شهــ ـداء نابلس .. ما وراء المجزرة

بقلم: معاذ أبو الشريف

09/02/2022  

ليس غريباً أن يرتكب الاحتـ ــلال، جريمة جديدة من جرائمه المتواصلة بحق أبناء شعبنا في أي مكان وأي زمان، فهذه طبيعته ووظيفته، التي ما انفك يؤديها على حساب دماء الشعب الفلسطيني، لكنّ مجزرة نابلس الأخيرة، من ناحية التوقيت والشكل تحمل أبعاداً أخرى، ينبغي الانتباه إليها، يدور الحديث هنا عن شبان يقـــ اومون، ولم ينفذوا قبل اغتيالهم، عمليات مؤلمة جداً بشكل خاص للاحتــ ـلال، ومن المرجح أن تندرج مقـــ اومتهم تحت ما يمكن تسميته بالإرباك الليلي للاحتـــ لال، من خلال تنفيذ عمليات إطلاق نار، عن بعد لم توقع إصابات، وهذا شكل من أشكال المقـــ اومة الشعبية، إن صح التعبير، والتى يستخدمها الشبان في الضفة الغربية، منذ فترة ضد مواقع عسكـــ رية واستيطانية، وهذا لا يستلزم اقتحام قوة إسرائيلية خاصة، في قلب نابلس، وتعريضها للخطر، لولا أنّ هناك ثمّة دلالات أخرى.


من الواضح أنّ هذا التوغل الصهـــ يوني في دماء الفلسطينيين، هو قرار واعي تماماً ومدرك لأهداف هذه العمليات، والملفت أنّ هذه الجريمة، تأتي في سياق حراك أمني سياسي محموم، يجري بين رئاسة السلطة وأركانها من جهة، ووزير الحـــ رب الصهـــ يوني غانتس، ووزير الخارجية لبيد، وغيرهم، في غرف مغلقة، وقد خيم على هذه العلاقات البعد الأمني بشكل خاص، لمعالجة تصاعد تيار المقـــ اومة في الضفة، وتراجع قوة السلطة وأجهزتها الأمنية، في محاولة لإنقاذها من السقوط، ومواصلة دورها المناط بها في حماية أمن الاحتـــ لال مقابل امتيازات وعطايا، لا علاقة لها بمصالح الشعب الفلسطيني العليا، وبالتالي فإن من السذاجة تصور أن المجزرة تمت دون تنسيق معين، مع الأجهزة الأمنية للسلطة على الأرض، والتي اختفى عناصرها بأسلحتهم فجأة من مسرح الجريمة، كذلك فإن هوية الشهـــ داء التي تشير الى انتمائهم لحركة فتح، ورفضهم لمنهج السلطة، وتمسكهم بمنهج المقـــ اومة، وهو تيار ثوري يتنامى داخل فتح، ويهدد قيادتها المتنفذة، لهذا أيضا دلالة خاصة.

إنّ الاحتـــ لال وسلطة أبو مازن، بصدد إعادة ترتيب الأوراق في ساحة الضفة، بما يضمن مصالحهما المتبادلة، وهذا سيكون ثمنه دماء وشهـــ داء وما جرى في مركزي عباس، من تعيينات غير طبيعية، يشير بوضوح إلى ذلك، يبقى السؤال هل سينجح الاحتـــ لال بترتيب الأوراق مع السلطة، في الضفة الغربية، استعداداً لمرحلة ما بعد عباس؟

أم أن التيار الثوري المقـــ اوم داخل حركة فتح، سيكون له موقف وكلمة، تنسجم مع تاريخ الحركة ونضالاتها، وتلتحم مع قوى المقـــ اومة وجماهير شعبنا في تغير المشهد المأساوي، الذي تعيشه الضفة الغربية وسائر مواقع شعبنا؟

الأيام القادمة ستجيب على ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023