مع السنوار أو بدونه .. "إسرائيل" تفضل الهدوء دوماً

​​​​​​​

 نحوم برنيع

يديعوت أحرونوت


مع السنوار أو بدونه، فضلت "إسرائيل" دائمًا الهدوء على الحرب على (الإرهاب).

هذه الحكومة -أيضاً- تفضل فتح الحاجز للعمال بدلا من محاربة (الإرهاب) في قلب غزة مثل سابقاتها.

وخلافاً للنصيحة التي قدمها للعالم كله في كتابه، فإن "نتنياهو" دمر (الإرهاب) -فقط- عندما كان في المعارضة، كما حذا "بينيت" حذوه.

تعمل أدوات التبريد الإسرائيلية بشكل أفضل في عطلات نهاية الأسبوع، فقد كان "يحيى السنوار" مرشحاً مباشراً يوم الجمعة للاغتيال، وجمعت كل الأسباب من أجل يقين واحد: خطاب البلطة والسكين الذي ألقاه "السنوار" في غزة عشية الهجوم في إلعاد، الاستخدام الصادم للبلطة الذي قام به المنفذان، الإحباط والغضب من موجة الإرهاب التي ترفض أن تحتضر أمام فرحة عيد الاستقلال التي لم تكتمل، ونعم، هذا -أيضًا- المحنة السياسية الشديدة للحكومة.

يوم الجمعة، كان "السنوار" يجب أن يموت (ومطلوباً رقم 1)، هكذا أعلنت نيران القبيلة، وبعدها تم تبريد خطة الإغتيال بأعجوبة بحلول يوم الأحد، فأصبح كل شيء الآن مثاليًا، وأنقذت حياة "عاشق البلطة" من غزة في الوقت الحاضر.

الصعوبات، والقيود، والتوقيت، والثمن، وكل ما تم نسيانه يوم الجمعة ظهر وصعد يوم الأحد.

يبدو أنها طقوس معروفة: فور وقوع حدث صعب، يندفع السياسيون ووسائل الإعلام للتساوق مع عاصفة المشاعر في الشارع، كما هو الحال في العالم بأسره وهكذا في "إسرائيل".

يمر يوم، ربما يومان، ثم يعودون لصوابهم، لكن في "إسرائيل"، وأمام مواجهة (الإرهاب)، فلهذه العملية معاني أخرى أكثر جدية.

لنبدأ من الجانب التقني: بعد حادثة أمنية دراماتيكية، يعقد رئيس الأركان تقييمًا للوضع، وتذهب نتائج المناقشة إلى وزير الدفاع، ومن هناك إلى رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، في بلدان أخرى، تستغرق هذه العملية أيامًا وأسابيع، بينما في "إسرائيل" ينتهي الأمر في غضون ساعات.

يضغط رؤساء الوزراء للإسراع واتخاذ القرار، لأنهم يدركون أن فهم العالم للانتقام الإسرائيلي يتضاءل مع مرور الوقت، وأيضًا لأنهم منتبهون لتوقعات الرأي العام في الداخل، إذا انتظروا سيعتبرون ضعفاء، وصورة الضعيف شيء لا يستطيع أي رئيس وزراء أن يتحمله، ثم يكتشفون أن الجيش الإسرائيلي ليس لديه خطة، أو أن هناك خطة ولكنها غير ناضجة ومليئة بالثقوب.

كانت ثقة رؤساء الوزراء الإسرائيليين بقدرات الجيش الإسرائيلي مرتبطة دائمًا بشكل عكسي بالخطابات الحماسية التي ألقيت خلال يوم الاستقلال، وغالبًا ما يتخلون عن الرد العسكري؛ ليس بسبب تبدد غضبهم أو حذرهم، ولكن -ببساطة- لأنه لم يكن هناك عرض قابل للتطبيق على الطاولة، (كان الحذر عُذراً).

إن سياسة الحكومات الإسرائيلية تجاه (الإرهاب) هي قضية أكثر صعوبة وأكثر تلاعبًا، فــ"ياسر عرفات" كان الأول، حيث ذهب "رابين" و"بيريز" إلى "أوسلو" على افتراض أن الكيان الفلسطيني الذي سيتم إنشاؤه سيحل مشكلة "الإرهاب".

اعتقد "رابين" حينها أن "عرفات" سيتعامل مع الإرهاب "بدون محكمة العدل العليا وبدون "بتسيلم" وأن كل شيء سينجح، لكن لسوء الحظ، كان لدى "عرفات" نوايا أخرى، وأوضح ذلك في اليوم الذي وطأت فيه قدمه الأرض مرة أخرى، حيث قام بتهريب مطلوب في صندوق السيارة التي نقلته إلى غزة، وعلم الجيش الإسرائيلي، وكذلك قيادة الحكومة بذلك_و"سلموا بالأمر".

كتب "بوجي يعلون" في كتابه "طريق طويل قصير": "بعد بضعة أشهر في منصبي كرئيس قسم الاستخبارات، رأيت بوضوح أن "عرفات" لا يفي بالتزامه الأساسي بموجب اتفاقيات أوسلو_ "لا مزيد من العنف".

وزعم "بيريز" أن هذه عملية لم يستطع "عرفات" القيام بها، فكان تشخيصي مختلفًا: "المشكلة ليست القدرة بل الرغبة"، أقتبس من "يعلون" لأنه أخبرني بنفس الأشياء في الوقت الفعلي، بينما كان يرتدي الزي العسكري.

إن تصالح المستوى السياسي مع (الإرهاب) أفقدته صوابه، فالتناقض ذاته موجود في سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه حماس.

لقد انتهج "نتنياهو" سياسة (فرق تسد): السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحماس في غزة، يتقاتلون فيما بينهما، و"إسرائيل" تقاتل وتتعاون مع كليهما.

 تقاتل السلطة الفلسطينية على الساحة الدولية ضد استمرار سيطرة "إسرائيل" على المناطق، وهناك من يستمع إليها، وهذا هو سبب كونها العدو "الأكثر خطورة"، بينما حماس تطلق صواريخ على مستوطنات في "إسرائيل" وتشغل خلايا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي مصدرة (للإرهاب)، ولأنها لا تدعم المؤسسات الدولية فهي "أقل خطورة".

بصرف النظر عن فترات الطوارئ -كان (السور الواقي) هو الأبرز بينها- لم يكن (الإرهاب) أبدًا أولوية قصوى للحكومات الإسرائيلية، بل كان دائمًا هو القصة الجانبية، والحجر الذي يجبر السائق على الانحراف عن الطريق.

"نتنياهو"، وفي تناقض صارخ مع النصيحة التي قدمها للعالم كله في كتابه، "العيش بشكل جيد مع (الإرهاب)". لقد دمر (الإرهاب) -فقط- عندما كان في المعارضة، وحذا "بينيت" حذوه: دمر في المعارضة، واحتوى في الحكومة.


من الممكن، أن الحكومة -كانت يجب- أن تخبر الإسرائيليين بما قالته "شاكيد" عن كورونا: "يجب أن يتعلم المرء كيف يتعايش مع (الإرهاب)، أو بدلاً من ذلك، محاربة (الإرهاب) حتى قلب غزة، بكل ما يترتب على ذلك من تكاليف، لكن الحكومة مثل سابقاتها، أرادت شراء الهدوء، فدفعت أموالاً قطرية للسنوار، وفتحت الحاجز أمام العمال، وغضت الطرف عن التحريض العلني على (الإرهاب) في "إسرائيل" والضفة الغربية.

مع السنوار أو بدونه، هذا هو اختيار حكومتنا، البحر هو نفس البحر والإسرائيليون هم نفس الإسرائيليين.





جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023