رسالة أسير إلى أمه

يحيى حاج حمد

أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية

الأسير يحيى الحاج حمد

31-3-2022



نعم أراكِ يا أمي..

أراك وأنت تكلمين الأيام والساعات، علها تسرع ولو قليلاً ليحين موعد اللقاء.

أراكِ وقد غاب النعاس عن عينيك، وحلّ مكانه أرق الانتظار.

فأمست الثواني دقائق، والدقائق استحالت لساعات.

أراكِ وقد صليت الفجر، ثم انطلقت بلهفتك الدائمة لرؤيتي نحو تلك الحافلة؛ التي باتت تعرفك جيداً، حتى أصبحت جزءً من الذكريات، وحقيقة من الحاضر.

أراكِ يا كل عمري، وأنت تقفين على قدميك المتعبتين أمام حاجزٍ بائسٍ، تراصّت رصاصاته بيد مجــ ـرم منعدم الهوية، لا يُعرف عنه إلا أنه محتلٌ، قاتل يهوي تقطيع الوصال.

أراكِ يا سيدتي ببسمتك الدائمة على وجهك التعب، وقد استقرت عيناك على تلك البوابة الكبيرة، المحفوفة بالأسلاك الشائكة، والتي باتت هي الفاصل الأخير بيني وبينك.

أرى يا نور عيني أرواحنا المشتاقة، وهي تسبق أجسادنا داخل قاعة الزيارة، لتستغل كل ثانية في ذاك اللقاء؛ قبل أن يفصل حقد السجان بيننا.

ولا تغيب عني دمعاتك المخفاة خلف ابتسامة الوداع، التي ترسمينها على ثغرك الهادىء، كي أبقى كما أردتيني قوياً، أمام عيون ذلك السجان.

نعم يا أماه

إني أراك وأسمعك وأنا البعيد القريب، وأنت الحبيبة المعطاءة.

أمي لقد فرقني الاحتــ ـلال عنك وحرمني من احتضانك، أو حتى لمسك .. 
فاقبلي مني هذه الوردة المتواضعة، لتكون ظلي بين يديك، وبسمة على شفتيك، وقبلة فوق خديك.

أحبك أمي.

​​​​​​​

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023