كريم وماهر يونس 40 عام: لا يغرنكم صبر الأسرى

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

بقلم: ناصر ناصر.  

09/02/2022  

لا يظننّ ظانٌّ أو يعتقد أحد بأنّ ما يحققه الأسرى من إنجازات نضالية وثقافية وأكاديمية شخصية وعامة وغيرها هي دليل على تأقلم الأسرى "السلبي" مع واقعهم، أو أنهم قد رضوا بالسجن واطمأنوا به؛ إنّما هو شكل من أشكال مقاومة الأسرى لقهر سجانيهم وتقصير إخوانهم، وما الذي كالإنجاز يساعد الأسرى على الصمود، وما الذي كالعلم والثقافة والبناء يعزّز صمودهم؟، وإلا فإنّ معاناة الأسرى وخاصة أولئك المرضى ومن أمضوا السنوات الطويلة في الأسر، تكاد أن تكون لا تطاق ومعاناتهم تتزايد خاصة مع تزايد هجمات سلطات السجون عليهم والنابعة هذه المرة من عجزها عن تحطيم معنوياتهم أو منعهم من الإنجاز وتحديداً؛ إنجاز الحرية في نفق جلبوع.

إنّ صبر الأسرى وقدرتهم اللافتة للنظر علي الثبات في وجه ظروفٍ قاسيةٍ وغير مسبوقةٍ، ولم تشهدها فلسطين منذ الاحتلال؛ كدخول الأسيرين كريم وماهر يونس عامهم الأربعين بشكل متواصل داخل سجون القهر، لا ينبغي أن يخدع هذا الصبر أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة المقاومة الباسلة ففي قلوب هؤلاء الأسرى نار تشتعل شوق للحرية، وحزناً وكمداً لا يوصف، على تقصير وعجز أبناء شعبهم، وعلى رأسهم المقاومة في اطلاق سراحهم، ولا ننسى أن الزمن هو عامل قاتل بالنسبة لبعضهم، كناصر أبو حميد الذي ارتفعت احتمالات استشهاده خلال عام إلى ما يقارب 80% وفق آخر تقارير الأطباء.

إن التعويل والمراهنة لا تتم على من تخلوا عن النضال وتعاونوا مع المحتل الغاشم إنما على المخلصين والصادقين والمناضلين، من أبناء شعبنا وعلى رأسهم قادة المقاومة، وتحديداً في قطاع غزة والذي أكّد قائدها وشيخ فلسطين الامام أحمد ياسين، وفي مواقع ومواطن عديدة أنّ من التقصير المخل والمعيب، أن يبقي أسير فلسطيني واحد أكثر من 5 سنوات، والأسرى يقولون وبشيء من التسامح والإدراك؛ لتزايد الصعوبات والتحديات والتهديدات على أبناء المقاومة وقادتها "خليها 10سنوات بل 15 عام"، أما أكثر من ذلك؛ فهي مصيبة كبرى وكارثة وطنية نضالية، لا ينبغي لها أن تستمر.

ليس جلداً للذات ولا نقداً سلبياً لأشرف ظاهرة عرفتها فلسطين والعالم وهي مقاومة الظلم والاحتلال وعلى رأسها المجاهد الكبير رمز الشعب والأمة والمقاومة محمد، إنما هي ذكرى وتذكرة لهم ولا خير فينا إن لم نقلها ولا خير فيكم إن لم تسمعوها: إن مسؤولية بقاء أسير واحد أكثر من 15 عام من الانتظار والصبر، على أمل الفرج داخل باستيلات القهر والإرهاب الإسرائيلي؛ هي مسؤوليه المقاومة ولا عذر لأحد، فالاحتلال غاشم ومن طبيعته أن يأسر وينكل بأحرار الشعب، كما أن أمر تحرير الأسرى هو أبسط بكثير من تحرير فلسطين كلها أو جزئها، وقد ينجم عن عملية محدودة مهما كانت مخاطرها وتداعياتها، إذاً الأمر ممكن وفي متناول اليد، وليس الموت داخل الأسر أو قضاء 30 عامًا داخله، ليس هو أمراً مقضياً، أو قدراً مقدوراً.

إنّ الحد الأدنى من مناصرة الأسرى وخاصة أولئك القدماء، ومن أوشكوا على الشهادة من مرضى وكبار سن، أولئك الذين يفقدون من أعمارهم وصحتهم بالتدريج، وتحديداً ككريم يونس وماهر يونس ونائل البرغوثي وناصر أبو حميد ومحمود عيسى وغيرهم.

إن أقل الواجب بحق هؤلاء أن يقوم كل مخلص وحر، بسؤال القادة الأعزاء من أبناء المقاومة وبكل محبة وتقدير؛ فهم سادة الأمة وعنصر توازنها، لماذا أربعين عامًا لكريم ونائل وماهر؟


لماذا 30 عامًا لاغبارية وعيسى والعشرات من الأسرى ومتى سيتم إطلاق سراح هؤلاء؟  

أليسوا على رأس أولويات المقاومة منذ 20 عام على الأقل؟

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023