عندما تغير مملكة علمها ونشيدها الوطني وتغير الماضي: التحول السعودي

القناة 12

إيهود يعاري

ترجمة حضارات


السعودية الجديدة تحل محل القديمة... لا يوجد بلد، على حد علمي، فعل أي شيء من هذا القبيل، في خطوة مفاجئة وشاملة، ولي عهد محمد بن سلمان، يغير بلاده: يعيد كتابة قصة تاريخ المملكة، ويحدد موعدا جديدا لتأسيسها وعطلة وطنية إلى جانبها، وينوي استبدال العلم والنشيد الوطني، وحتى القواعد، التي تقول إنه لا يوجد سوى "القهوة السعودية" في البلاد، ولم يعد لها "قهوة عربية". 

إن وسائط الإعلام الدولية تفتقد هذه الاضطرابات المذهلة، ومع ذلك، داخل المملكة العربية السعودية، وسائل الاعلام الاجتماعية يغلي.

الجميع يدرك أن هناك معنى واحد للأشياء: محاولة عزل المملكة، عن تركيبتها المرتبطة بالفصيل الوهابي المتدين والمتطرف، الذي نما تنظيم القاعدة داخله، وعزز التمييز ضد المرأة وحظر الكحول، ودفع عدة آلاف إلى قطع الذراعين والساقين مع فرض عقوبات الشريعة الإسلامية.  

ويسعى الأمير الطموح إلى تخليص الشراكة، التي دامت 250 عاما بين سلالة عائلته، التي ظهرت في أوائل القرن الثامن عشر، من المنفى الفقير في الكويت، إلى أن غزت تدريجيا معظم شبه الجزيرة العربية، وأحفاد المرشد الصارم والراديكالي محمد بن عبد الوهاب، الذي حكم المؤسسة الدينية، حتى وقت قريب في شرطة متشددة غير المستقرة.  

أذكر: على مر العصور، صدرت المملكة العربية السعودية العقيدة الوهابية، إلى جميع أنحاء العالم، وموّلت مبالغ ضخمة من الدعاية لميراثها، وبناء الآلاف من المساجد والمعاهد الدينية، لطالما كان الوهابيون والمملكة العربية السعودية مرادفين.. ولا أكثر!



وقد أصدر محمد بن سلمان، الآن، مرسوما بأن المملكة تأسست في 22 فبراير 1727، وهو التاريخ الذي وصل فيه والد سلالة ابن سعود، إلى السلطة في بلدة الدرعية الصحراوية، أي إلغاء التقليد بأن أيام المملكة تحسب من عام 1744، وهو العام الذي انضم إليه رجل الدين محمد عبد الوهاب، داعيا إلى العودة إلى الإسلام "النقي"، الذي ساد في أيام النبي.  وبالتالي، فإن التاريخ السعودي لن ينطوي على الالتزام بالوهابية، التي تعتبر في العديد من الأماكن حركة خطيرة ومتشددة.

وسيكون للسعوديين الآن "عطلتا استقلال" مدفوعتا الأجر، أحدهما في 22 شباط / فبراير والآخر في 23 أيلول / سبتمبر، لإحياء ذكرى غزو منطقة الحجاز، وأماكنها المقدسة في عام 1932، عندما طرد مقاتلو القبائل السعودية بالسلالة الهاشمية، التي جاء منها الملك عبد الله ملك الأردن.



السعوديون في المركز

ليس ذلك فحسب، فقد "رفض" ولي العهد الفكرة القديمة، القائلة بأن ثلاث دول سعودية قد صعدت وسقطت واحدة تلو الأخرى، ويذكر أنه لم تكن هناك سوى دولة سعودية واحدة تعرف، بطبيعة الحال، صعودا وهبوطا، هذا يعني أنه يجب عليك إعادة كتابة الكتب المدرسية.

ثم، في رأيه، هناك حاجة إلى علم جديد لتسليط الضوء على "السعوديين"، على حساب التقارب الإسلامي، العلم الأخضر الحالي المكتوب عليه "لا إله إلا الله ومحمد رسوله"، وتحته سيف طويل، ومن غير المعروف حتى الآن، كيف سيتم تصميم العلم الجديد؟ ولكن أشك في أن السيف سيبقى، والنشيد الحالي يتحدث عن الولاء لهذا العلم الأخضر، وقريبا سيتم استبداله أيضا.  

محمد بن سلمان، يقوم الآن بحملة دعائية على تويتر، ويوضح تركي الحمد أحد الصحفيين من أتباعه صراحة، أن هذا هو تجريد النزعة الوهابية عن المملكة، حسب زعمه .

تماما كما تبرأت الولايات المتحدة، وبريطانيا، في ذلك الوقت من البروتستانت المسيحيين، كذلك تفعل المملكة العربية السعودية، الآن، محمد بن سلمان، "لن يسمح لهم أن يسرقوا 30 سنة أخرى من حياته"، بالتأكيد، غرد الحمد على تويتر، ساعدت الوهابية في انتشار آل سعود، من صحاري نجد القاحلة إلى الشواطئ، لكن دورها انتهى.  

لا يمكنك المبالغة في شدة الثورة من فوق التي بدأت، ولن يكون الأمر سهلا، وسنرى داخل المملكة العربية السعودية، حتى في العائلة المالكة، قدرا كبيرا من المعارضة لـ "تفكك" البلاد، مما يدفع رجال الدين إلى زواياهم، وتقزيم أماكن التعصب الإسلامي.  

وإذا نجح الأمير في المهمة التي قام بها، فقد يكون له أيضا، تأثير مرغوب فيه على علاقته بنا، وليس من قبيل المصادفة أن يحث محمد بن سلمان، في بحثه عن حضارة "سعودية" قديمة، علماء الآثار التابعين له على العثور على بقايا يهودية، ويفضل أن تكون كنيسا يهوديا، من أجل دمج اليهودية في الثقافة المحلية.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023