخلية؟ وعلى الأقل أين التعاون والتنسيق بين مختلف الفصائل؟ وكيف يمكن لذلك أن يتم طالما تمسكت السلطة الفلسطينية بمواقفها الأساسية تجاه المقاومة (بكافة أشكالها) وأصرت على اشتراطاتها تجاه المصالحة وتجاه غزة على وجه التحديد، واستمر موقفها المزدوج والمعيب تجاه الشباب الفلسطيني الثائر، فمن جهة أُخرج للتظاهر والاحتجاج، ومن جهة أخرى سنعتقل من نشاء ومتى نريد! كيف يمكن للشاب الفلسطيني أن يثق بمن يؤكد في الصباح والمساء أنه ضد المساس بأمن إسرائيل، وأنه ملتزم بحماية الجار المحتل الغاشم، حتى دون تنسيق مسبق معه ( فالعيال كبرت وتستطيع وحدها) وهكذا إذا مرّ مشروع الضم فالمسؤولية التاريخية الكبرى تقع على السيد أبو مازن، والمجموعة الحاكمة من حوله. 
وحتى يرتب الفلسطينيون صفوفهم يأمل المستضعفون من أحرار الشعب الفلسطيني في أن تتفاقم أزمة ترامب أكثر فأكثر، وأن تزداد الفجوة بين حزب أزرق أبيض برئاسة غانتس، والليكود برئاسة نتنياهو في موضوع حجم وتوقيت وشروط الضم، وأن يَثبُت المستوطنون على مواقفهم الحاسمة برئاسة دافيد الحياني – رئيس مجلس المستوطنات- برفض مشروع الضم؛ لأنه قائم على خطة ترامب، والتي تعطي للفلسطينيين ( رائحة دولة)، وتمنع 19 مستوطَنة في عمق الضفة من الازدهار والتوسع.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023