هكذا يتم تقييمنا

إسلام حامد

باحث وأسير فلسطيني

الكاتب: إسلام حسن حامد

28 فبراير- 2022م


في مقابلةٍ أُجريت، مع الضابط السابق في وحدة 8200 الاستخبارية، ولاحقًا ضابط تحليل في جهاز الأمن العام الصهــ ـيوني "الشاباك"، عالم التاريخ والسلوكيات البشرية، "رونيت مارزن"، والتي تخصصت في قراءة وتحليل السلوك العربي، استنادً إلى المناهج التي تقدم السرديات التاريخية، بما يخدم تقديم صورة استشرافية، مقدمةً للأجهزة الأمنية للكيان الصهيــ ـوني، نبوءاتٍ قد تتحقق بحسب مقارباتها التاريخية، مع الميدان.

تقدم المقابلة المنشورة في جريدة هآرتس، ذات التوجه اليساري، بتاريخ 26/11/2021، عدة أفكار يجب التعمق في فحصها وقراءتها، فهكذا يتم النظر إلينا وتقييمنا، من قبل عدونا، ومن أهم الأفكار المطروحة في المقابلة نطرحها هنا مع التحليل:


1. تقول رونين، قبل ثلاثة شهور، من معركة حامي الأسوار -سيف القدس- حرب غزة الأخيرة: "فإنه سوف تحدث أعمال عنف في الوسط العربي، في الكيان الصهيــ ـوني"، وفي استدراك لما حصل، كوننا تابعنا بافتخار، ثورة المجتمع الفلسطيني في الداخل المحــ ـتل، ضد الوجود اليهودي بكليته أيام معركة ســ ـيف القدس، نجد أن التقييم كان حاضرًا، في المستوى الأمني والنخبوي، داخل الكيان الصهيــ ـوني، لأن ما حصل سيحصل، ولم يتم تدارك الإمكانيات والتوقعات، من قبل الجهاز الإداري والأمني، في الكيان الصهــ ـيوني، حتى لا يشكل ذلك عنصر ضغط على المنظومة من الداخل، بل تم تجاهل التحذيرات داخل حكومةٍ، وأحزابٍ منشغلةٍ بمنافسة داخلية على الحكم، وإمكانية استبدال نتنياهو بغيره.

لكن الأهم من ذلك، هل وصلتنا نحن الفلسطينيون، من أن هذا الاستشراف الذي قدمته الضابط الاستخباراتي السابق، يجب الانتباه له وأخذه بعين الاعتبار، والعمل عليه، أم أننا تفاجأنا كغيرنا من هذا الحراك الجماهيري المفاجئ، في الداخل المحــ ـتل؟


2. وفي استباق لما سيحدث، تقول رونيت: "فتح التنظيم الذي تستند عليه السلطة الفلسطينية، سوف ينقلب على رؤوسكم، من أجل أن تنقذ ما بقي من شرعيتها في الشارع الفلسطيني، وعليه سوف تغامر فتح بكل شيء، والقصة هذه ستخرج من جنين، باتجاه المقاطعة في رام الله، وأبو مازن، لا يستحوذ على الشرعية التنظيمية أو الشعبية، بل إنه حصان ميت، لا يجب المراهنة عليه، فهو يمتلك منزل في الأردن، وهو سيهرب إليه".

ومع مقاربةٍ لما تقول رونيت، وبين الوقائع في شمال الضفة الغربية، بدءًا من نابلس ومخيمها، إلى جنين ومخيمها، فإن حالة التسليح والتجييش، بين عموم شبابنا الفلسطيني المتحمس للمعركة، مع العدو الصهــ ـيوني، يسدد ويقارب الإمكانيات لتحقيق ذلك، وأول خطوة كانت، رفض قرارات أبو مازن، ورفض الانصياع لتعليمات وقرارات أجهزة أمن رام الله، التي لا تقدم شيء على المستوى الوطني، للحفاظ على الإنسان الفلسطيني بشكله المجرد، لا بل من خلال التنسيق الأمني، الذي تعيش تلك الأجهزة من خلاله، تقوم بمواجهة أي نفس وطني مقــ ـاوم من أي اتجاهٍ كان، من خلال اعتقاله أو متابعته، وتسليم ما تملك من معلومات للعدو الصهــ ـيوني، وهو يقوم باللازم، وعليه من الطبيعي جدًا، أن يتم تقييم الوضع بهذه الشاكلة، لذا نحن أصحاب التيار الوطني الفلسطيني، أين موقعنا مما سيحصل؟ وماذا أعددنا له؟


3. وفي قراءة ذات أبعاد أيديولوجية وأمنية، تقدم تقديرات لشكل الفعل القطري في المنطقة العربية، القائم على تفعيل الأصوات الباردة، مثل الأستاذ عزمي بشارة، والشيخ الكبير يوسف القرضاوي، وآخرين في مناقشات مفتوحة عبر منصة الجزيرة، وما تحويه من أدوات، لنقاش الإشكاليات الشعبوية العربية منها، والإسلامية العالمية، التي تلامس عواطف ووجدان أعداد كبيرة، من الأمتين العربية والإسلامية، مما يشكل في النهاية ثورات وصراع دموي، كما حصل في عام 2011م، بداية الربيع العربي، ضد كل المنظومة الأبوية الحاكمة، في المنطقة العربية ككل، وخلف كل حدث تقف الجزيرة، بإحدى منصاتها، وهذا ما تعتقده أنه حصل في حوادث المسجد الأقــ ـصى، العام الماضي، والتي قادت إلى معركة لم يكن أحد بحسبانها، سوى من أعد لها عدتها، وعليه سمعنا أصوات من داخل المسجد الأقــ ـصى، تنادي باسم المجــ ـاهد الكبير، محمد الضــ ـيف أبو خالد.

وتعتقد رونيت، أن هذا الأمر لم يحدث أبدًا، أن قام أهالي القدس، وتوجهوا إلى حمــ ـاس للنصرة والفزعة، كما في التراث الفلسطيني الاجتماعي والوطني، وبقناعة الضابط رونيت، أن هناك شخص ما قد جند هذا النداء، للقائد العام لكتائب القســ ـام محمد الضيــ ـف، من أجل أن يتم إحراجه، ووضعه في الزاوية، ضمن معادلة الثقافة الأبوية العربية السائدة، في المجتمعات العربية، عندما تتحدى الرجولة في صميم أحدهم، هذا يقوده حتمًا إلى الجنون، وتكمل حديثها وتجيب، أن هذا الشخص هي قطر، وقيادة حمــ ـاس في الخارج ضمن مؤامرة لتسوية الوضع لحسابٍ تجريه قطر، مع قيادة حمــ ـاس في الخارج.

ومع عدم ذكرنا لكثيرٍ من التفاصيل، التي تطرحها رونيت، ترفعًا وتنزهًا، إلا أننا يجب أن نقرأ جيدًا، ما يكتب بوضوح في العصف الأمني الصهــ ـيوني، حول أفكار وتمنيات يعملون من أجلها، لإثارتها على الساحة الفلسطينية، وليس الحديث عن موضوعية الطرح السابق، أو إثارة عقلانية، ما يتم تداوله بقدر أن لكل طرف رغبات وتوجهات، يتم العمل عليها.

الخطأ الكبير هنا في أطروحات ضابط رونيت، هو إسقاط قراءة تحليلية سلوكية تاريخية، على إطار لبعد آخر، يندرج تحت الفعل الأيديولوجي، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالقدس والمسجد الأقــ ـصى، ونداء الحرائر، من مرابطاتنا ومجاهــ ـدينا، فإن الأمر هنا له بعدٌ آخر أكدته الضابط رونيت.

ومع خاتمة الحديث هنا، تعتبر رونيت، أن الحديث مع حمــ ـاس أمر لا مفر منه، ويجب استدراك الوقت والحديث مع حمــ ـاس، كونها لاعب سياسي ولها ذراع عسكــ ـري، وعليه فإنها تقول أنه من المناسب للكيان الصهــ ـيوني، أن يفتح المجال لحمــ ـاس، للتحول إلى لاعب سياسي متكامل، والاتفاق معها، وإلا سيكون هناك آخرين، لا يمكن الحديث معهم.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023