بقلم: يحيى الحاج حمد
18/02/2022
لم تتوقف الحركة الصهــ ـيونية، بعقليتها الاستيطانية الكولونيالية الاحــ ـلالية، ومنذ نشأتها أواخر القرن التاسع عشر، عن قضم واحتــ ـلال الأراضي الفلسطينية، وحتى العربية، في كثير من الأحيان، وذلك عن طريق استخدامها للقوة الإجرامية المعتمدة، على الدعم الدولي الاستعماري، واستغلالها الدائم للفرص، وقد استطاعت الحركة الصهيــ ـونية، بعد قيامها بعملية تطهير عرقي، وتهجيرها لمئات الآلاف من الفلسطينيين، أن تقيم دولتها، على أكثر من 78% من أراضي فلسطين التاريخية، ورغم ذلك وبسبب تعطّشها الدائم بارتكاب المجازر وشراهتها بالتوسع الاستيطاني، مقابل ضعف الرادع، الذي تواجهه واصلت أعمالها واحتلت ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، لتكمل خططها الممنهج، وتحت الحجج المختلفة، لطرد السكان وهدم البيوت، وقطع الأشجار، لبناء المستوطنات، متحديةً كافة القرارات الدولية المطالبة بإنهاء الاحتــ ـلال, وحل الدولتين وأهمها قراري 242 و338.
ومع نهاية القرن العشرين, وبعد قرن من عمر الحركة الصهــ ـيونية, تم توقيع اتفاق المبادئ, الذي تم تكريسه كاتفاق التسوية الدائم "أوسلو", بين منظمه التحرير الفلسطينية وحكومة الاحــ ـتلال، لترى فيه الأخيرة الفرصة الأفضل لزيادة الهجمة الاستيطانية، مستغلة عملية التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، المنبثقة عن الاتفاق لتؤكد مجدداً أنّ العقلية الصهيــ ـونية، هي عقلية مراوغة خادعة، لا تؤمن إلا بمصالحها، ولتهدم أيضاً طموحات اللاهثين خلف خيار التسوية، بعد أن قدموا التنازلات الكبيرة، كالاعتراف بدولة الاحتــ ـلال، ونبذ الإرهــ ـاب "المقــ ـاومة"، وغيرها الكثير، وأمام هذا كله فقد أخذت المقــ ـاومة، الرافضة للاحــ ـتلال ولمشاريع التسوية، بالتصاعد تدريجياً، لتنجح ولو بشكل جزئي في تحقيق بعض أهدافها، كتحرير الجنوب اللبناني عام 2000 من الاحتــ ـلال الصهيوني وتحرير قطاع غزة وإفراغ جميع المستوطنات المقامة عليه.
وفي ظل هذه النجاحات استمرت المقــ ـاومة الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة، ببناء وتطوير قدراتها رغم التحديات الكثيرة والحصار الخانق عليها، واليوم وبعد نحو عام من معركة سيــ ـف القدس، وما سببته من ردع نسبيٍ لقضايا استيطانية محدودة، ولكنها غاية في الأهمية وخاصة في القدس، بتنا نرى ونسمع توصيات أجهزة أمن الاحتــ ـلال وتحذيرات قادته المتتالية من عودة التوتر إلى القدس ط، وخاصة في حي الشيخ جراح، وأصبحنا نرى حالة التخبط والهلع عند رئيس وزراء الاحتــ ـلال نفتالي بينت، وأعضاء حكومته، الذين امتلأت تصريحاتهم بالشتائم والاتهامات لبن غفير وعصابته، ووصفه بالمدمن، وأنه يريد جر المنطقة لحــ ـرب، من أجل مصالحه الشخصية.
وفي النهاية، لا يمكن القول والادّعاء أن المقــ ـاومة استطاعت وقف الاستيطان، أو الحد منه بصورة واضحة، وإنما يمكن الجزم بأنّ المقــ ـاومة أصبحت هاجساً وخطراً حقيقياً على المشروع الصهــ ـيوني، وأنها الخيار الأمثل والأكثر فاعلية في مجابهة الاحتــ ـلال ومخططاته التوسعية، بعكس مشروع السلطة الفلسطينية، القائم على التنازلات والخضوع لإملاءات المحــ ـتل الأجنبي.