صمت جبريل الرجوب

موقع نيوز "1"
يوني بن مناحيم
ترجمة حضارات



قيادة حركة فتح يستصعبون هضم الترقية الصارخة لوزير الشؤون المدنية حسين الشيخ وأحد مساعدي محمود عباس إلى منصب عضو منظمة التحرير الفلسطينية في اللجنة التنفيذية والمسؤول عن المفاوضات مع "إسرائيل"، منصب يجعله خليفة محتملا لرئيس السلطة الفلسطينية بمجرد تنحيه عن الساحة السياسية.

المعارض الرئيسي لترقية الشيخ هو جبريل الرجوب، سكرتير عام فتح والمنافس اللدود لحسين الشيخ في حركة فتح منذ عقود.

جبريل الرجوب الذي كان قائدًا لجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية، لديه نفوذ أكبر على الأرض ونشطاء مسلحون تحت أمرته، لكن حسين الشيخ أكثر دهاء منه، إنه ضليع في مفاتيح السياسة الفلسطينية وتمكن من كسب ثقة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وقد فعل الشيء نفسه في الماضي مع ياسر عرفات ونجى بنجاح من كل محاولات جبريل الرجوب للتخلص منه سياسيًا خلال فترة عرفات.

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرتاب للغاية، ويرى في جبريل الرجوب "منافسا لا يكل"، وقلقه الرئيسي في نهاية حياته هو من سيحميه ويحمي الإمبراطورية الاقتصادية التي أسسها لابنيه بمجرد تنحيه عن منصبه. وعلى الصعيد السياسي، خلص إلى أن ثقة حسين الشيخ ورئيس المخابرات العامة ماجد فرج أكثر من جبريل الرجوب أو نائبه محمود العالول في حركة فتح، اللذين ولاءهما أكبر لمحمود عباس.

مسؤول كبير في فتح يقول: "جبريل الرجوب معروف في حركة فتح بأنه يخون أصدقاءه ويخلص فقط لمصالحه الخاصة"، ويبدو أن هذا الولاء والمصالح الأسرية لمحمود عباس هي السبب الرئيسي لترقية الاثنين إلى مناصب رئيسية في القيادة الفلسطينية.

يلتزم جبريل الرجوب صمتًا مدويًا، ويقول مقربيه إن معركة الخلافة لم تُحسم بعد، وأن الرجوب صامت حتى لا يواجه رئيس السلطة، ويعتقد أن رئيس السلطة كان مخطئًا عندما رقي حسين الشيخ وماجد فرج وهو ينتظر اللحظة المناسبة لمحاولة تغيير رأي محمود عباس.

من المهم جدا أن "يبقى على عجلة القيادة" لقيادة فتح كعضو في اللجنة المركزية، الشهر المقبل سيكون هناك مؤتمر فتح الثامن حيث سيتم إعادة انتخاب قيادة فتح، الرجوب يعتمد كليا على محمود عباس ليحتفظ بمكانته فيخشى مواجهته والرابحون حسين الشيخ وماجد فرج.

وتحمل شخصيات بارزة أخرى في فتح مثل محمود العالول وتوفيق الطيراوي نفس التقدير والتكتيكات التي يقودها جبريل الرجوب، كما يعارضون حسين الشيخ وماجد فرج ويعتمدون على محمود عباس للبقاء في قيادة فتح.

نجح حسين الشيخ وماجد فرج في تحييد نفوذ جبريل الرجوب السياسي وتأثيره على محمود عباس. وبحسب مصادر فتح، وكان الرجوب هو الذي بدأ مع صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حمـــ اس، محادثات المصالحة في إسطنبول بين فتح وحمــــ اس، وبحسب مصادر فتح، فقد أثبتوا لمحمود عباس أن هذا التحرك برمته كان يهدف إلى دفع جبريل الرجوب إلى منصب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في طريق ترقيته إلى منصب رئيس السلطة الفلسطينية، حيث أوقف محمود عباس عملية المصالحة مع حمــ اس و تم تعيين روحي فتوح في النهاية لمنصب رئيس المجلس الوطني وقد وجه ضربة سياسية مؤلمة على رأس الرجوب.

حسين الشيخ وماجد فرج وضعوا أنفسهم في طليعة حرب السلطة الفلسطينية ضد حمـــ اس مقارنة بجبريل الرجوب الذي يدعي أنه لا خيار ولا بد من تقاسم "كعكة القوة" مع حمـــ اس من أجل المصالحة الوطنية والنضال ضد "إسرائيل"، يعتقد الشيخ وفرج أن حمـــ اس ليست مهتمة حقًا بالمصالحة الوطنية وأنها تستخدم هذا الشعار لتقويض حكم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية للإطاحة بمنظمة التحرير الفلسطينية والاستيلاء عليها، ويزعمان أن جبريل الرجوب يعرف ذلك ولكنه يأمل أن يفوز بدعم شعبي وتأييد حمــــ اس لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية.

يزعم مقربي جبريل الرجوب أنه كان ضحية مؤامرة من حسين الشيخ وماجد فرج، أدت إلى التحرك الأخير، بموافقة محمود عباس، لعقد اجتماع المجلس المركزي لفتح للمصادقة على مسؤولي السلطة الفلسطينية القريبين من المناصب الرئيسية في منظمة التحرير الفلسطينية.

نجح الاثنان في نسف نية جبريل الرجوب تعيينه رئيسًا للمجلس الوطني الفلسطيني، ويتهم الرجوب في محادثات مغلقة "إسرائيل" والولايات المتحدة بالوقوف وراء هذه الخطوة من أجل تعيين قادة فلسطينيين في قيادتهم المريحة لتعزيز المصالح الإسرائيلية الأمريكية، وزعمت مصادر في فتح أنه في محادثات مغلقة يتهم جبريل الرجوب حسين الشيخ بأنه "عميل لـ"إسرائيل". قال مقربون من الشيخ رداً على ذلك إن كبار مسؤولي جهاز الأمن العام يشيرون إلى جبريل الرجوب بـ "غابرييل ريغيف"، وأنه عندما كان الرجوب رئيساً لجهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية، قام بتسليم خلية حمـــ اس من قرية صوريف لـ"إسرائيل"



المؤتمر الثامن لحركة فتح

ووفقًا لمصادر فتح، فقد أدرك رئيس السلطة الفلسطينية، البالغ من العمر 86 عامًا، حقيقة أن وقته كان يقترب من التنحي عن المسرح السياسي وبدأ الاستعدادات لنقل السلطة إلى مساعديه الذين سيضمنون سلامته وسلامة عائلته بعد تقاعده.

وبحسب مصادر في فتح، فقد منحت إدارة بايدن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مهلة سنتين لتنظيم انتقال السلطة إلى مقربيه، وخلال هذه الفترة لن يضغط عليه لإجراء انتخابات في الضفة الغربية لمنع الصدمات السياسية والحفاظ على السلطة وعدم مواجهة حمـــ اس.

بعد فوزه في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، يستعد رئيس السلطة الفلسطينية لتحقيق الهدف التالي، وهو المؤتمر الثامن لمؤتمر فتح الذي سيعقد في رام الله في الحادي والعشرين من الشهر المقبل.
 هذا مؤتمر مهم جدا يحدد مُلاّك قيادة فتح من خلال انتخابات داخلية في الحركة، وينتخب نشطاء فتح في هذا المؤتمر مناصب في اللجنة المركزية للحركة (المكتب السياسي) والمجلس الثوري لحركة فتح. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو أيضًا رئيس حركة فتح، لديه عدة مهام في هذا المؤتمر لمحاولة نقل السيطرة على الحركة بسلاسة إلى مساعديه:


 انتخاب مساعده ماجد فرج رئيس المخابرات العامة الفلسطينية الى منصب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح. 
وبحسب مصادر فتح، فإن رئيس وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، الذي زار المقاطعة في رام الله قبل عدة أشهر، وجه طلبًا شخصيًا إلى رئيس السلطة الفلسطينية وأوضح له أن إدارة بايدن مهتمة للغاية بالنسبة لماجد فرج للعب دور رئيسي في حركة فتح.

انتخاب ماجد فرج المحتمل عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح يجعل منه لاعبا مهما في معركة الخلافة.


 إضعاف معسكر فتح المعارض لتعيينات حسين الشيخ وماجد فرج.

المعارضون هم: جبريل الرجوب السكرتير العام لفتح ومحمود العالول نائب رئيس حركة فتح، وتوفيق الطيراوي ومروان البرغوثي وكريم يونس أعضاء اللجنة المركزية لفتح.

وسينصب التركيز بشكل أساسي على الضعف السياسي لمنافسه اللدود مروان البرغوثي.


 تقليص نفوذ ممثلي قطاع غزة الذين يؤيدون محمد دحلان الخصم اللدود لمحمود عباس.


ومن الطبيعي أن تتطرق المناقشات في المؤتمر الثامن لحركة فتح إلى البرنامج السياسي لحركة فتح، خاصة بعد قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بـ"إسرائيل" ووقف التنسيق الأمني معها. وتشير التقديرات إلى أن حركة فتح ستتبنى قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وتقول مصادر في فتح إن "الخط الأحمر" في انعقاد المؤتمر الثامن لفتح سيكون عدم اتخاذ قرارات تتعارض مع حل الدولتين وانتخاب متطرفين لقيادة الحركة من شأنه أن يزعج الولايات المتحدة و"إسرائيل".

الصراع بين المعسكرين الرئيسيين في حركة فتح على إرث محمود عباس يجري الآن بهدوء حتى لا يزعج رئيس السلطة الفلسطينية.

دخول حسين الشيخ إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وإسناد المفاوضات مع "إسرائيل" بين يديه يقربه كثيرًا من محمود عباس ويزيد من فرصه في أن يصبح "وريثًا"، من ناحية أخرى، يزيد من حدة التوتر والعداء تجاهه في قيادة حركة فتح التي لا تعتبره مرشحا جديرا. لا يعقل أن يحاول جبريل الرجوب تشكيل تحالف سياسي مع مروان البرغوثي الذي يقضي عقوبة بالسجن في سجن إسرائيلي لمحاولة تقليص سلطة حسين الشيخ وماجد فرج في الانتخابات الداخلية في المؤتمر الثامن لحركة فتح.

وبحسب مصادر فتح، فإن المعركة الحقيقية في حركة فتح على إرث محمود عباس ستكون في المؤتمر الثامن لحركة فتح، والانتخابات الداخلية سرية و "الصفقات" يمكن أن تتم من وراء الكواليس، ولن يتضح إلا في النهاية هل سيسيطر محمود عباس ومقربيه حسين الشيخ وماجد فرج على الحركة بالكامل.

في اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح الشهر الماضي، بدأ محمود عباس في اتخاذ خطوات تنظيمية لاستبعاد الموالين لمروان البرغوثي ومعاونيه.  

حركة حمـــ اس تنتظر بهدوء على الهامش لترى ماذا سيقع بين المتنافسين على الخلافة، فهي تبني على الخلافات الداخلية داخل حركة فتح التي ستندلع خلال المؤتمر الثامن للحركة الشهر المقبل، وتأمل أن تتحول الصراعات الداخلية إلى كرة ثلجية تتدحرج وتنمو وتصبح صراعا مسلحا بين مختلف مليشيات مسؤولي فتح في الضفة الغربية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023