حرب جديدة في الطريق .. بعد عقود من الحياد فنلندا والسويد تنضمان للناتو

كان تطلع أوكرانيا للانضمام إلى "الناتو" أحد الأسباب المعلنة لروسيا لغزو البلاد.  

 "فنلندا" و"السويد" تفكران الآن في التخلي عن عقود من الحياد، والانضمام إلى التحالف العسكري -هذا الصيف- وتحذر روسيا من "عواقب وخيمة".

قد تقرر فنلندا والسويد الانضمام إلى حلف الناتو هذا الصيف، بعد عقود من الحفاظ على الحياد وفي خطوة من المتوقع أن تؤدي إلى تفاقم التوترات بشكل كبير بين التحالف العسكري الغربي وروسيا.  

وقالت مصادر في حلف شمال الأطلسي لوسائل إعلام أوروبية في -الأيام الأخيرة-: "إن المشاورات بشأن هذه القضية قد جرت بالفعل بين قادة الدول في المنظمة التي يبلغ عدد أعضاءها الآن حوالي 30 ووزيري خارجية البلدين الإسكندنافيين".


وتشترك فنلندا في أكثر من 1300 كيلومتر مع روسيا، وقد عرفت عددًا من النزاعات مع الدولة في الماضي بعد إعلان استقلالها خلال الثورة البلشفية عام 1917.

 منذ ذلك الحين، شجعت موسكو حربًا أهلية داخلية ونزاعات سياسية، وحاولت مرتين غزو فنلندا بالقوة (تحالف الفنلنديون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية).  

واصلت روسيا محاولة إضعاف السلطة في البلاد في السنوات الأخيرة، وخاصة من خلال الحملات الإعلامية التي تشمل "فيك نيوز" ودعم الأحزاب الموالية لروسيا والمناهضة للغرب.


في حين أن الرأي العام الفنلندي منقسم -حتى الآن- حول الانضمام إلى "الناتو" أم لا، حيث عارضت أغلبية قليلة 51% الخطوة، إلا أن الغزو الروسي لأوكرانيا، والحرب الوحشية التي تشنها في البلد المجاور منذ 24 فبراير غيرت الصورة بشكل أساسي.  

فقد تضاعفت نسبة مؤيدي الانضمام إلى التحالف العسكري من 32٪ قبل نحو ستة أشهر إلى نحو 60٪ الأسبوع الماضي، وهو رقم قياسي منذ أن بدأت القضية في الظهور في استطلاعات الرأي عام 1998، وينعكس ذلك أيضًا في تصريحات السياسيين.  

فقد أجريت مقابلة مع رئيسة الوزراء "سانا مارين"، التي تترأس تحالفًا متعدد الأحزاب، خلال عطلة نهاية الأسبوع وأعربت عن دعمها للانضمام إلى حلف "الناتو" في ظل مظلة الحماية التي يوفرها لأعضائه في شكل المادة (5)، التي ترى هجومًا مسلحًا على أحد الأطراف هجوماً على الجميع، ويضمن تجند للحرب المشتركة.  

قالت مارين إن "المادة الخامسة من اتفاقية الناتو توفر الأمن الشامل، كما يجري الناتو تدريبات مشتركة ويتبنى مفهومًا أمنيًا مشتركًا، ولا يوجد نظام آخر يقدم نفس الضمانات الأمنية مثل الناتو".

أخبرت مارين أن الحكومة الفنلندية قد أطلقت عملية فحص  للانضمام المحتمل، وأن التوصيات ستقدم إلى الحكومة في الأسابيع المقبلة و "في موعد لا يتجاوز 21 يونيو".  

وسيتم تقديم تقرير استخباراتي حول هذه المسألة هذا الأسبوع إلى لجنة الأمن بالبرلمان الفنلندي. وقد أوضح رئيس الوزراء الفنلندي السابق ألكسندر شتوف: "كانت هناك محاولة حقيقية لمحاولة إقامة علاقة فاعلة مع روسيا، ولكن الآن بعد أن رأى الناس ذلك مستحيلًا - خاصة في ظل حكم بوتين - فإنهم يغيرون رأيهم".

تخطط السويد أيضًا للانضمام إلى "الناتو" في الصيف المقبل، وفقًا لتقرير محلي.  

فقد نقلت صحيفة "سابسنكا داجبلات" السويدية عن مصادر في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يتزعم الحكومة أن رئيسة الوزراء، "ماجدالينا أندرسون"، قد حسمت هذه القضية، وحددت هدفاً بتقديم طلب للانضمام إلى التحالف العسكري في القمة السنوية للناتو التي ستُعقد في الفترة من 29 إلى 30 يونيو في مدريد.  

ستضع هذه الخطوة نهاية للحياد النسبي الذي حافظت عليه الدولة حتى الآن، بما في ذلك خلال الحرب العالمية الثانية.

على الرغم من الانتقائية مع أوكرانيا، سيسعد الناتو بقبول دول الشمال (البلدان النوردية).

سيسعد حلف "الناتو" نفسه بضم هذه الدول، على عكس الانتقائية التي أظهرها بالتعاون مع دول مثل أوكرانيا وجورجيا.  

وسيكون الجيش الفنلندي وصناعة الأسلحة السويدية قوة إضافية للتحالف، وكذلك الموقع الاستراتيجي للبلدين.

 يجري الجيش الفنلندي بالفعل تدريبات شاملة مع قوات الناتو، وهو يعتبر من أقوى الجيوش في أوروبا، حيث يضم عشرات الآلاف من الجنود العاملين، وما يقرب من مليون جندي احتياطي، في بلد لا يزيد عدد سكانه عن خمسة ملايين نسمة. وقال الأمين العام "للناتو" النرويجي "ينس ستولتنبرغ"، الذي تم تمديد ولايته؛ بسبب الوضع في أوكرانيا، إنه يتوقع أن ترحب "جميع الدول الأعضاء في "الناتو" الثلاثين" بفنلندا والسويد.

قد يكون جدول الانضمام سريعًا،  ويتوقع المحللون أن تعلن فنلندا عن نواياها في مايو، أو على أبعد تقدير قبل قمة الناتو السنوية التي ستعقد في أواخر يونيو في "مدريد"، وقد يتم تنسيق تحركها مع السويد.

أحد الأسئلة الرئيسية: كيف سترد روسيا على ما أعلن عن نية الانضمام للناتو؟  

تعد قضية توسيع الناتو أحد الأسباب المعلنة لغزو أوكرانيا، والمطالبة بتجميد انضمام المزيد من الأعضاء في أوروبا هو جزء من المطالب الأمنية لروسيا التي قدمتها للغرب قبل الحرب.  

في الحالة المتطرفة الاستثنائية، قدر المحللون أن روسيا قد تستغل "نافذة الفرصة" أثناء عملية الانضمام - حيث لم تدخل المادة 5 حيز التنفيذ - لشن هجوم عسكري.


وقد حذر المتحدث باسم الكرملين "ديمتري بيسكوف" في الأيام الأخيرة من أنه ستكون هناك "عواقب وخيمة" لانضمام الدولتين إلى الناتو. وأضاف أن روسيا ستتخذ خطوات "لإعادة التوازن للوضع".

 وحذرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية من "عواقب عسكرية وسياسية" إذا انضم البلدان إلى الناتو.


قال الأمين العام لحلف الناتو، "ستولينتبيرج"، في مقابلة مع صحيفة "تلغراف" البريطانية، إن الوضع الأمني في أوروبا الشرقية ومنطقة البلطيق قد تغير بالفعل.  

وأضاف: "بغض النظر عن موعد وكيفية انتهاء الحرب في أوكرانيا، فقد كان للحرب بالفعل عواقب طويلة المدى على أمننا، يحتاج الناتو إلى التكيف مع الواقع الجديد، وهذا بالضبط ما نفعله". كجزء من التعديل، ورد أنه سيتم نشر قوات كبيرة على الحدود الشرقية للتحالف، قادرة على التعامل مع غزو محتمل.

 حاليا، ينشر الحلف فقط قوات "مؤقتة؛ بسبب الاتفاقات مع روسيا بشأن هذه القضية.


جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023