بينيت... فقط اتفاق مع الفلسطينيين سينهي العمليات

هآرتس

عامي ايالون رئيس الشاباك السابق

ترجمة حضارات


بعد الأحداث الخطيرة، انتقد أوري مسغاف بحق السياسيين الساخطين، الذين اندفعوا للرقص على الدماء، لتوليد رأس مال سياسي، لكن حقائق مسجاف هذه، لا تدعم أي شيء في استنتاجه، الذي لا أساس له: "في "إسرائيل" اليوم حكومة وحدة، فيها يمين ويسار، محافظون وليبراليون، يهود وعرب، قدامى المحاربين والمهاجرون، إذا لم تهزم العنف، فلن ينتصر أحد". (هآرتس ، 31.3).

الحقيقة مختلفة لسوء الحظ، هناك اليوم في "إسرائيل"، حكومة قررت تجنب الخطوة الوحيدة، القادرة على هزيمة المقــ ـاومة، على المدى الطويل، تسوية سياسية مع الفلسطينيين.

قبل أن أشرح، أعتقد أن بعض الأسئلة الأساسية، تحتاج إلى توضيح: ما هو الـ"إرهــ ـاب"؟ نفسه الذي أعلنا الحــ ـرب عليه، وما هو النصر؟ وما هي الاستراتيجية اللازمة لتحقيقه؟ وهل يتحقق النصر في حــ ـرب حاسمة، يكون فيها الإرهــ ـاب، ويلوحو بعلم أبيض، أو في حــ ـرب استنزاف؟.

على الرغم من أن حكومة بينيت لابيد، حكومة مرقعة مليئة بالضعف والمواقف المتضاربة، كنت سعيدًا عندما ظهرت، اعتقدت أن الأمر يستحق دفع هذا الثمن، لوضع حد للأضرار التي لحقت بنظام نتنياهو، وحتى لا يتولى أي شخص، متهم بارتكاب جرائم خطيرة، منصب رئيس الوزراء.

لم أخدع نفسي بالثمن، تعميق الدراسات الإسلامية، بروح "الإخــ ـوان المسلمين"، في العديد من المدارس، في البلدات العربية في "إسرائيل"، وتعيين قضاة محافظين في المحكمة العليا، إن التفرقة بين الـ"إرهــ ـابيين" حسب هويتهم الوطنية، (وبالتالي الجريمة التي تعتبر منفذها فلسطيني إرهــ ـابي، لن تعطي هذا الوصف لليهودي، الذي يرتكب نفس الجريمة)، ورفض تعديل قانون الجنسية، الذي يعمق الانقسام بين مواطني الدولة، تجنب إدانة عنف مجموعات المستوطنين، الخارجين على القانون ضد الفلسطينيين، وحتى ضد جنود الجيش الإسرائيلي، (منظمة ليهافا، على سبيل المثال، ينبغي تعريفها على أنها منظمة إرهــ ـابية).

بعبارة أخرى، إن دعمي والعديد من الآخرين للحكومة الحالي،ة ليس بسبب حمــ ـاسنا لتكوينها الغريب، ولكن نتيجة ترجيح التكلفة، والعائد المرتبط بتجربتنا الكئيبة، مع حكومة نتنياهو.

هل تؤثر الهجمات الأخيرة على نفس الوزن؟ الجواب نعم! لم يكن القصد من هذا التحذير، لا سمح الله، تمهيد طريق نتنياهو، من المحكمة إلى مكتب رئيس الوزراء، ولكن حتى تستعيد حكومة بينيت لابيد مسارها، وتغير مسارها في المجال السياسي.

منذ عام 1967 لم نعرف مثل هذا الوضع الوهمي، الذي يعلن فيه رئيس وزراء إسرائيلي، علانية رفضه التام لإجراء مفاوضات سياسية، بغض النظر عن مواقف الفلسطينيين، ويؤيده رئيس الوزراء البديل، كما توضح حكومة بينيت لابيد، أن صيغة الدولتين غير مقبولة بالنسبة لها، على الرغم من قبولها، من قبل الحكومات السابقة من اليمين واليسار، يترتب على ذلك، أن مطالبتنا التقليدية، بأن أيدينا تمد يدها دائمًا، من أجل السلام لم تعد صحيحة.

إن الحكومة التي ترفض الاعتراف، بوجود شعب فلسطيني، ولا تشير إلى أفق سياسي يكون بديلاً للعنف، ، تسقط أكثر الأسلحة فعالية ضد الـ"إرهــ ـاب"، كما يشير عدم وجود سياسة، تسعى إلى المصالحة، إلى غموض ألم المواطن الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يرى زملائه في الجامعة، أو الموظفين الذين ينقذ حياتهم، في المستشفيات الإسرائيلية، يذهبون إلى الاحتياطيات لضمان استمرار الاحــ ـتلال لشعبه.

نحن بأيدينا نكثف التغذية المتبادلة، بين عنف الفلسطينيين في الضفة الغربية، وعنف مجموعات صغيرة من الفلسطينيين، من مواطني الدولة، نحن بأيدينا نساعد في تحويل مسار الإسلام الراديكالي، إلى المسار الذي يختاره الشباب الفلسطيني اليائس، ومن المهم التأكيد، أنا لم آتي لتبرير العنف الفلسطيني، لكن الشعارات الديماغوجية، لن تهزم العنف.

الاهتمام بمستقبل "إسرائيل"، يتطلب النظر إلى الواقع كما هو، وتقديم حلول حقيقية، كما يجب عدم الخلط بينها وبين الجــ ـبهة الإقليمية، التي يُزعم أنها تواجه التهديد الإيراني.

وبدون تسوية مع الفلسطينيين، ستستمر العداء لنا في شارع العرب، في عمان والقاهرة والرياض، وعلى الرغم من الاحتفالات والمصافحات، التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، في "مؤتمر سديه بوكير"، فإن ذلك سيؤدي إلى انحلال الاستعدادات الإقليمية، أثناء الاختبار.

إن الحكومة التي تهزم العنف، وتوفر الأمن، هي حكومة قادرة على البحث عن الذات، والقرارات التاريخية، مثل حكومة مناحيم بيغن، التي أدت إلى اتفاقية السلام مع مصر، مثل حكومة إسحاق رابين، التي قررت التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية، مثل حكومة إيهود باراك، التي أخرجت الجيش الإسرائيلي من لبنان، مثل حكومة أرييل شارون، التي أخلت المستوطنون من غزة، هذه الحكومات استجابت بشجاعة، لواقع متغير، وكانت مستعدة لتغيير المواقف، التي سبق أن أعلنتها.

تحتاج "إسرائيل" إلى حكومة، تدرك أن ضمان الأمن، والطابع اليهودي الديمقراطي للدولة، يتطلب المساواة المدنية الكاملة لمواطنيها العرب، والسعي لتحقيق تسوية سياسية مع الشعب الفلسطيني، "إسرائيل" بحاجة إلى حكومة، تدرك أن استمرار الصراع، يعني تكريس العنف.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023