كفَى فقد فاضَ السِّجِلُّ

جمال الهور

أسير فلسطيني وكاتب

الكاتب/ جمال الهور أبو تقي

15/11/2019

عندما استـ ـشهدَ مَيسرة أبو حمديّة (2/4/ 2013م)، قُلت:

كفَى، فقد فاضَ السِّجِلُّ ... فما عادَ القلبُ يحتملُ اجتراحَ الحسَرَات، وما عادَ العقلُ يَعي حجمَ الفَجيعات ...

وأين الشّعب؟! وأين الثّـ ـورة؟! وأين الرّئيس المُبَجّلُ والقائدُ؟! وأين الجُندُ والخدَم والغَنم؟!

صرخَ ليلُ زِنزانتي مُستَفَزَّاً وناهِرَاً يقول:

صوتُكَ أخرَسْ، ومَن تُنادي في صَمَمْ؟! وعُذراً للغنم ...

استعنتُ بِقَرع قيدي وهَزّ السّلسلة؛ فاستنفَرَ نهارُ السِّجنِ وبَدَرَنِي مُعاتِباً:

أمَا يكفيكَ قرعاً وهَزّاً للحديد بالحديد؟! ألا تَفهَم ...؟! فزَمَنُ (لا يَفلّ الحديدَ إلّا الحديد) قَد ولّى ...

والرّئيس قد سَمِع ... ثمّ فكَّرَ ... ثمّ نَظَر ... ثمّ أمَر: لنْ يحدثَ الأمرُ مَرّةً بعدَ المَرّة ... بالمَرّة يا بطل، لقد غفَرْنا للسجّانِ خطَأهُ المَرّةَ والخَلل ... وإنْ كانَ لا بُدَّ، فَسَنُفهِمُه مِن غيرِ وَجَلْ ...!!

فقُلتُ لِنَهارِ السّجن قبلَ أنْ يغيبَ عقلي فِي نِسيانِ النِّعَم:

إذَن فالرّئيسُ يَعلم ما جرى، ويَعي الحِكاية مِن القِدَم ...!! وهذا يُطَبِّبُ نَفْسي، ويا للنّدم ...!! على ما اقترَفَ لِساني مِن فِسقٍ بِحقّ النِّعَم ...

ولكنّ "عويسات" استُــ ـشهد ولَحِقَه "بارود" و"أبو دياك"، وكأنّ عِقدَ الأسرى انفَرَط في حِجرِ الموتِ من غيرِ نذيرّ ولا رَقيب ...!! فصِحتُ في وجه السِّجن:

أين الثّورة؟! أخبروها أنّ أبنائها في خطر... أين الرّئيس؟! فالسّجّانُ خانَ العهد، وعادَ يُمارس الزَّلل ...!!

أَسمِعوا الرّئيس أنّنا لا نَخشى المَوت، لكنْ ... حَبسُ الثّلاجةِ أمرٌ جَلَل ...!! وإنْ غَضِبَ الرّئيسُ، فإنا نعتذر ...

فَحالُنا استباحَت العَيَّ والخَجل ...

وكَبِّر علينا أربَعاً يا رَجُل، ولا تُزعِج الرّئيس فالموتُ أجَلْ ... والشّعبُ مِن خلفِكَ ... والقائدُ بَصَل ...!!


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023