يديعوت أحرونوت
رون بن يشاي
ترجمة حضارات
بينما احتلت القضايا الاقتصادية والجنائية، مركز الصدارة في البلاد خلال الأسبوع الماضي، وقعت أحداث وتطورات مهمة للغاية في السلطة الفلسطينية، بعض الأحداث إيجابية جدا لـ"إسرائيل"، التي لم تمتنع عن وضع يدها في الطبق، الوضع الأمنى، الجزء الثاني.
ثلاث ظواهر تبدو سائدة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية، تهم "إسرائيل"، الأول هو الجهد الاستراتيجي الذي تقوم به حمـــ اس، لبناء نفسها كعامل سياسي مهيمن على الشارع الفلسطيني، في الضفة الغربية، تسعى وتطمح الحركة الإسلامية، إلى الاستيلاء وظيفيًا وسياسيًا على السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي تعتبر القيادة التمثيلية الشرعية، للشعب الفلسطيني بأكمله، في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات الفلسطيني، حمـــ اس والجهــــ اد الإسلامي، ليس لهما موطئ قدم في هذه المنظمة الجامعة، التي تتحد فيها كل الفصائل الفلسطينية المخضرمة.
والثاني، هو ضعف الدعم الشعبي والشرعية في السلطة الفلسطينية، في عهد أبو مازن، مما أضعف قدرتها على الحكم، وتحسين الوضع الاقتصادي، وفرض القانون في الضفة الغربية، أدى الضعف الوظيفي للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، إلى تقوية موقف حمـــ اس في الضفة الغربية، مما أدى إلى زيادة الهجمات والمقـــ اومة الشعبية، ضد "إسرائيل"، والمستوطنين.
الظاهرة الثالثة، هي استعداد مراكز القوى الفلسطينية في الضفة الغربية، لليوم التالي لخروج أبو مازن، عن الساحة السياسية.
السيناريو الأسوأ الذي يقلق "إسرائيل"، هو أن المعركة على القيادة ستتحول إلى فوضى عنيفة، ستنتقل إلى "إسرائيل"، وتعطل حياة المستوطنين اليهود.
بالإضافة إلى ذلك، ستؤدي هذه الفوضى إلى زرع ضائقة اقتصادية بين الفلسطينيين، وستؤدي في النهاية إلى انهيار فتح، وتحويل التنظيم إلى ميليشيات مسلحة، تعمل بعنف لصالح القادة المحليين.
كل هذا سيسمح لحمـــ اس بالاستيلاء على السلطة، وسيحبط في النهاية أي فرصة للتوصل إلى تسوية سياسية، للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
هناك أيضًا سيناريوهات أقل سوءًا، لما سيحدث في اليوم التالي لأبو مازن، لكن كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، بمساعدة جهاز الأمن العام وشعبة الاستخبارات، توصلوا إلى استنتاج مفاده أن سيناريو الكابوس المذكور أعلاه معقول، لذلك يجب أن يكون كل شيء لإحباطه.
العمليات الإسرائيلية تجاه اليوم التالي لأبو مازن
تعمل الحكومة الإسرائيلية، على هذه القضية من خلال قناتين، الأول هو تعزيز السلطة الفلسطينية، من خلال خطوات مشتركة مع قيادتها لتحسين الوضع الاقتصادي، ونوعية الحياة للفلسطينيين في الضفة الغربية، ويُفترض أن الإنجازات المؤكدة، في هذه المجالات ستزيد التأييد الشعبي لأبو مازن، وحكومته.
وستكون أيضًا حافزًا له ولقواته الأمنية، لتشديد حكم فتح، والسيطرة السائدة في الأماكن التي خففت فيها، خاصة في مخيمات اللاجئين، والمؤسسات السياسية لحركة فتح.
تحسين الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، سيكون حافزا للسكان العرب، في الضفة الغربية، لكبح جماح العناصر العنيفة، التي ستحاول الاستيلاء على القيادة، والمطالبة بنقل منظم للسلطة من السياسيين في فتح، تريد "إسرائيل" تسخير إدارة بايدن، والأوروبيين لهذا الجهد، والاستجابة كانت جيدة حتى الآن.
الجهد الثاني، والأكثر أهمية لمنع الفوضى الدموية بعد أبو مازن، هو إنتاج انتقال سلس لا يتزعزع للسلطة والقيادة من أبو مازن، إلى اثنين أو ثلاثة من مقربيه.
يحمل أبو مازن حالياً ثلاث قبعات "مظلات" دولية يعتبر فيها، على الأقل رسمياً، الزعيم الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني بأسره، هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس حركة فتح.
لا يوجد شخص واحد في حركة فتح، وخارجها في السلطة الفلسطينية، يمكن أن يخلف أبو مازن، لأنه ورث ياسر عرفات بسلاسة، لذلك، يفكر كبار أعضاء حكومة بينيت، ومسؤولون أمنيون في "إسرائيل"، إلى جانب شخصيات بارزة في فتح، في مجموعة قيادية يتشارك أعضاؤها دون صعوبة في الأدوار، التي يشغلها أبو مازن حاليًا، سيعملون معا في وئام وتعاون، يسمح للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، بالعمل وتعافي حركة فتح، كل هذا على الأقل لفترة انتقالية.
يبدو أن أبو مازن، يؤيد هذه الفكرة بشرط أن يكون خلفاؤه من مواليه، لذلك، تجري الآن تحركات مختلفة واتصالات شخصية، والغرض منه هو تحديد مكانة انطلاق جيدة وقوية، للسباق على القيادة، لبعض الأشخاص من بيئة ومحيط أبو مازن.
وكثيرا ما يرد في هذا السياق اسم حسين الشيخ، وزير الأحوال المدنية، الذي يعتبر أبو مازن رقم 2، وماجد فرج رئيس المخابرات العامة، كثيرا ما يذكر في هذا السياق، ولكن لا شيء نهائي، هناك معارضة في السلطة الفلسطينية لتعيين الشيخ، بعد شائعات عن سلوك جنسي غير شرعي.
لكن في النهاية، يجب أن يتولى كل منهما يومًا ما بشكل قانوني وطبيعي، واحدًا على الأقل من الأدوار القيادية، التي يشغلها أبو مازن حاليًا.
لا تستطيع القيادة الإسرائيلية أن تدعم علناً الشخصيات الفلسطينية التي تهتم بها، دعم "إسرائيل"، الصريح سيحولهم إلى مجذومين سياسيين في الشارع الفلسطيني، لذلك، فإن معظم الاتصالات في الموضوع، تتم من وراء الكواليس وتحت رعاية قصة تغطية سياسية، وهي ليست خاطئة، ولكنها ليست صحيحة أيضًا.
خطوات أبو مازن نحو صراع الخلافة
النبأ السار هو أن جهود الحكومة الإسرائيلية، في الضفة الغربية، بدأت تؤتي النتائج المرجوة، بفضل التعاون الفعال، نجح جهاز الأمن العام في تعطيل استراتيجية حمـــ اس، التي بموجبها تريد هدنة في غزة، وتؤدي إلى إثارة الضفة الغربية، لقد فشلت البنية التحتية والسياسية، التي حاولت حمــــ اس، إقامتها في الضفة الغربية، إلى حد كبير، ليس أقلها بفضل التعاون الفعال، ولكن المشبوه بين قوات الأمن الفلسطينية، وجهاز الأمن العام، والجيش الإسرائيلي.
لكن الأهم من ذلك، بفضل التحسن النسبي، الذي تم الشعور به بالفعل، في الوضع الاقتصادي ونوعية الحياة، تعزز مكانة السلطة الفلسطينية وأبو مازن، في الشارع الفلسطيني، مثلما أراد وزير الدفاع غانتس، وكبار مسؤولي حكومة بينيت، وكبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، بقيادة نائب رئيس الأركان الجنرال هرتسلي حاليفي.
يمكن العثور على دليل، على حدوث تغيير جذري في الاتجاه في استطلاعات الرأي، التي أجراها خبير استطلاعات الرأي الفلسطيني المخضرم خليل الشقاقي، وبحسب الاستطلاعات ذاتها، بلغت شعبية حمـــ اس ذروتها في أيار 2021، أثناء جولة القتال الأخيرة وبعدها، كان الدعم الشعبي للسلطة الفلسطينية وحركة فتح، عند مستوى غير مسبوق بين الفلسطينيين في ذلك الوقت.
بعد سبعة أشهر من الحرب، في ديسمبر 2021، تم تسجيل انعكاس، أعطت استطلاعات الرأي للسلطة الفلسطينية، أفضلية طفيفة على حمـــ اس.
وبتشجيع من رد الفعل العنيف، الذي تلقاه من الجمهور، أرسل أبو مازن، أجهزة الأمن التابع للسلطة الفلسطينية، إلى عمليات واسعة النطاق، وإنفاذ القانون في الخليل، ومخيم للاجئين جنين، كانت العمليات ناجحة وأبعدت مسلحي حمـــ اس، والمتطرفين في فتح التنظيم من كل الأماكن والزقاق.
كما سجل أبو مازن وفتح، انتعاشاً لافتاً في المجال السياسي، صوّت المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي انعقد هذا الأسبوع، على النحو الذي أراده أبو مازن بالضبط. ورث حسين الشيخ، مكان المرحوم صائب عريقات، في اللجنة التنفيذية الفلسطينية، كما حصل ماجد فرج، على تقدم سياسي جيد.
الصراع على الخلافة لم ينته بعد، لا تزال احتمالية حدوث فوضى فلسطينية عنيفة قائمة، والدليل على ذلك الجماعات المتمردة، التي تخدم "الزعماء" المحليين، الذين ما زالوا موجودين في صفوف كتائب شهـــ داء الأقصى، الذراع العسكري لحركة فتح أبو مازن.
إحدى هذه الخلايا المكونة من أعضاء "التنظيم" من نابلس، والتي أطلقت النار أربع مرات، على مواقع وجنود الجيش الإسرائيلي، قُتلت هذا الأسبوع، في عملية من قبل جهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي، الرسالة الواعية للعملية في منتصف النهار في قلب نابلس، كان الهدف منها ردع قوات الأمن في الضفة الغربية، كما ساعد اغتيال الخلية، التي ينتمي أعضاؤها إلى فصيل متطرف في فتح، بشكل غير مباشر في حكم أبو مازن.
الهدف الأساسي لحمـــ اس التكثيف العسكري وجهود التسوية
في غضون ذلك في قطاع غزة، اتضح أن جولة القتال الأخيرة، قد حققت نتائج أفضل بكثير، مما توقعه منتقدوها عند اكتمالها، في الأشهر الثمانية منذ ذلك الحين، ساد هدوء نسبي، وعلى الرغم من وقوع عدة حوادث قتال وجيزة، قُتل في إحداها جندي من حرس الحدود بارئيل حضرية شمويلي، يتمتع سكان مستوطنات غلاف غزة، في هذه الأثناء بفترة هدوء، لم يعرفوها منذ سنوات عديدة.
يحيى السنوار الذي تفاخر كثيرا بـ «انتصاره»، بعد انتهاء الحرب هدأ في هذه الأثناء، على ما يبدو، عندما أدرك أخيرًا ما حدث للشعب، لم يستطع حقًا تسخير الفلسطينيين وعرب "إسرائيل"، في عربته، مما لا شك فيه أنه مردوع الآن، لذلك اختارت حمـــ اس بقيادته، استراتيجية تهدف إلى تمكين سكان قطاع غزة، والجناح العسكري لحركة حمـــ اس من التعافي، بينما يحاول كبار مسؤولي حمــ اس في تركيا ولبنان، القيام بانتفاضة في الضفة الغربية.
تبادر "إسرائيل"، وتتعاون مع جهود إعادة إعمار غزة، وتحسين الرفاه الاقتصادي، ونوعية الحياة لسكانها، الفكرة المنظمة للنظام الأمني، هي أن الرفاهية الاقتصادية، يمكن أن تؤدي إلى تسوية تستمر عدة سنوات، والتي ستوفر فترة هدوء طويلة لكلا الجانبين.
لا أحد في الجانب الإسرائيلي لديه أي وهم حمــــ اس هي حمــــ اس، كما يقولون في الكرياة "وزارة الدفاع" وتل أبيب، ولن تتخلى عن طموحها في محو الدولة اليهودية من الخارطة، وإقامة دولة فلسطينية شريعة مكانها، لكن "الهدنة" طويلة الأمد ممكنة بالتأكيد، ما سمح به النبي محمد عليه السلام، لنفسه في ذلك الوقت بالتأكيد سمح ليحيى السنوار، حتى يشتد ويصبح قادرًا على استئناف حربه ضد اليهود.
وهذا هو السبب، في أن التكثيف أصبح الآن الهدف الرئيسي للجناح العسكري لحركة حمـــ اس، كتائب عز الدين القســـــ ام، كما أن جهود التسوية والتفاهمات بوساطة مصرية وقطرية، تقع في قلب إدارة حمـــ اس المدنية.
حمـــ اس تكافح الآن من أجل التكثيف، أولاً، لأن معظم المسؤولين في إنتاج وتطوير أسلحته، قتلوا في أحد أنفاق "المترو" التي قصفتها القوات الجوية بنجاح.
ثانياً، لأن الجيش الإسرائيلي، يلحق الضرر بمعظم منشآت إنتاج وتطوير الأسلحة البحرية والجوية، التي تستطيع المخابرات تحديد مكانها، خاصة الصواريخ الثقيلة وقذائف الهاون والطائرات بدون طيار، تماشيا مع السياسة الجديدة، التي حددتها الحكومة بعد جولة القتال الاخيرة، يستغل الجيش الإسرائيلي أي خرق للتهدئة من قبل قطاع غزة، خفيف أو حاد، لتقويض البنية التحتية لحمـــ اس.
ومن المثير للاهتمام، أن المصريين أضروا بشكل قاتل بتكثيف حمـــ اس عسكريا، بتدمير كل الأنفاق، يرى البعض أن عددًا محدودًا من الأنفاق الصغيرة، لا يزال يستخدم لتهريب السجائر وما شابه.
على أية حال، تواجه حمــــ اس، صعوبة في الحصول على أسلحة عادية، من خارج قطاع غزة، مثل إيران، لذا فهي مضطرة بأن تصنع أسلحتها بنفسها، مستخدمة قطع غيار ومواد مهربة لها، من "إسرائيل" أو مصر.
الجيش الإسرائيلي يستعد لحرب أخرى في قطاع غزة
في الوقت نفسه، تحاول مؤسسة الدفاع الوصول إلى تسوية طويلة الأمد مع حمـــ اس، وتحقيقا لهذه الغاية، استجاب جهاز الأمن العام على غانتس، وسحب معارضته لدخول آلاف العمال الغزيين من قطاع غزة، في "إسرائيل"، نأمل أن تؤدي المبادرات الاقتصادية من جانبنا، إلى استعادة سريعة للوضع الاقتصادي والصحي في قطاع غزة، وتعطي حمـــ اس، حافزًا للحفاظ على الهدوء كما تفعل الآن.
رغم كل شيء ، يبدو أنه طالما لا توجد صفقة أسرى، فلن يكون هناك انفراج في ترتيبات التسوية، من خلال الوساطة المصرية، في "إسرائيل"، هناك من يعتقد أن الوقت قد حان للنظر في الخطوات، التي لم نتخذها حتى الآن في هذا الشأن، لكن ليس من المؤكد أن هذا هو الوقت المناسب لذلك.
لذلك يمكن الاستنتاج، أن الردع الذي حققته جولة القتال الاخيرة، وصعوبات التكثيف العسكري، التي تعاني منه حمـــ اس، والضغط المصري والمال القطري، تساهم في الهدوء المستمر حالياً في قطاع غزة ومحيطه، لكن الجيش الإسرائيلي يعرف من التجربة، أن التدهور في غزة، يمكن أن يحدث في غضون ساعات، حتى لو لم ترغب حمـــ اس أو الجيش الإسرائيلي في ذلك، على غرار سلسلة الأحداث التي أدت إلى جولة القتال الأخيرة.
وهكذا، فإن الجيش الإسرائيلي، يستعد باستمرار لحرب أخرى في قطاع غزة، على أساس الدروس التي تعلمها من جولة القتال الأخيرة، يقوم بالتدريب وشراء الآلاف من الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية، حتى لا يخاف من عبوات إعادة التعبئة الفارغة، بأسرع ما يمكن في المرة السابقة.
أما بالنسبة للمستقبل البعيد، تبذل شركة Mapat والصناعات الدفاعية حاليًا، جهودًا كبيرة للحصول على نظام عمليات اعتراض الليزر، في أسرع وقت ممكن، الشعاع الحديدي" هو الاسم المستعار غير الرسمي لهذا النظام، في حين أنه لن يكون ردًا سحريًا على الصواريخ من غزة أو حـــ زب الله، فإنه سيقلل اقتصاديًا من الاعتراضات، ويساعد القبة الحديدية في التعامل مع كمية كبيرة من الأسلحة المعادية والدقيقة، التي سيتم إطلاقها من غزة ولبنان.