رَضَّاعَة فِلَسْطِينِيَّة

جمال الهور

أسير فلسطيني وكاتب

بقلم الكاتب: جمال الهور

5 فبراير - 2022م


بسم الله الرحمن الرحيم

لن ينجرف الليل بالريح، فبزوغ الفجر أطهر مدفوعًا بالثأر... شجيرات التل داكنة اللون، والمستوطن يزيل التراب، ويحول الصخرة إلى حروفٍ من التوراة، والقبعة السوداء تسرق مهمة الكوفية، والقدس مصلى منحدر السور عند مربض البراق، لكنه ليس فيه عين بكاء، ولا متسع لقصاصات الورق الملون، فتسبيحات المعراج ما زالت تحُجُّ في النواحي، وعلى كتف السور نبتت ريشات من أجنحة طائر الإسراء، وعند البوابات الحانية طافت أمي تلبس ثوبًا من غزل الشوك، ووقفت في وجهها بندقية من غير اسمٍ ولا معنى، ولكنها قادرة على الصراخ.


يمر طفل الشمس برضاعةٍ ترشح رائحة عنب الجنوب، فتتململ البندقية كأن الدبس سُرق من جرن يعقوب النبي، قالت أمي العجوز بأن أباها إبراهيم، زرع داليةً في سقف المغارة، يصلي في ظلالها، وترضع الدبس عن يمينٍ وعن شمال، لكن المغارة تاهت عن الأرض، وظل الدبس يسيل كالشهد ويملأ الرضاعة.


جلس الطفل على عتبة البوابة، وهناك فقدته الرضاعة، صيحة أمي أعلى من صرخة البندقية، لكنها من غير مخالب ولا أنياب ولا شوك، والصراخ العالي ضعيفٌ أشبه بلون الدم المظلوم.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023