محمد دحلان ينتظر الانتخابات في الضفة الغربية

موقع"1"

يوني بن مناحيم

ترجمة حضارات


يحاول رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، ومقربيه حسين الشيخ، وماجد فرج، خلق الانطباع بأن معركة الخلافة، قد حُسمت بالفعل، وأن حسين الشيخ، وماجد فرج، سيقودان السلطة بعد تقاعد أبو مازن، لكن الشارع الفلسطيني، غير مستعد لقبول هذا الإملاء، ولا كبار المسؤولين في حركة فتح، والمعارضة الفلسطينية.

ومن المتوقع تجاوز هذا المطلب، بمجرد تنحي رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، عن الساحة السياسية، أو دخوله حالة اختفاء بسبب وضعه الصحي، فإن التقييم في النظام السياسي الفلسطيني، هو أن المطلب سيكون فوريًا، لإجراء انتخابات رئاسية، في غضون 60 يومًا، حسب النظام الفلسطيني.

لن يتمكن حسين الشيخ، وماجد فرج، من معارضة هذا المطلب، سيكونان بالطبع قادرين على تقديم ترشيحاتهما، في الانتخابات الرئاسية، لكن هذا يعني إعادة فتح قواعد اللعبة والصراع، على رئاسة السلطة الفلسطينية، ومن المتوقع أيضًا، أن ترشح حمــ ـاس مرشحًا رئاسيًا، نيابة عنها.

في غضون ذلك، سيتم تعيين رئيس مؤقت للسلطة الفلسطينية، إلى أن يتم اتخاذ قرار، ومن المقدر أن يكون الرئيس المؤقت، روحي فتوح، والرئيس الجديد للمجلس الوطني الفلسطيني، حيث بعد وفاة ياسر عرفات، عام 2004، تم تعيينه رئيس مؤقت حتى الانتخابات الرئاسية 2005، التي فاز فيها أبو مازن.

لذلك، فإن كل من عادى كبار مسؤولي فتح، جبريل الرجوب، أو مروان البرغوثي، أو محمود العالول، سيضطر إلى تغيير موقفه، ولن يستسلموا ويقاتلوا بكل الطرق، لمنع حسين الشيخ، أو ماجد فرج، من الفوز بمنصب رئاسة السلطة الفلسطينية، ومن المتوقع أيضا، أن يعود محمد دحلان، الذي طرده محمود عباس عام 2011، من حركة فتح، بتهمة الفساد الحكومي والقتل، إلى الساحة بكل قوته، ويترشح للانتخابات الرئاسية، وذلك بحسب معاونيه في قطاع غزة.


طائر الفينيق الفلسطيني..

في قطاع غزة والضفة الغربية، يُشار إلى المسؤول الكبير في فتح، محمد دحلان، بعبارة "طائر الفينيق الفلسطيني"، وفي كل مرة يتم الإشادة به، يظهر فجأة ويفاجئ الجميع، كان دحلان، لسنوات عديدة، الابن المدلل لرئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، لكنه طرده في نهاية المطاف في عام 2011، من حركة فتح، لأنه تشاجر مع ولديه، واتهمه بالفساد وتقويضه، وعاد محمد دحلان إلى الساحة الفلسطينية، بفضل الإمارات العربية المتحدة، حين توقيع اتفاق التطبيع مع "إسرائيل"، منذ أكثر من عام، دحلان، هو المستشار الخاص للشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، وشارك في طبخ الاتفاقية مع "إسرائيل".

أفاد موقع دار الحياة، في 13 آب / أغسطس 2020، من مصادر أمريكية مطلعة، أن الاتفاقية الثلاثية بين الولايات المتحدة، والإمارات العربية المتحدة، و"إسرائيل"، تنص على أن محمد دحلان، سيتمكن من العودة إلى السلطة الفلسطينية، "باعتباره الشخصية الرئيسية القادرة، على إحياء عملية السلام، وله دور مهم في المرحلة المقبلة"، مما يفتح الطريق أمام محمد دحلان، من وجهة نظر الولايات المتحدة و"إسرائيل"، للمشاركة في خلافة منصب رئاسة السلطة الفلسطينية، بعد تنحية أبو مازن، عن المسرح السياسي.

وأصدر "التيار الإصلاحي"، في حركة فتح، برئاسة محمد دحلان، قبل عام، بيانًا يؤيد اتفاق التطبيع، مخالفًا لبيان السلطة الفلسطينية، الذي وصفه بـ "خيانة وطعن، في ظهر الفلسطينيين".


التعاون مع حمــ ـاس..

قبل نحو أربع سنوات، وقع محمد دحلان، برعاية مصرية في القاهرة، سلسلة اتفاقيات للتعاون السياسي والاقتصادي، بينه وبين يحيى السنــ ـوار، زعيم حمــ ـاس، في قطاع غزة، ولم تتحقق التفاهمات في النهاية، بسبب معارضة السلطة؛ واستئناف محادثات المصالحة، بينها وبين حمــ ـاس.

لقد فهمت حمــ ـاس، أن التحالف السياسي مع محمد دحلان، الخصم اللدود لأبو مازن، وأنه سوف يخدم مصلحتها، في انتقاد رئيس السلطة، وتبين للجمهور الفلسطيني، أن المصالحة يمكن أن تتم مع حركة فتح، وأن المشكلة التي تمنع المصالحة الوطنية، هي شخصية أبو مازن، بالإضافة إلى ذلك، يرتبط دحلان، بعلاقات وثيقة منذ طفولته، مع الســ ـنوار، ومع محمد ضــ ـيف، القائد العســ ـكري الأعلى لحركة حمــ ـاس، الذي ساعده على الاقتراب من الحركة، ودفن رواسب الماضي.

نجح دحلان، الذي أصبح رجل أعمال دوليًا وثريًا جدًا، في السنوات الأخيرة في ضخ الكثير من الأموال، في مشاريع خيرية في قطاع غزة، بالتنسيق مع حمــ ـاس، مما عزز علاقاته مع الحركة، وحسّن مكانته الاجتماعية والسياسية، بين سكان غزة.


مخاوف لدى قيادة فتح..

في العام الماضي، أعلن دحلان، أن القائمة التي وضعها، للترشح في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، سوف تحظى بشعبية كبيرة في قطاع غزة، وأعرب عن أمله في تشكيل تحالف سياسي، مع القيادي في فتح مروان البرغوثي، الذي يقضي حكم 5 مؤبد في سجن إسرائيلي، لكن البرغوثي، اعترض على ذلك، وابتعد للحفاظ على "صورة نظيفة"، في الشارع الفلسطيني.

في السنوات الأخيرة وبفضل ثروته الكبيرة، نجح دحلان، في إنشاء بؤر مسلحين في مخيمات اللاجئين، في الضفة الغربية، حتى يتمكن من العمل مرة أخرى، في الضفة الغربية، دون خوف من كبار أعضاء حركة فتح، الموالين لأبو مازن، وشكل اتفاق التطبيع بين الإمارات العربية المتحدة، و"إسرائيل"، ضغوطا كبيرة على قيادة فتح، التي تتطلع على الخلافة.

يعمل محمد دحلان، كمستشار خاص لولي العهد محمد بن زيد، كما اعتنى بمستقبله السياسي، كجزء من اتفاقية التطبيع، مع الإمارات العربية المتحدة، لقد تحالف مع "إسرائيل"، وإدارة ترامب، لكن يبدو أن إدارة بايدن، تفضل العلاقات مع حسين الشيخ، وماجد فرج، على الرغم من أن هذا قد يتغير، وفقًا للتطورات في الشارع الفلسطيني.

وبحسب مصادر خليجية، زار محمد دحلان، "إسرائيل"، سرا العام الماضي برفقة طحنون أبو زايد، مستشار الأمن القومي الإماراتي، حيث التقوا برئيس الموساد آنذاك، يوسي كوهين، ومسؤولين إسرائيليين آخرين، وناقشوا تفاصيل اتفاقية التطبيع الناشئة.

سيتمكن دحلان، من العودة إلى الضفة الغربية، والترشح لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية، وسيتعين عليه أن يشق طريقه، في اللحظة المناسبة، عندما يقترب موعد تقاعد أبو مازن، والعودة الى اللجنة المركزية لفتح، والسيطرة على القيادة، بمساعدة أنصار مروان البرغوثي .

يحظى محمد دحلان، بدعم مصر والأردن والسعودية والإمارات والبحرين، كما أن الدعم الأمريكي والإسرائيلي له، يعزز فرصه في أن يصبح الرئيس المقبل للسلطة الفلسطينية، لكن أبو مازن، ليس في عجلة من أمره للاستقالة، كبار مسؤولي فتح، يقولون أبو مازن، يعمل جهده ومصمم بكل قوته، ضد عودة دحلان، إلى الضفة الغربية، وأن هذا "عميل أميركي-إسرائيلي-إماراتي"، طُرد من حركة فتح بسبب الفساد.

المزاج السائد في الضفة الغربية، هو أن اتفاق التطبيع، بين الإمارات العربية المتحدة و"إسرائيل"، هو نتيجة فشل كبير لاستراتيجية القيادة الفلسطينية، بقيادة أبو مازن، وأن الوقت قد حان لإنهاء دوره، تحتاج السلطة الفلسطينية، إلى استعادة سريعة لوضعها الإقليمي والدولي، ويحتاج الفلسطينيون إلى قيادة شابة براغماتية وقوية، قادرة على تحقيق إنجازات سياسية، ويمكن أن تكون معركة الخلافة عنيفة ووحشية، وبمجرد إعلان الانتخابات في الضفة الغربية، سينضم إليها لاعب جديد اسمه، محمد دحلان، مصمم على هزيمته، بينما يراقب من الخارج، وينتظر اللحظة المناسبة له.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023